سورية

مقترح تسوية حلب: وجهة مفتوحة للمدنيين.. وخياران أمام المسلحين.. و«النصرة» إلى إدلب حصراً … باريس تشوش على المحادثات الروسية الأميركية.. وموسكو لا تريد اتفاقاً موسعاً يشمل إعادة العمل بالهدنة

| الوطن – وكالات

لا يزال المقترح الروسي الأميركي الخاص بتسوية أزمة حلب، والذي تسرب إلى وسائل الإعلام، قيد التطوير والتشاور. فبينما نفت موسكو أن تكون محادثات الخبراء في مدينة جنيف السويسرية قد أسفرت عن نتائج بعد، ساد صمت في واشنطن حيال المقترح المسرب.
وأوحى الرد الروسي على تسريب المسلحين أنباء عن تلقيهم مقترحاً مشتركاً أميركياً روسياً للخروج المشرف من الخمس بالمئة من الأراضي الخاضعة لسيطرتهم في مدينة حلب، بإصرار روسيا على إجلاء المدنيين والمسلحين من هذه المنطقة فقط من دون توسيع الاتفاق ليشمل إعادة العمل بنظام وقف إطلاق النار.
وحاولت فرنسا التشويش على محادثات جنيف عبر اتهام الروس بتعمد الخداع والكذب المستمر بشأن استعدادها للتفاوض على وقف إطلاق النار في حلب.
وسبق أن نقلت وكالة «رويترز» للأنباء عن ثلاثة مسؤولين في الميليشيات المسلحة بحلب، أن «المعارضة» تسلمت خطاباً يتضمن الخطوط العريضة لمقترح تدعمه واشنطن، يوفر خروجاً «مشرفاً» لمسلحيهم إلى مكان يختارونه، إلا أنها لم ترد على المقترح حتى الآن.
وقال أحد المسؤولين الثلاثة رداً على سؤال عما إذا كان قد تلقى اتصالاً من الولايات المتحدة أو روسيا بشأن المحادثات بين الجانبين في جنيف لإيجاد سبيل للخروج من الأزمة «أرسلوا لنا خطاباً، هم يقولون من أجل سلامة المدنيين.. يمكنكم المغادرة بطريقة مشرفة إلى أي مكان تختارونه وأن الروس سيتعهدون علناً أن أي أحد لن يتعرض لأذى أو يتم إيقافه».
ونفت الدبلوماسية الروسية وجود مثل هذا الاتفاق، وقالت إنها لم تتوصل إلى أي اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن مقترح لانسحاب المقاتلين من حلب، لكنها بينت أن محادثات جنيف مستمرة. وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف «الولايات المتحدة تصر في محادثاتها مع روسيا على شروط غير مقبولة، مثل الهدنة التي من شأنها، في الواقع، أن تمنح حرية الحركة للمسلحين الذين تقاتلهم القوات السورية» وبين أن أهداف روسيا أكثر تحديداً إذ «تعمل على تهيئة الظروف المناسبة لخروج آمن للناس من حلب».
وربما فضلت موسكو التريث في الإعلان عن المقترح حتى يتسنى لها التأكد من مروره في مؤسسات السلطة الأميركية المتنافسة.
ونشر موقع «روسيا اليوم» نص المقترح لاتفاق روسي أميركي بشأن إجلاء المسلحين من شرق حلب. وجاء في النص، الذي حصل عليه الموقع من مصادر موثوقة على حد تعبيره: «لأجل تخفيض مستوى العنف، ولمنع الخسائر المدنية ولتجديد وصول المساعدات الإنسانية، فإن روسيا والولايات المتحدة ستتخذان خطوات لتحقيق الاستقرار في منطقة مدينة حلب».
وبموجب المقترح «ستعمل موسكو وواشنطن مع الحكومة السورية ومجموعات المعارضة المسلحة تباعاً للاتفاق «فوراً» من أجل تحديد يوم السبت (الماضي) (والذي يسميها المقترح اليوم دي)، كتاريخ بدء رحيل المقاتلين من القسم الشرقي من مدينة حلب». وينص المقترح على «الرحيل الآمن والمشرف للمقاتلين والمدنيين من المدينة»، على أن تقوم الحكومة السورية وحلفاؤها مقدماً «الضمان العلني لسلامة خروج كل المقاتلين وأفراد عائلاتهم أو المدنيين الآخرين من المدينة، إضافة إلى المدنيين الذين يودون البقاء في شرق حلب»، إضافة إلى إطلاق «ضمان علني بأن كل المقاتلين أو المدنيين الذين سيخرجون عبر ممرات الإجلاء من المدينة لن يحتجزوا أو يؤذوا».
ومن ضمن المهام الملاقاة على عاتق الحكومة السورية وحلفائها «إنشاء عدة ممرات إجلاء يشار إليها بوضوح للسماح بالخروج الأمن لمقاتلي المعارضة المسلحة والمدنيين من شرق حلب»، فضلاً عن «التواصل مع المدنيين والمقاتلين في حلب لإعلامهم عن شروط الإجلاء والتوقيت، والعملية، وممرات الخروج، والأمكنة التي يمكن للمقاتلين والمدنيين التوجه إليها».
ويشير المقترح إلى إمكانية إشراك ممثلي الأمم المتحدة وشركائهم في عملية مراقبة تنفيذ التفاهمات.
وفي المقابل، يرتب المقترح على «قادة مجموعات المعارضة المسلحة»، «تأكيد استعدادهم للخروج من شرق حلب، إما علناً أو للولايات المتحدة أو روسيا، وبتحديد وإخبار إحدى هاتين الدولتين عن «المناطق التي سيغادر منها المقاتلون وأفراد عائلاتهم».
وينص الاقتراح على قيام «القوات الموالية للحكومة ومجموعات المعارضة المسلحة بوقف القتال في مدينة حلب» في «اليوم دي»، وخلال ثمان وأربعين ساعة من إعلان وقف القتال «سيغادر كل المقاتلين شرق حلب من دون سلاحهم الثقيل عن طريق الممرات المحددة، وسيتمكن المدنيون الذين يودون مغادرة حلب من الخروج أيضاً من المدينة».
وعلى حين لا يحدد المقترح مكاناً بعينه للمدنيين المغادرين لشرق حلب تاركاً لهم حرية الاختيار، فإنه يحصر وجهة المسلحين الذين سيخرجون من المدينة «مع أسلحتهم الخفيفة فقط إلى «محافظة إدلب ومنطقة الحدود السورية التركية شمال شرق حلب»، على حين يترك لمسلحي «جبهة النصرة» (جبهة فتح الشام حالياً) خياراً وحيداً بالتوجه «مع سلاحهم الخفيف إلى إدلب».
ويؤكد المقترح «سيجري ترتيب حرية الوصول الكاملة ودون عوائق للمساعدات الإنسانية لعامة سكان حلب، الذين يغادرون أم يبقون في المدينة، عن طريق الوكالات الإنسانية للأمم المتحدة، التي ستوزع المساعدات تبعاً للإطار الزمني المعمول به». ويمكن «تمديد وقف إطلاق النار إذا لم يتمكن بعض المقاتلين أو المدنيين من مغادرة المدينة ضمن الوقت المحدد» على أن يتم ذلك بالاتفاق بين موسكو وواشنطن والأمم المتحدة.
واللافت أن المقترح ينص على أن أطراف النزاع سيعلنون بعد «إتمام خروج المقاتلين من شرق حلب» وتحت رعاية الأمم المتحدة وروسيا والولايات المتحدة «إعادة وقف الأعمال العدائية في سورية، وسيقومون حالاً باتخاذ خطوات لاستئناف الحوار بين السوريين».
وحرص الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند على لعب دور المعطل. وأكد خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده مع المنسق الأعلى للهيئة العليا للمفاوضات المعارضة رياض حجاب، أن بلاده لن تتخلى عن دعم المعارضة السورية، مؤكداً أنه لا وجود لحل في حلب إلا بوقف إطلاق النار.
وقال هولاند: إنه «يجب محاسبة المسؤولين عن ارتكاب المجازر في حلب وجلبهم أمام المحكمة الجنائية». وطالب بفتح معبر آمن لدخول المساعدات إلى حلب، ومساعدة المواطنين الذين يريدون الخروج منها. وأشار إلى أن وصف المعارضة السورية بالإرهابية أمر غير صحيح، موضحاً أنها (المعارضة) تحارب هي أيضاً الإرهاب المتمثل بتنظيم «داعش» و«النصرة».
أما وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت فقد اتهم موسكو بالكذب. وقال للصحفيين لدى وصوله إلى اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل: «إن حديث روسيا ذو الوجهين… شكل من أشكال الكذب المستمر. فهم من ناحية يقولون فلنتفاوض ونتفاوض من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار. ومن ناحية أخرى، يستمرون في الحرب. حرب شاملة. أنها رغبتهم في إنقاذ نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد وإسقاط حلب».
أما الممثلة العليا للشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني فقد أعادت التأكيد على تيقن قيادة التكتل المشترك من عدم وجود أي طريقة أخرى لحل الأزمة السورية إلا التسوية السياسية. وأضافت: «لذلك يعمل الاتحاد الأوروبي ليلاً ونهاراً مع الشركاء والحلفاء الإقليميين من أجل المساعدة في بدء عملية المفاوضات والعثور على حل سياسي للنزاع السوري».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن