ثقافة وفن

كلّ منتج إبداعي درامي في سورية يمكنه المشاركة في المهرجان ليكون على المحك … سمير حسين لـ«الوطن»: أكرَّم في مهرجان إيمي أوورد على حين يبدو أنه ليس زمني في سورية!

| عامر فؤاد عامر

شارك في الدورة الجديدة لمهرجان إيمي أوورد 21 ألف مسلسل درامي، وخلال 9 أشهر تمّت تصفيات المسلسلات، من خلال لجان محكّمة، ليتمكن المسلسل السوري «بانتظار الياسمين» أن يكون من المسلسلات الأربعة الأخيرة؛ التي بقيت في هذه المسابقة عن أفضل أعمال الدراما عالمياً خلال عام 2015. الأعمال الثلاثة التي وصلت للنهائيات مع العمل السوري كانت من ألمانيا وكندا والأرجنتين. وبذلك تكون سورية حائزة ميدالية ذهبيّة، وشهادة تقدير خاصّة، من أهم احتفالية تُعنى بالأعمال الدراميّة التلفزيونيّة في العالم كله. يذكر أن المسلسل العربي الوحيد الذي حصل على مرتبة متقدمة في مهرجان إيمي أوورد كان مسلسل الاجتياح من إخراج شوقي الماجري في عام 2007 .

استذكار
قدم الفنان «سمير حسين» مخرج «بانتظار الياسمين» مجموعة من الأعمال قبله وقد حرص من خلالها أن تحمل القيمة الفكرية التي تهم المتلقي، وبنفس الوقت المتعة في القصة احتراماً لعقله ولهموم المجتمع. ومن سلسلة أعماله نستذكر:

وراء الشمس
كانت آلاف الأسر تخجل بأن تظهر ابنها أمام المجتمع لأنه معوق، لكن عندما تمّ إنتاج العمل لوحظ ظهور كم كبير من الدعايات التنويريّة في هذا الشأن على التلفزيون، التي تحاول أن تشرح هذه الحالة، وكيف يتمّ التعامل معها، فالمسلسل طرح مجموعة من القضايا من افتقار المجتمع للوعي، إلى التصدي لها، وتشجيع الناس على التعامل معها بصدق ومحبة، وحينها أشارت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ، ممثلة بالوزيرة آنذاك، إلى أن المسلسل استطاع أن يقدم للمجتمع ما لم تستطع الوزارة أن تقدمه عبر 35 عاماً. وقد تابعت الناس المسلسل بكل جوارحها، فحمل جانباً مسلياً في القصة، وطرح قضايا مهمة تفيده وتحركه.

ليل ورجال
فضح هذا العمل ظاهرة السحر والشعوذة، وفضح من يستخدم الدين كغطاء لاستخدام أساليب قذرة لابتزاز الناس من خلال السحر والشعوذة والأكاذيب. وقد حمل «ليل ورجال» قضية شائكة تهم المجتمع بالمجمل، وأنار على تفاصيل واقعية تحصل في أماكن كثيرة من المجتمع. ومن أعماله أيضاً «قاع المدينة» وحكاية العشوائيات وكواليسها، و«أسير الانتقام»، و«أمهات»، و«الواهمون»، وحائرات»، وغيرها. ويمكن وصفها بأنها مسلسلات أضافت لما هو موجود مسبقاً، لكنها حركت أسئلة كثيرة في المجتمع، ودفعت الكثير من الناس أن تتغير وأن تتحرك، فما بين المتعة والتسلية هناك القيمة النقدية فيها، دفعاً بالمشاهد لمراقبة قضايا جديدة مهمة للغاية.

العمل الأخير
كان مسلسل «بانتظار الياسمين» هو الخطوة الإخراجيّة الأخيرة لـ«حسين» وقد أنتجته شركة (ABC). ومنتجها «عدنان حمزة» بذل جهده في التقدّم لهذه المسابقة ومتابعة شروطها، كما ذكر لنا المخرج «سمير حسين» الذي نوّه أيضاً حول موضوع المشاركة في المهرجان: «إلى حدّ كبير جداً هناك موضوعيّة في تقييم الأعمال، فاللجان مؤلفة من محكمين من دول العالم كافة، مختصين في المجال، وخبراء في مجال الدراما، بالتالي الناحية الأكاديمية هي من يقيّم، ولذلك أشجع كلّ من يقدم منتجاً إبداعياً أن يتجه للمشاركة في هذا النوع من المهرجانات، وليس باتجاه مهرجانات الترضية ذات المقاييس الشخصيّة».

بادرة شحذت معنويات سمير
يضيف مخرج العمل بأن مبادرة واحدة وحيدة سيذكرها دوماً، وقد شحذته بمعنوياتٍ كثيرة، وجاءت قبل موعد سفره إلى نيويورك بـ4 أيام من استلامه للجائزة والشهادة، فقد أعلمته رئيسة مجلس الشعب السيدة هدية عباس بموعد للقائه في مكتبها تطمئن وتسأله وتشجّعه على هذه الخطوة، وهي لفتة يعتز بها، في حين أنه لم يحظ بأي اهتمامٍ آخر قبل التكريم ولا بعده من الجهات الرسمية التي تعنى بالدراما السورية وارتقائها.

أمل يتجدد
بعد نيل «بانتظار الياسمين» لمركزه المتقدم على مستوى العالم، بات الأمل معقوداً على الدراما التلفزيونيّة السوريّة بأن تصل كلمة حق من خلالها، في حين أن البعض كان يعوّل ذلك على نواحٍ إبداعيّة أخرى كالسينما أو المسرح وغيرهما بغية أن تكون لغة تقارب وتفاهم أنضج بين الشعوب، وحول هذه الفكرة يعلّق «سمير حسين»: «الموضوع له علاقة بالحالة الاقتصاديّة التي تتحكم فينا، وهذا ما يعكس حالة من التردي في الأشياء الإبداعيّة سواء ارتبطت بالكتاب أو المسرح أو حتى السينما، وفي الأخيرة يبدو أن هناك حالة ترد في العالم أجمع، وفي سورية لدينا محاولات لكنها للآن لم تشكل ظاهرة، فعددها خلال عام واحد قليل، وتنتهي إلى المشاركة بمهرجانات وتعرض في دور عرض محدودة جداً. ويبدو أن تعلّق الإنسان بعوالمه الافتراضيّة وشبكات التواصل الاجتماعية «كما الفيسبوك» عكس حالة من التردي على كل الجوانب الإبداعية كالكتاب والرواية والقصيدة حتى على التلفزيون وغيره. اليوم عندما نريد تقديم منتج محترم يحمل المقومات التي لها علاقة بالإبداع والإمتاع والرفاهية والثقافة والتنوير يبدو أنها تذهب باتجاه الخلاص الفردي، ففي سورية مثلاً خلال عام كامل من الأعمال المُنتجَة، ما كم الأعمال التي يمكن أن نقول بأنها كاملة ومهمة وتحمل اكتمالاً في شروط العمل الإبداعي؟ سنجد الإجابة لا تتجاوز العمل أو العملين، وهي نسبة مرعبة جداً. في الوقت نفسه لو توافرت السبل إلى أشخاص أصحاب مهنة حقيقيّة وعقول نيرة وقادرة على تجاوز المصلحة الضيقة باتجاه المصلحة العامة لكان هذا العدد في تزايد».

تساؤل
قدّم مسلسل «حائرات» تجربة ناجحة غنية في المستوى والمضمون الفكري والشكلي والمؤثر البصري، ونال نصيبه الجيد من المتابعة، وعن عدم تكرار التجربة من جديد مع المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني يعلّق المخرج «سمير حسين»: «لا أعتقد أن هناك سبباً واضحاً، لكن أعتقد أن الأمر يتعلق بمؤسسة الإنتاج التلفزيوني، ليس لي حصة في العمل ضمن هذه المؤسسة. لكن منذ أكثر من عامين وإلى اليوم أنا لم أعمل فيها مطلقاً، وقاربت أن أفقد الأمل من العمل، فحتى الآن لا أدعى للعمل لأسباب أجهلها، مع أن تجربتي مع المؤسسة في حائرات كانت ناجحة ومميزة».

استفهام
سألنا المخرج «سمير حسين» أيضاً عن الجديد الذي يحضر له اليوم، فكانت الإجابة: «لا شيء، يبدو أن هذا الزمن ليس زمن سمير حسين، لا يوجد لدي أي فرصة لتقديم ما أطمح إليه وما تعلمته أكاديمياً، أعمالي بمجملها نجحت جماهيرياً وفي القنوات العربية، فهل المطلوب ألا أكون ناجحاً لآخذ حقي في العمل الذي أطمح لتقديمه خدمة لسورية وفنها وقضاياها… وما قدمته في رحلتي هو الذي يثير التساؤلات لدي ويستفزني في الوقت نفسه».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن