سورية

آخر اجتماعات «الأصدقاء» في عهد أوباما تكشف عجزهم … كيري يحيي مبادرته بخصوص حلب.. ويريد ضمانات روسية لخروج المسلحين .. تحفظ تركي على مشاورات الخبراء الروس والأميركيين

| الوطن- وكالات

لم يتمكن رئيس الدبلوماسية الأميركية جون كيري، الذي ربما أوحى لنظيره الفرنسي جان مارك إيرولت باستضافة اجتماع طارئ لدول النواة الصلبة في «مجموعة أصدقاء سورية» (مجموعة لندن) في العاصمة الفرنسية، من إزالة التحفظات التركية على مساعيه لإنهاء أزمة حلب، عبر إخراج جميع المسلحين من القسم الصغير الذي حشروا فيه. وسعى كيري إلى نيل موافقة المجموعة على مبادرته التي قدمها لنظيره الروسي سيرغي لافروف في العاصمة الإيطالية روما قبل عشرة أيام، وسحبتها واشنطن لاحقاً. ووازن هذا السعي بمطالبة موسكو بتقديم ضمانات لسلامة المغادرين من المسلحين.
واضطرت دول «مجموعة لندن»، التي خسرت معظم أوراقها في الميدان، إلى لعب «الورقة السياسية» عبر إجبار «الهيئة العليا للمفاوضات» على التخلي عن كل شروطها من أجل العودة إلى مفاوضات جنيف. ولم يسعد هذا «الإنجاز اليتيم» وزير الخارجية الفرنسي، الذي طالب بتحديد معايير واضحة للانتقال السياسي على الرغم من أن الحقائق الميدانية تجاوزت هذا الموضوع.
وعلى الأرجح أن كيري الذي مثل بلاده لآخر مرة بوصفه وزير خارجية في إدارة الرئيس باراك أوباما الراحلة، في اجتماع «مجموعة لندن»، سعى إلى إفهام جميع الدول المتحالفة مع واشنطن، تداعيات استلام دونالد ترامب لمنصب الرئاسة الأميركية على الأزمة السورية، وخصوصاً في ضوء ما يعده الأخير من خطط، تتضمن وقف دعم المسلحين والتعاون مع موسكو ودمشق لهزيمة تنظيم داعش. وجاء اجتماع باريس بعد يومين من إعلان روسيا وقف العمليات القتالية في شرقي حلب لتنفيذ عمليات إخلاء الجرحى والمدنيين. واختتم ممثلون عن الاتحاد الأوروبي وتركيا وخمس دول غربية وأربع دول عربية، اجتماعهم الذي عقدوه بحضور المنسق العام لـ«الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة رياض حجاب، ورئيس ما يسمى «المجلس المحلي لمدينة حلب» بريتا حجي حسين، بالدعوة إلى وضع حد لمعاناة المدنيين والمطالبة بالتوصل إلى حل سياسي، على حين غلب على المجتمعين شعور بالعجز.
وطالب وزراء خارجية فرنسا والولايات المتحدة وقطر وألمانيا في مؤتمر صحفي ختامي بـ«وضع حد للحرب الهمجية» و«مواصلة التحرك لتخفيف معاناة المدنيين»، معتبرين أن المفاوضات تشكل «الطريق الوحيد للسلام في سورية». وشدد الوزراء على أن سقوط حلب لن يكون نهاية للحرب في سورية.
وحافظ كيري على تكتيكه المتمثل في محاولة الفصل بين دمشق وموسكو، عبر انتقاد الجيش العربي السوري، وفي الوقت نفسه مطالبة روسيا بالضغط على الحكومة السورية من أجل كبح جماح قواتها على الأرض.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن كيري قوله للصحفيين: إن «القصف العشوائي من النظام ينتهك القوانين، أو في كثير من الحالات (يعتبر) جرائم بحق الإنسانية، وجرائم حرب»، ودعا روسيا إلى «بذل قصارى جهدها لإنهاء ذلك»، وتحدث عن أزمة ثقة تعوق خروج المسلحين من شرقي حلب. وقال بحسب ما نقلت وكالة «رويترز»: «المقاتلون.. لا يثقون في أنهم إذا وافقوا على الرحيل لمحاولة إنقاذ حلب، فإن هذا سينقذ المدينة، ولن يمسهم سوء وستكون لديهم حرية حركة حيث لن تتم مهاجمتهم فوراً». ودعا كل من روسيا و(الرئيس بشار) الأسد بعد أن «أصبحا في موقف المهيمن»، أن يظهرا «القليل من حسن النيات»، ووجه دعوة خاصة إلى روسيا كي توفر ضمانات للمقاتلين الفارين من شرقي حلب، مشيراً إلى أن محادثات الخبراء الروس والأميركيين الجارية في مدينة جنيف السويسرية تهدف إلى التوصل إلى سبيل محتمل لمحاولة إنقاذ الأرواح.
وقبل يومين، أعلن كيري عن مشاورات ستجري السبت (أمس) بين خبراء روس وأميركيين لمحاولة «إنقاذ حلب من دمار تام»، عبر وقف لإطلاق النار وإجلاء المدنيين والمسلحين، وإدخال مساعدات إنسانية، في عودة إلى المبادرة التي حملها إلى لافروف في روما قبل عشرة أيام وتراجعت عنها واشنطن الثلاثاء الماضي عشية انعقاد مشاورات الخبراء في جنيف، ما نسف الاجتماع.
ولا يخفي وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو تحفظه على مبادرة كيري. وقال: إن المسلحين يخاطرون بتعرضهم للقتل في مناطق أخرى من سورية إذا غادروا مدينة حلب وشكك في أن يسفر اجتماع باريس عن نتائج ملموسة. ونقلت وكالة «رويترز» عن جاويش أوغلو تصريحات تلفزيونية أدلى بها من العاصمة الفرنسية، تساءل فيها: «ماذا سيحدث لقوات المعارضة إذا غادرت حلب. ألن يقتلوا في أماكن أخرى؟… لن يأت أحد بحلول ملموسة» في إشارة إلى محادثات تجري في فرنسا.
من جهة أخرى، ذكر إيرولت أن «الهيئة العليا للمفاوضات» أكدت استعدادها لاستئناف مفاوضات جنيف من دون شروط مسبقة. لكن مصدراً دبلوماسياً أوضح أن الهيئة لن تجلس إلى طاولة المفاوضات إلا إذا تم إدراج الانتقال السياسي في سورية بوضوح على جدول الأعمال. واللافت أن كيري حث «الهيئة العليا» على العودة إلى طاولة المفاوضات من دون شروط، مؤكداً أن حل الأزمة السورية يجب أن يكون سياسياً.
وتساءل إيرولت: «أي سلام إذا كان سلام القبور؟»، مشدداً على ضرورة «تحديد شروط انتقال سياسي فعلي من شأنه ضمان مستقبل لسورية يسودها السلام»، ودعا إلى «استئناف المفاوضات على أسس واضحة بموجب قرار الأمم المتحدة رقم 2254»، الذي وضع خريطة طريق لتسوية الأزمة السورية. وأوضح أن «باريس لن تقبل بأي حل يؤدي لإنقاذ الحكومة السورية»، مشيراً إلى أنه «يجب على المجتمع الدولي التعامل مع الحكومة السورية بحزم».
من جهته، طالب وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير دمشق وموسكو وطهران بـ«إفساح المجال أمام الناس للخروج» من حلب. وقال: «إذا كانت روسيا وإيران والنظام تواصل التأكيد أن مقاتلين متطرفين لا يزالون في المدينة، لا يمكنني أن أشكك في ذلك، لكن وجود مقاتلي (جبهة) فتح الشام (النصرة سابقاً) لا يمكن أن يسوغ تحويل مدينة برمتها إلى رماد».
وأكد شتاينماير عدم اتفاق أعضاء مجموعة لندن على مسائل بعينها. وقال: إن «المشاركين في اجتماع باريس لم يتوافقوا حول كل المسائل» واستدرك: «لكن الجميع اتفق على ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية وجعلها أولوية». بدوره، شدد الموفد الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا على أولوية إجلاء المدنيين من حلب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن