سورية

انقسامات في صفوف الميليشيات تضعفها في حلب

في الوقت الذي كان الجيش العربي السوري وحلفاؤه والقوى الرديفة يستعدون فيه لتحرير الأحياء الشرقية من مدينة حلب خلال تشرين الثاني الماضي رفعت إحدى الميليشيات التي تتحصن في تلك الأحياء، السلاح في وجه ميليشيا أخرى واستولت على مخازن الذخيرة والوقود والغذاء التابعة لها.
أكد هذا الحادث الذي وقع بالقرب من الخط الأمامي في حلب منافسات بين الميليشيات المسلحة ازدادت سوءاً في مواجهة عملية الجيش العربي السوري وحلفائه والقوى الرديفة لم يسبق لها مثيل.
وقد نُكبت الميليشيات المسلحة باشتباكات في صفوفها منذ بدء الأحداث في سورية قبل ما يقرب من السنوات الست الأمر الذي ساعد في اقتراب الجيش العربي السوري من تحقيق أكبر نصر في الحرب حتى الآن.
وتسبب التراجع السريع على غير المتوقع للميليشيات المسلحة في الأحياء الشرقية للمدينة في تبادل الاتهامات بين تلك الميليشيات المنقسمة بسبب منافسات محلية، إضافة إلى اختلافات عقائدية بين «الجهاديين» والجماعات غير المتشددة.
وفي الحادث الذي وقع الشهر الماضي تعرضت جماعة «فاستقم كما أمرت» التي تعمل تحت مظلة ميليشيا «الجيش الحر» لهجوم من ميليشيا «حركة نور الدين الزنكي» التي تعتبر نفسها جزءاً من «الحر» لكنها ازدادت اقتراباً في الآونة الأخيرة من الجماعات «الجهادية».
وألحق ذلك الضرر بالمعنويات. وقال مسؤول في ميليشيا أخرى من الميليشيات في حلب هي «الجبهة الشامية» متحدثاً من تركيا: «للأسف كان له أثر سلبي جداً في الفصائل والوضع الداخلي». وأضاف: «أثر في الحالة النفسية للمقاتلين والوضع الداخلي للمدنيين».
وكان ذلك الاشتباك بمثابة صراع على النفوذ مثلما يحدث في كثير من الأحيان بين الميليشيات المتعددة.
وقالت مصادر في «الزنكي»: إن خلفية الحادث تتمثل في خطة من جماعة فاستقم ضد واحد من حلفائها. وقالت فاستقم: إن «فصيل الزنكي يحاول سحق جماعات المعارضة الرئيسية في حلب بالتعاون مع الجهاديين في جماعة فتح الشام».
وقال المحلل في مجموعة الأزمات الدولية نواه بونزي: «من بعض الجوانب تدهورت العلاقات بين فصائل حلب في الوقت الذي بدأ فيه تصعيد الهجوم من القوات المؤيدة للنظام».
وأضاف: «وربما كان لذلك دور في القدرة المحدودة لدى المعارضة على الدفاع في مواجهة المراحل الأولى من الهجمات».
وأخذت الميليشيات المسلحة موقف الدفاع منذ مشاركة سلاح الجو الروسي إلى جانب الجيش العربي السوري في العمليات على التنظيمات الإرهابية في أيلول 2015.
وتقول الميليشيات المسلحة: إن انقساماتها الداخلية عامل هامشي على حين لحق بها من انتكاسات بالمقارنة مع قوة النيران التي تطلقها القاذفات الروسية والجيش العربي السوري وحلفاؤه.
غير أن الانقسامات كان لها دورها. فقد ساعد الصراع بين المعارضة هذا العام الجيش العربي السوري وحلفاءه على تحقيق مكاسب كبيرة بريف دمشق.
وعزا القائد الجديد لميليشيا «حركة أحرار الشام الإسلامية» إحدى أكبر الميليشيات ما منيت به الميليشيات من انتكاسات إلى «انقسامات مدمرة» وحث على بذل جهد جديد من أجل وحدة الصف.
لكن «أحرار الشام» تواجه أيضاً انقسامات في صفوفها بين معسكر تربطه صلة وثيقة بجماعات «الجيش الحر» ومعسكر آخر يريد توثيق العلاقات مع المقاتلين الذين يستلهمون فكر تنظيم «القاعدة».
وتبذل الميليشيات ما قد تكون محاولة أخيرة لتنظيم صفوفها في قوة أكثر فعالية باسم «جيش حلب». غير أنه ربما كان الأوان قد فات بعد أن فقدت الميليشيات أكثر من 60 بالمئة من الأراضي التي كانت تسيطر عليها في المدينة.
وإذا ما خسرت الميليشيات الأحياء الشرقية فستظل تسيطر على مناطق في ريف المحافظة الغربي والجنوبي الغربي وأيضاً محافظة إدلب ومناطق من ريف محافظة حماة.
لكن هذه مناطق تهيمن عليها تنظيمات «جهادية» منها «جبهة فتح الشام» المعروفة في السابق باسم «جبهة النصرة» فرع تنظيم القاعدة في سورية سحقت خلال الحرب ميليشيات عديدة تحظى بدعم غربي.
وثبط نفوذ «الجهاديين» من عزم الولايات المتحدة لتزويد الميليشيات بأسلحة أقوى طالبت بها. وقد أشار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب أنه «قد يمتنع عن دعم المعارضة بالكامل».
وقال أحد قادة الميليشيات في مدينة شمالي حلب: إن أهالي المنطقة رفعوا لافتات «تنتقد قادة المعارضة بدلاً من الاحتجاج على (الرئيس بشار) الأسد». وأضاف: «كلهم يطالبون بالوحدة».
«رويترز»

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن