من دفتر الوطن

فن الاعتراف بالفشل!!

| عبد الفتاح العوض 

من اللحظات التي نرى فيها العالم الديمقراطي متحضراً تلك التي يخرج فيها الخاسر بالانتخابات ليعترف بأنه خسر ويهنئ الفائز.. مثل هذا السلوك غير متوافر في حياتنا العامة وكي لا أدخل في تشعبات عديدة أريد أن أطرح الفكرة مباشرة بشكل سؤال.. هل تمتلك «المعارضة» شجاعة الاعتراف بالفشل والخسارة؟
هنا لا أتحدث عن جسد موحد له رأس واحد بل أتحدث عن «شظايا» شخصيات مبعثرة هنا وهناك لكنها في الوقت ذاته قدمت نفسها أو قدمها آخرون على أنها «معارضة» أو جزء من المعارضة.
بعيداً عن مسببات الفشل وأسباب الخسارة فإن الشيء المؤكد أن هذا الفشل أصبح أمراً واضحاً تماماً وعليهم أن يعترفوا به ويقروا بالخسارة.
هذه القضية ليست مجرد كلمة «أسف» لقد أخطأنا، فلا يمكن أن تكون مثل هذه الطريقة مناسبة ونحن نتحدث عن بلد تدمر معظم بيوته وتهجر جزء كبير من سكانه وأصبح قسم ليس قليلاً في عالم الآخرة.
كلمة «أسف» ليست صالحة ولا مناسبة ولا يمكن التعويل عليها أبداً. لذا فإن الاعتراف بالفشل يأخذ بعداً آخر.. وهنا لا نقول دفع فاتورة الفشل والخسارة.. ربما في هذه الحالة ليس لأحد أن يعترف أصلاً ما دام سيجد نفسه أمام دفع الثمن.. لكن يمكن التعويض عن دفع الثمن بالمساهمة في تسريع الحل وإصلاح الحال.
هنا لا أستخدم تعابير لغوية.. تسريع الحل بأن تعترف بالخسارة وتعلن أن الطريق الذي سلكته يجب أن ينتهي الآن وفوراً.. تسريع الحل أن يعود الحل سورياً وسورياً صرفاً وصافياً.. أما إصلاح الحال فبدلاً من الرفض والتشنج والذهاب أبعد في ميدان الخسارة والفشل المساهمة في طرح أفكار توافقية تساعد على إصلاح النفوس والبدء من جديد في طريق إعادة بناء سورية.
بكل صراحة:
لا يلوح بالأفق أن لدينا شخصيات تمتلك شجاعة الاعتراف بالخسارة أو بالفشل. لأنهم أقل قدراً من هذه الفضيلة، وسأكون سعيداً لو كنت على خطأ في هذه الحالة.
ثلاث نقاط تشوش على هذا الطرح.. أولاً ما يجري ليس انتخابات بل هو نتاج حرب وصراع.. والرد أن نتيجة هذه الحرب ما كانت لتكون لولا نوع آخر من «انتخاب» وهو إلى أي جانب أو في أي طرف كانت الأغلبية… والأغلبية السورية ليست راضية عما آلت إليه أحوال سورية والسوريين.
ثانياً إننا هنا لا نتحدث عن رابح وخاسر.. فالسوريون خسروا الكثير، الرابح هو الأقل خسارة.
وثالثاً إن الغاية من الاعتراف بالفشل ليس الوصول للانتقام بل لنوقف هذا النزيف الدامي.
أخيراً هي دعوة للاعتراف بالخطأ وهي تحتاج لتأنيب ضمير، هذا إن كان ما زال على قيد الحياة.

أقوال:
يمكن لأي شخص التعامل مع النصر.. فقط الأذكياء يمكن أن يتعاملوا مع الهزائم بحكمة.
من الجيد الاحتفال بالنجاح ولكن الأهم استخلاص الدروس من الفشل.
سقوط الإنسان ليس فشلاً، ولكن الفشل أن يبقى حيث سقط.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن