سورية

كيري لمفاوضات وعملية انتقالية «الرئيس الأسد جزء منها» ومع «دمج المعارضة بالحكومة» ولافروف لإخراج جميع المسلحين من حلب «ومن يرفض يعتبر إرهابياً»

| وكالات

أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن أمله في التوصل قريباً إلى اتفاق بين موسكو وواشنطن، ينهي قضية حلب وينص على خروج جميع المسلحين من المدينة، مشدداً على أن من يرفض الخروج يعتبر إرهابياً وستدعم موسكو عملية الجيش العربي السوري ضده. وأكد أن الجانب الروسي كان مستعداً لبدء المشاورات فوراً، لكن واشنطن طلبت تأجيل لقاء الخبراء قليلاً، ومن المتوقع أن تبدأ، مساء الثلاثاء أو صباح الأربعاء.
في المقابل بدا التراجع الأميركي أمام انتصارات سورية وحلفائها واضحاً، حيث أكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن حل الأزمة في سورية سياسي وأن لا حل عسكرياً لها، مقراً بما أكدته سورية مراراً بأن الشعب السوري هو من يقرر مستقبله، ومعلناً استعداد بلاده للقبول بمفاوضات وعملية انتقالية يكون الرئيس بشار الأسد جزءاً منها.
ويرى مراقبون أن حديث زعيم الدبلوماسية الروسية غلب عليه نشوة النصر، حيث طغى على كلامه الطابع التحذيري كما وجه لواشنطن العديد من التنبيهات والنصائح، وذلك استناداً إلى ما حققه الجيش العربي السوري من انتصارات على التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة في الأحياء الشرقية لمدينة حلب حيث تمكنت منذ بدء عمليتها وحتى الآن من استعادة السيطرة على ما يزيد على 65% من تلك الأحياء وسط انهيارات في صفوف مسلحي واشنطن والغرب والدول الإقليمية المعادية لسورية.
وخلال مؤتمر صحفي مع نظيره الفلبيني في موسكو، أمس، قال لافروف وفق ما نقل الموقع الإلكتروني لقناة «روسيا اليوم»: الاتفاق «يجب أن ينص على خروج جميع المسلحين، فيما سيتم التعامل مع أولئك الذين سيرفضون الخروج، باعتبارهم إرهابيين وسندعم عملية الجيش السوري ضد مثل هذه العصابات».
وأوضح لافروف أن خبراء روساً وأميركيين سيبدؤون العمل في جنيف قريباً، من أجل إتمام صياغة الاتفاق، مؤكداً أن لدى موسكو «ما يبعث على الأمل» في نجاح الجهود الروسية الأميركية من أجل إنهاء قضية حلب، وإعلان وقف إطلاق النار هناك وإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين.
وأشار إلى أن اقتراح نظيره الأميركي جون كيري حول تسوية الوضع في حلب، ينص على مسارات معينة لخروج المسلحين من حلب ومواعيد محددة لهذه العملية. وكان كيري قد سلم اقتراحاته للجانب الروسي خلال لقائه لافروف في روما يوم الجمعة الماضي، وعلق وزير الخارجية الروسي حينها على تلك الاقتراحات، قائلاً إنها تتناسب مع المقاربات الروسية الأساسية بشأن سورية.
وشدد لافروف أمس قائلاً: «إننا ننطلق من أن الأميركيين، عندما قدموا مبادرتهم حول ضرورة خروج جميع المسلحين من شرقي حلب، كانوا يتفهمون تماماً ما الخطوات المطلوب اتخاذها من جانبهم ومن جانب حلفائهم الذين لهم التأثير على المسلحين المتخندقين في شرق حلب». وأكد أن الجانب الروسي كان مستعداً لبدء المشاورات اعتباراً من أمس، لكن واشنطن طلبت تأجيل لقاء الخبراء قليلاً، ومن المتوقع أن تبدأ تلك المشاورات، مساء الثلاثاء أو صباح الأربعاء.
واستطرد بصيغة الإنذار لواشنطن قائلاً: «إنني آمل في أن تستغل واشنطن هذه المهلة التي طلبتها، من أجل استخدام كل القنوات المتاحة من أجل تنفيذ مهمة إخراج جميع المسلحين من شرقي حلب».
وبشأن مواضيع المشاورات الروسية الأميركية القادمة، أوضح لافروف أنها ستركز على مسارات خروج المسلحين، ومواعيد هذه العملية، مؤكداً أن وقفاً لإطلاق النار سيدخل حيز التنفيذ في حلب فور تنسيق كل التفاصيل.
وأضاف: «في حال جاء التعاون الروسي الأميركي حول هذه المسائل بنتيجة (ولدينا ما يدفعنا إلى الاعتقاد بأنه سينجح) فسيتم حل قضية شرقي حلب».
وكان لافروف أشار في تصريحات له السبت إلى أن هناك خطوات تجري دراستها مع واشنطن حول التسوية في حلب وشدد على ضرورة أن تتوج المشاورات في جنيف بتحديد مواعيد دقيقة لانسحاب جميع المسلحين من دون استثناء من أحياء شرقي حلب لا أن تكون مجرد لقاء بحد ذاته لافتاً إلى أن ذلك فقط يمكن أن «يتيح إيصال مساعدات إنسانية إلى المناطق المنكوبة وتطبيع الأوضاع فيها».
وأعلن لافروف السبت إثر لقاء مع نظيره الأميركي جون كيري في روما أن الأخير قدم إليه «اقتراحات أميركية تأتي في السياق نفسه للمقاربات (لتسوية النزاع في حلب) التي يدعمها الخبراء الروس منذ فترة طويلة».
وأضاف لافروف: «نحن مستعدون لإرسال خبرائنا العسكريين ودبلوماسيينا إلى جنيف على الفور للتنسيق مع نظرائنا الأميركيين حول الخطوات المشتركة التي يمكن أن تتيح ضمان رحيل كل المتمردين من دون استثناء من شرقي حلب».
وكان كيري قال الجمعة: إن «لقاء سيجري مطلع الأسبوع المقبل في جنيف» لمناقشة سبل إنهاء النزاع في حلب.
ويحقق الجيش العربي السوري والقوات الرديفة والحليفة تقدماً في أحياء شرقي حلب منذ بدء عملياته في الخامس عشر من تشرين الثاني الماضي لاستعادة السيطرة على تلك الأحياء وتحرير ما يقرب من ربع مليون مدني من احتجاز تلك التنظيمات لهم واستخدامهم كدروع بشرية.
وفي ساعة متأخرة من ليل الأحد الإثنين رأى كيري خلال منتدى نظمه مركز «سابان» لدراسة الشرق الأوسط في واشنطن أمس، وفق ما نقلت وكالة «سانا» للأنباء، أن «على الجميع أن يدركوا أن الحرب في سورية لن تنتهي دون التوصل إلى تفاهم سياسي حول مستقبل البلاد على المدى البعيد يتم فيه دمج المعارضة بأجهزة الحكومة وذلك يمكن تحقيقه فقط في جنيف خلال نوع ما من المفاوضات».
وتصنف واشنطن عدداً من التنظيمات الإرهابية التي تعمل تحت جناح «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقاً) المدرجة على اللائحة الدولية للتنظيمات الإرهابية بأنها «معارضة معتدلة»، وفشلت الإدارة الأميركية الحالية في فصل ما تسميها «المعارضة المعتدلة» عن فتح الشام. وتصر الولايات المتحدة رغم تصريحات مسؤوليها بشأن الحل السياسي للأزمة في سورية على دعم تنظيمات مسلحة وتحول دون إضافتها إلى قوائم الإرهاب في تناقض يفضح حقيقة الموقف الأميركي من الأزمة ودعمها لتلك التنظيمات.
وقال كيري: «نحن الآن مستعدون للقبول بمفاوضات تتضمن الحديث عن عملية انتقالية وأن الرئيس بشار الأسد جزء من هذه العملية».
وأضاف: إنه «في نهاية الأمر سيكون هناك انتخابات في سورية والشعب السوري هو من سيتخذ القرار ويختار قيادته المستقبلية»، معتبراً أن «الوصول إلى هذه المرحلة يعتمد على ما سيحدث خلال الأسابيع والأشهر المقبلة والإجراءات التي سيتم اتخاذها مع روسيا والرئيس الأسد وإيران بهذا الشأن».
وكان وفد «معارضة الرياض» عمد في نيسان الماضي إلى تعليق مشاركته في محادثات جنيف بعد تلقيه أوامر بذلك من رعاته وداعميه من الغرب وأميركا والخليج حيث علقت وزارة الخارجية الروسية على ذلك بالقول: إن «المحادثات السورية لا يجب أن تصبح سوقاً وابتزازاً للمجتمع الدولي»، موضحة أن مجموعة «معارضة الرياض تستعرض بخطواتها مرة أخرى المستوى المنخفض لقدرتها الذاتية على الاتفاق ما يؤكد فقط أن مزاعمها بالاحتكار الشامل لتمثيل المعارضة السورية هزيلة وهشة».
إلى ذلك أقر وزير الخارجية الأميركي بأن الوضع قد اختلف الآن في مدينة حلب «ومن الواضح أن الجميع يركزون على محاربة تنظيمي داعش وجبهة النصرة».
ودعمت واشنطن على مدى سنوات الحرب على سورية، التنظيمات الإرهابية والمسلحة على مختلف مسمياتها بالمال والسلاح وأنشأت لها معسكرات تدريب في دول مجاورة وقامت بالتغطية على جرائمها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن