رياضة

ثمن المتعة

خالد عرنوس : 

 

يشتكي لاعبو كرة القدم هذه الأيام من التعب والإرهاق بسبب كثرة المباريات التي يخوضونها على مدار الموسم، أما المدربون فهم أكثر شكوى وحزناً فهم الذين سيدفعون الثمن في حال الفشل دائماً، أما النجوم واللاعبون فعذرهم معهم والجماهير التي تعشق نادياً ما أو لاعباً ستغفر بعد وقت قليل لكن بعد أن يكون هذا الرجل المسكين الذي يصرخ على الخط طوال الوقت ويحرق أعصابه قبل المباراة وبعدها قد دفع ربما الطرد من وظيفته ثمناً.
الإرهاق سببه الأساس تغير أسلوب اللعب من الأسلوب البسيط الذي يعتمد على المهارة الفطرية إضافة لبعض البهارات أو الخبرة التي يكتسبها بالتمرين أو يتعلمها بالخبرة والتجربة من الآخرين، وكذلك دخول عامل المال على خط اللعبة فأصبح اللاعب مطالباً بخوض أكبر عدد من المباريات حتى لو اضطر إلى اللعب يومياً من أجل كسب الجماهير التي تدفع الآلاف لرؤية نجومها المفضلين، وأيضاً باتت تدفع من أجل الفرجة على بضاعة كرة القدم إحدى أكثر البضائع التلفزيونية الرائجة في العالم هذه الأيام.
إذاً فالإرهاق الذي يصيب اللاعبين ويشتكي منه المدربون وبات إحدى آفات كرة القدم وعلى الرغم من التقدم الكبير على صعيد التدريب وأجهزته وعلم الطب الرياضي إلا أن التغلب على مشكلة التعب يبدو لا حلّ لها إلا بالواقعية الإنسانية التي تدعو إلى التخفيف من مباريات كرة القدم ومنح اللاعبين إجازات يرتاحون فيها.
فلاعب كرة القدم حاله كحال مهرج السيرك أو حصان السباق أو ثور الحلبة له صلاحية معينة ينتهي معها وربما يجد نفسه عاطلاً بعد الاعتزال وفي حال نالته إصابة خطرة فسيكون التقاعد المبكر مصيره.
هي معادلة صعبة ومعقدة، فالجماهير تطالب بمزيد من المباريات والمتعة، والأندية متوزعة بين مطالبة بتقليص عدد المباريات وزيادة أوقات الراحة وأندية لا تفرق عندها كثيراً والمهم عندها جمع المال والألقاب ولا مانع من استقطاب الأسماء من أجل الشهرة والمال، وبين هؤلاء وأولئك يبرز أقطاب المال الكبار الذين يسيطرون على سوق اللعبة من أندية وشركات تسويق وشبكات تلفزيونية وهمّهم جعل لعبة كرة القدم تجارية أكثر، وهؤلاء مستعدون لاستيراد لاعبين ولو من المريخ بغية عدم توقف منافساتها.
أما اللاعبون فمنهم المغلوب على أمره ويحاول تأمين حياة كريمة ومن ثم وضع اسمه على خريطة النجومية المتفاوتة المقاييس، ومنهم من يعب المال أينما حلّ وارتحل وهؤلاء يفرضون شروطهم على الجميع وما أن يشتكي أحدهم من وخزة بسيطة حتى ينشغل العالم بما وراء الوخزة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن