قضايا وآراء

أردوغان يقود تركيا إلى حافة الهاوية

| د. قحطان السيوفي

أردوغان السلطان العثماني، الدكتاتور، المهووس بالسلطة، المضطرب نفسياً، سليل جمال باشا السفاح…… ساهم، منذ بداية الأزمة السورية ، في سفك دماء السوريين… أوصل تركيا إلى وضع سياسي واقتصادي وأمني غاية في الصعوبة… وهو يرقص وحيداً على جليد مستنقعات آسنة وسيذوب الجليد حال شروق الشمس…
التصريحات المتتالية المتضاربة لأرودغان… كفيلة بإعطاء صورة عن حالة التناقض والاضطراب النفسي التي يعيشها الرجل… وكان أردوغان قد قال، في مؤتمر عن القدس إن «عملية درع الفرات تهدف إلى إطاحة حكم الرئيس (بشار) الأسد، وهو ما أبرزته وسائل الإعلام العالمية، لكنّ الإعلام الموالي له تجاهل أيضاً ردود الفعل على أقواله، خاصة حديث مصادر في الكرملن عن «غضب الرئيس بوتين من هذه التصريحات… بعد ذلك، سعى مصدر في الرئاسة التركية إلى التهدئة عبر القول في الإعلام إنه «لا ينبغي تحميل الكلمات معاني أكثر مما تستحق». ويبدو أن الرئيس بوتين لم يقتنع بذلك، ما دفعه إلى تحميل وزير خارجيته رسالة واضحة يطلب فيها من أردوغان أن (يكذّب نفسه بنفسه، بأي أسلوب كان) كان هذا «التهديد» كافياً بالنسبة إلى أردوغان ليتراجع عمّا قاله، حيث خرج الأخير لينفي ما قاله سابقاً، بالقول إن «عملية درع الفرات في الشمال السوري لا تستهدف شخصاً أو دولة بل الإرهابيين». وهذا مؤشر على ضعف وتناقض مواقف أردوغان في السياسة الداخلية والخارجية.
أردوغان ماضٍ في انقلابه المضاد على الديمقراطية في تركيا. منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز (يوليو) الماضي هو في حرب مع أكراد بلاده وقد طرد 125 ألف تركي من وظائفهم واعتقل نحو 40 ألفاً، ومنظمة العفو الدولية تقول إن المعتقلين تعرضوا للضرب والتعذيب، بما في ذلك الاغتصاب…
البرلمان الأوروبي رد على تدهور الوضع في تركيا ؛ وعلّق المفاوضات لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. أردوغان ردّ بأسلوب الابتزاز مهدداً بإرسال ثلاثة آلاف مهاجر إلى اليونان كل يوم…. وقد كشفت وثائق ويكيلكس المنشورة مؤخراً علاقة أردوغان بتنظيم داعش الإرهابي.
اقتصاديا دعا أردوغان، في كلمة متلفزة، الأتراك إلى تحويل العملات الأجنبية التي يملكونها إلى ذهب أو إلى الليرة التركية لتحفيز الاقتصاد التركي… علماً بأن الليرة خسرت نحو 20% من قيمتها خلال عام 2016، ومنذ المحاولة الانقلابية للإطاحة بالرئيس أردوغان في 15 تموز (يوليو) خسرت الليرة أكثر من 16% من قيمتها مقابل الدولار، ففي تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي فقط خسرت الليرة أكثر من 10% من قيمتها.
وتراجعت الليرة إلى مستويات قياسية جديدة، بينما كان أردوغان يدلي بتصريحاته، لينخفض سعر الصرف إلى 3.47 ليرات مقابل الدولار أي بخسارة تزيد على 1.6% عن قيمة الليرة في اليوم السابق.
المؤشرات توضح التباطؤ العام في الاقتصاد وتراجع توقعات النمو… وبتوجيه من أردوغان قدمت بعض المؤسسات شواهد قبور مجانية لكل من يحول عملة أجنبية إلى الليرة.
رغم تدخل البنك المركزي التركي… عادت العملة التركية إلى الهبوط… خبراء الاقتصاد يشككون في أن تثمر هذه الجهود عن تحسن سعر العملة وسط الاضطرابات السياسية والمخاوف بشأن الاقتصاد الهش… وتدهور العلاقات مع الاتحاد الأوروبي. وتزايد المخاوف بشأن توسيع سلطات أردوغان.
بالمقابل أظهرت بيانات نشرتها وزارة الجمارك والتجارة التركية مؤخراً زيادة الصادرات 9.92%، والواردات 6.25% بعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم سنة 2002، كان معدل نمو الاقتصاد يسجل نسبة تزيد على 6% حتى سنة 2007، وجاءت سنة 2008 والأزمة
الاقتصادية العالمية وهبط النمو إلى نحو 3%. وتزامن هذا مع حملة أردوغان على شركات يعتبرها غير موالية له. وقد صادر ما تزيد قيمته على عشرة بلايين دولار من أعمال هذه الشركات.
الاستثمارات والمؤسسات الاقتصادية التركية تراجعت، مع الفساد أصبح الولاء لأردوغان هو العنصر الوحيد المطلوب من أركان الاقتصاد التركي.
وسط كل هذه المشاكل الحقيقية ماذا يفعل أردوغان؟ هو لا يزال يشن حرباً على أكراد تركيا، وقد اعتقل 11 نائباً من حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد، من دون دليل واحد على «جريمة» أي منهم، والاعتقالات مستمرة.
في وقت تشهد تركيا المزيد من انعدام الأمن والاستقرار. المشهد يشير إلى أن السلطان العثماني الديكتاتور غير السوي أردوغان يعيش مسلسل أخطاء مستمرة؛ ويقود تركيا إلى حافة الهاوية سياسيا واقتصادياً … وكأنه يرقص في الظلام على جليد مستنقعات… وستظهر الشمس قريباً… ليجد أردوغان نفسه غارقاً في مياه آسنة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن