سورية

اعتبرت أن أعضاء مجلس الشعب تنقصهم «الثقة والجرأة» وأكثرهم لا يهمهم سوى التمثيل البرلماني…سعادة لـ«الوطن»: «كلمتنا» رد على التغييب والمجتمع يجب عدم إبعاده عن صناعة القرار

 أنس وهيب الكردي – محمد منار حميجو – تصوير: طارق السعدوني : 

اعتبرت عضو مجلس الشعب ماريا سعادة، أن ما ينقص المجلس بل المجتمع السوري هو «الثقة والجرأة»، وقللت من أهمية تحركات المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، ورأت أن الحلول المطروحة لحل أزمة سورية «تجميلية وليست جذرية»، لأن الأزمة هي أزمة بقاء الدولة والمجتمع، وليست أزمة نظام وشعب أو سلطة ومعارضة كما روج لها سابقاً.
سعادة، وفي حديث مع «الوطن»، نبهت إلى تغييب المجتمع السوري عن طاولة المشاورات الدولية والمنابر الدولية لمصلحة المعارضة والمجتمع المدني المدعوم من الخارج، مؤكدةً أن هذا التغييب هو ما دفعها إلى دعوة نحو مئة شخصية، يمثلون شريحة من المجتمع السوري، للاجتماع في ورشة عمل حملت اسم «كلمتنا»، بهدف إبراز صوت المجتمع ومطالبه من الدولة بسلطاتها ومؤسساتها وأجهزتها المختلفة، والمجتمع الدولي. وذكرت، أن الورشة شددت على ضرورة المشاركة بين الدولة والمجتمع في آلية صنع القرار، وطالبت المجتمع الدولي بإلزام الدول المعتدية على سورية بوقف الحرب على سورية.
وشخَّصت سعادة بعضاً من ثغرات العمل البرلماني تحت قبة المجلس، وشددت على ضرورة إيجاد آلية ربط بين المجتمع ومجلس الشعب والحكومة وأصحاب المصالح والأكاديميين.

رفض للطريقة التقليدية لحل الأزمة

واعتبرت سعادة، أن الحلول المطروحة في سورية مخالفة للواقع على الأرض. وأبدت أسفها لأن هذه الحلول «تجميلية وليست جذرية أي إنها غير قابلة للاستمرار». وأشارت إلى أن «الأزمة أصبحت في مكان ونحن في مكان آخر كلياً»، لافتةً إلى أن توصيف الأزمة في البداية يختلف عن توصيفها الراهن، وموضحةً: «في البداية كنا نقول معارضة ومولاة، وبعد فترة أصبحنا نقول طوائف ومذاهب وأعراق، بعدها أصبح المعيار معتدلاً ومتطرفاً». ورفضت حل الأزمة على «الطريقة التقليدية» أي تقاسم للسلطة بين «نظام ومعارضة»، معتبرةً أن القول بذلك هو «انتقاص لعقول الناس لأن الحرب التي تتعرض لها سورية أكبر من أي انتماء سياسي». واستطردت موضحةً: «لو كان الصراع في سورية على السلطة (فعندها) يجب على دي ميستورا أن يفكر بحل سياسي تشارك فيه جميع القوى بما في ذلك العسكر»، وأردفت بالقول: «إلا أن الصراع اليوم هو في مكان آخر» ويتمثل في «محاربة الدولة السورية من الإرهاب ومحاولة إسقاطها وتفتيت المجتمع. ومن هذا المنطلق، فإن الجميع أصبح معنياً بالحل بما في ذلك المجتمع بكل مكوناته وانتماءاته السياسية». ودعت جميع السوريين إلى الترفع عن أي انتماء سياسي، والإيمان عوضاً عن ذلك، أن المجتمع بكل أطيافه ومكوناته، هو الشريك الوحيد في صناعة القرار، معتبرةً أن المسألة أكبر من أي تمثيل حزبي أو سياسي لأنها مسألة بقاء الدولة والمجتمع.

تحركات دي ميستورا «تقطيع للوقت»
وترافقت المقابلة، مع زيارة دي ميستورا الأسبوع الماضي إلى سورية، إلا أن سعادة قللت من أهمية تحركات المبعوث الأممي، مؤكدةً أنها مجرد «تقطيع وقت». وفي انتقاد للمشاورات التي عقدها المبعوث في مدينة جنيف السويسرية لأطراف سورية وإقليمية ودولية من أجل حل الأزمة في سورية، شددت على أن «الحل لا يمكن أن يكون بمشاروات مع طرف من دون الآخر أو بتجاهل القوى الساسية الأخرى، لأنه من المفروض أخذ كل الآراء بما في ذلك معارضة الداخل والخارج والأحزاب المشكلة حديثاً والشخصيات الاعتبارية في المجتمع». ومضت قائلة: «إلا أن هذا لم يحدث»، منبهةً إلى أن عملية المشاورات شابها خللٌ يتمثل في التعامل بـ«انتقائية» مع الداخل، بمعنى آخر إن هناك تغييباً للداخل السوري.

«كلمتنا» أرادت تذكير الدولة بأن المجتمع يجب عدم إبعاده عن صناعة القرار
وأضافت عضو مجلس الشعب: «لذلك، عملنا على تفعيل دور المجتمع من خلال ورشة العمل «كلمتنا» التي أردنا من خلالها تذكير الدولة بأن المجتمع السوري قادر على أن يكون جزءاً من الحل وأنه يجب عدم إبعاده عن صناعة القرار». وأوضحت أن المشاركين في ورشة «كلمتنا» ميزوا بين الدولة والنظام السياسي، ووجهوا رسالتين، الأولى للدولة، وتتضمن ضرورة تعديل مفهوم التشاركية بينها وبين المجتمع، مشددين على ضرورة ألا تعمل الدولة منفردة من دون أن يكون للطرف الآخر دور في صناعة القرار. أما الرسالة الثانية، فتتمثل بحسب سعادة، في دعوة الأمم المتحدة إلى مطالبة الدول التي تشارك في الحرب على سورية بالكف عن محاربة دولة عضو في الأمم المتحدة، لأن في ذلك انتهاكاً للقانون الدولي، وأيضاً مطالبة تلك الدول برفع جميع الإجراءات القسرية آحادية الجانب (العقوبات الاقتصادية) عن كاهل الشعب السوري لأنها «غير شرعية» باعتبار أن مجلس الأمن الدولي هو الجهة الوحيدة المخولة بفرض عقوبات اقتصادية على الدول الأعضاء بالأمم المتحدة.
وبينت سعادة أن الرسالة الثانية تضمنت أيضاً التشديد على تطبيق قرارات مجلس الأمن حيال مكافحة الإرهاب، ولا سيما القرارات (2170 – 2178 – 2199) التي تلزم الدول الأعضاء بالأمم المتحدة بقطع العلاقات مع التنظيمات الإرهابية واتخاذ كامل الإجراءات الهادفة إلى تجميد وقطع مصادر التمويل عنها ومنع عمليات تهريب الآثار والاتجار بها.

ضمان وحدة سورية بدعم جيشها
ولفتت سعادة إلى أن ورشة «كلمتنا» وضعت أيضاً «جملةً من الثوابت، التي من الممكن أن تكون قاعدة لإيجاد الحل، وعلى رأسها، وحدة سورية»، وبينت أن الورشة شددت على أن الوحدة «لا تكون في الجغرافية والشعب فقط، بل لا بد من وضع معايير وضمانات تضمن هذه الوحدة، وأولها دعم الجيش العربي السوري والحفاظ على مؤسسات الدولة وإحداث نوع من التوازن الاقتصادي، إضافة إلى تماسك المجتمع».
ومن الثوابت أيضاً، وفقاً لسعادة، «الحفاظ على الهوية السورية، التي هي مجموعة انتماءات مشكلة من نتاج الحضارات المتعاقبة عبر التاريخ على الجغرافية السورية»، مع التأكيد أن التراث السوري هو جزء من هذه الهوية لما يحمله من حقبة تاريخية مرت بها سورية. ولخصت سعادة ذلك بالقول: «نحن (السوريين) نحمل تراكماً جمعياً من حضارات وثقافات وأديان وأجيال» تمتد لأكثر من عشرة آلاف عام.

«كلمتنا» عملت على إدخال
المجتمع كجزء من الحل
وميزت عضو مجلس الشعب بين جزأين للتراث الحضاري، أولهما، مادي وهو عبارة عن جملة الآثار والمدن التراثية التي تزخر بها سورية، والتي تعرضت في معظمها للنهب والسرقة من الطرف المسلح، وثانيهما التراث اللامادي، الذي يتمثل بالعادات والتقاليد وتنوع النسيج الاجتماعي. وأكدت أن الحرب التي تستهدف حالياً المجتمع السوري لا تهدد التراث المادي، فحسب، بل، التراث اللامادي أيضاً، لأنها تقتلع الإنسان حامل التراثين وتهجره خارج أرضه. وأردفت قائلةً: «لذلك نقول إن المجتمع السوري أصبح بخطر. وهذا يعني أن الدولة أصبحت في خطر، لأن تفكيك البنية المجتمعية يعني انهيار الدولة، وبقاء المجتمع يعني بقاءها. ومن هذا المنطلق، عملنا من خلال ورشة «كلمتنا» على إدخال المجتمع السوري كجزء من الحل لأنه لا يمكن أن يصنع هذا الحل، والفئة الكبرى وهي المعنية مستبعدة عن صناعته».
وإذ أشارت سعادة إلى أن ما ينقص المجتمع السوري هو الثقة والجرأة، تحدثت عن وجود «مشكلة حقيقية في آلية التواصل» بين المجتمع والسلطات المعنية بصناعة القرار التي «تقتصر فقط على الأوراق البريدية الروتينية»، ونبهت إلى أن هذه الآلية لا يمكن أن تصنع مؤسسات قوية. وشددت على ضرورة إيجاد آلية ربط بين المجتمع ومجلس الشعب والحكومة لأن عدم الربط بين هذه الجهات أدى إلى صدور العديد من «القرارات الخاطئة»، واستشهدت بالعديد من القرارات الاقتصادية التي تركت «آثاراً سلبيةً على الاقتصاد الوطني والمواطنين ورجال الأعمال».

مجلس الشعب لا يقوم بدوره
ورداً على اتهامات أحزاب المعارضة في الداخل لمجلس الشعب بالشلل، قالت سعادة: «إننا أعضاء مجلس الشعب تنقصنا الجرأة والثقة. فالمجلس اليوم، لا يؤخذ دوره الحقيقي في التشريع لأنه لا يحتوي إلا على عدد من الأعضاء المهتمين في إشراك المجتمع والتواصل مع جميع الطبقات المجتمعية، وهم للأسف ضاعوا بين أكثرية لا يهمها سوى التمثيل البرلماني».
وخلصت إلى أن مجلس الشعب يجب أن يتحول إلى ورشة كبيرة، ورأت أن لجوء المجلس إلى عرض مشروع القانون المناقش على موقع المجلس غير كاف لأن المجتمع لم يتم تثقيفه حول المشروع، وأكدت وجوب إشراك المجتمع السوري بأي مشروع قانون يناقش تحت قبة مجلس الشعب عبر ورشات عمل يشارك فيها ممثلون عن كل الفئات المجتمعية، وفي هذا الصدد، اقترحت أن تعقد لجان المجلس لدى مناقشتها أي مشروع قانون، اجتماعات مع ممثلين من الوزارات المعنية، وأصحاب المصالح، والفئات المهتمة من الشعب، إضافة إلى الأكاديميين المختصين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن