هموم معيشية
| نبيل الملاح
سأتحدث في هذا المقال والمقالين اللاحقين عن هموم متعددة ومختلفة تتعلق بحياة المواطن ومعيشته ولن أقف عند عرض هذه الهموم؛ بل سأقوم بطرح الأفكار والرؤى لمعالجة أسبابها، آخذاً بعين الاعتبار الظروف الصعبة والمعقدة التي تمر ببلادنا ومنطقة الشرق الأوسط في ظل نظام عالمي بدأت ملامح انهياره تظهر بوضوح.
وحيث إن هذه الهموم متعددة الجوانب، وتتعلق بشكل أساسي بالفجوة القائمة بين دخل المواطن وتكاليف معيشته، وبدأت تكبر وتتسع منذ أن فُرضت قوانين (العولمة) في ظل ما سُمي النظام العالمي الجديد.
لابد من التذكير ببعض الحقائق وأهمها:
1- علينا أن نؤمن أن السياسة والاقتصاد متلازمان ولا يمكن فصلهما عن بعضهما.
2- أثبتت التجربة والواقع أن العولمة وقوانينها التي فُرضت على العالم بدءاً من اتفاقية التجارة الحرة العالمية، أضرت باقتصاد الدول النامية والفقيرة، ولم تخدم إلا مصالح من فرضها من الدول الكبرى والغنية، وأضيف إلى هذه الدول الصين التي كانت المستفيد الأكبر من اتفاقية التجارة الحرة العالمية.
3- إن الزراعة والصناعة هما دعامتا الاقتصاد الوطني وعماده، وكل تقييم أو تحليل لواقع الاقتصاد الوطني ينطلق من واقع ومعطيات هذين القطاعين.
4- علينا أن نؤكد أن اقتصاد الدولة يجب أن يقوم على رفع معدلات النمو وتحقيق التنمية المتوازنة؛ باستخدام منهجية اقتصاد السوق الاجتماعي الذي يكفل حرية النشاط الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، على أساس تكافؤ الفرص بين المواطنين في المشاركة والاستفادة من ثروات بلدهم وتعزيز المنافسة ومنع الاحتكار والاستغلال والغش. فاقتصاد السوق الحر لا يصلح إطلاقاً لبلادنا لأن مواردنا محدودة ولا توجد لدينا تراكمات رأسمالية كبيرة، ويبقى اقتصاد السوق الاجتماعي هو الأنسب لبلادنا مع التأكيد على ربط حرية النشاط الاقتصادي بالعدالة الاجتماعية.
5- لابد من الحفاظ على القطاع العام وإصلاحه وإعادة تأهيله ليكون قادراً على قيادة الاقتصاد الوطني، ودعم وتنشيط القطاع الخاص ليكون داعماً للاقتصاد الوطني ومنافساً للقطاع العام.
6- إن الحد من الفساد يساعد كثيراً في تخفيف معاناة الناس وهمومهم المعيشية.
هذه بعض الحقائق الجوهرية التي علينا أن ننطلق منها في تشخيص أسباب هموم الوطن والمواطن ووضع الحلول المناسبة والممكنة لها.
وقبل الخوض في هذه الهموم، لابد من الإشارة إلى ضرورة أن يسمع المسؤولون ما نقوله ويعملوا- ما استطاعوا- على معالجة القضايا التي تطرح في الصحافة والإعلام، وألا يبقى ما نكتبه مجرد (فشة خلق). وهنا لابدد لي من الإشارة إلى ما كتبته بعنوان «التنمية بين سلطة القاضي وممارسة المحامي» واستشعاري باهتمام مجلس القضاء الأعلى ووزارة العدل، متمنياً أن يلقى ما كتبته بعنوان «دمشق- وقضايا الخدمات» الاهتمام اللازم من المسؤولين في محافظة دمشق ومختلف الجهات الوصائية.
إن الأزمة التي تمر بها بلدنا تتطلب منا جميعاً العمل بإخلاص وتفان لتخفيف آثارها السلبية في المواطنين.
أنتقل إلى عرض بعض الهموم المعيشية وأهمها، وأبدأ بفوضى الأسواق والارتفاع المتلاحق للأسعار بشكل غير مبرر.
فلا أستطيع أن أفهم أسباب هذا الارتفاع الكبير لأسعار الخضار والفواكه التي تنتج في سورية، ولا يحصل الفلاحون والمزارعون إلا على جزء بسيط من قيمة مبيعها، ويذهب الباقي إلى خزائن تجار الجملة وسوق الهال، وتسديداً لمصاريف وأتاوات غير قانونية يتحملها من حيث النتيجة المواطن، لتزيد من أعبائه المعيشية التي تفوق قدرته أضعافاً مضاعفة..
وللحديث تتمة.