سورية

في مقابلة مع قناتي «روسيا 24» و«إن تي في» أكد أن تدمر سيتم تحريرها مرة أخرى.. وأن توقيت هجوم داعش مرتبط بمعركة حلب … الرئيس الأسد: الأعمال العسكرية لن تتوقف بعد تحرير حلب والمدينة المقبلة سيتم تحديدها بالنقاش مع روسيا وإيران

| وكالات

أكد الرئيس بشار الأسد، أن الأعمال العسكرية لن تتوقف بعد تحرير مدينة حلب من الإرهابيين وأن التوقف يحصل فقط في المنطقة التي يقول فيها الإرهابيون إنهم جاهزون مباشرة لتسليم السلاح أو الخروج منها، موضحاً أن المدينة الأخرى التي سيتم التوجه لتحريرها من الإرهابيين بعد حلب «يعتمد على المدن التي تحتوي أكبر عدد من الإرهابيين» وبالنقاش بيننا وبين القيادتين الروسية والإيرانية.
وشدد الرئيس الأسد في مقابلة مع قناتي «روسيا 24» و«إن تي في» الروسيتين على أنه «كما حررنا تدمر في السابق سنحررها مرة أخرى»، معتبراً أن توقيت الهجوم من قبل تنظيم داعش الإرهابي على تدمر مرتبط بمعركة حلب والهدف منه التقليل من قيمة تحرير مدينة حلب وتشتيت جهود الجيش العربي السوري باتجاهات متعددة.
واعتبر الرئيس الأسد أن الأميركيين دائماً مخادعون وأنه عندما تفشل خططهم في مكان ما يقومون بخلق الفوضى ويعملون على إدارتها لابتزاز الأطراف المختلفة، مشيراً إلى أن واشنطن حاولت تسويق كذبة تسمى «معارضة معتدلة» أو «مقاتلين معتدلين» لكنهم فشلوا بذلك لأن الحقائق على الأرض أثبتت العكس وبأن كل من يدعمونهم متطرفون سواء «النصرة» أم «داعش» أو التنظيمات الإرهابية الأخرى التي تحمل العقيدة المتطرفة الإرهابية نفسها.
وأوضح الرئيس الأسد أن الإدارة الأميركية الحالية «راحلة الآن وربما يكونون قلقين من أن يحدث تقارب حقيقي بين الولايات المتحدة وروسيا مع الإدارة المقبلة، فتحاول هذه الإدارة الراحلة أن تخلق أكبر قدر من المشاكل لكي تكون هذه المشاكل عقبة في التقارب بين روسيا والولايات المتحدة».
ولفت الرئيس الأسد إلى أن موضوع إعادة الإعمار هو اقتصاد ضخم ومفيد جداً لأي دولة في مرحلة ما بعد الحرب، ولدينا في سورية إمكانيات مادية كبيرة على مستوى القطاع الخاص سواء الموجود داخل البلد أم المغترب أو الذي هاجر مؤخراً خلال الأزمة ومعظم هؤلاء سيعودون لإعمار بلدهم وأن الحركة الاقتصادية ستدور ولا قلق كبيراً من هذا الموضوع، وفيما يلي النص الكامل للمقابلة…

سيدي الرئيس، شكراً جزيلاً لكم لإتاحة هذه الفرصة لنا كي نتعرف على وجهة نظركم حول ما يحدث في سورية الآن، وكيف سيكون الوضع في المستقبل، أعتقد بأنه من المهم جداً أن يتعرف مشاهدونا الروس على ما يحدث خارج بلادنا، ونبدأ من النجاح في حلب، الذي هو فعلاً إنجاز كبير، ويعطيكم قوة مهمة، ولكن ما الذي سيحدث بعد حلب؟ هل ستتوجهون نحو إدلب أو الرقة؟ أم ستتوقفون قليلاً من أجل أن تقووا وضعكم أكثر، أو تعيدوا صياغة شروطكم، بناء على قوتكم الحالية، للتفاهم مع قوى كالتحالف الأميركي مثلاً؟

كل هذه الأمور التي ذكرتها يجب أن تسير بالتوازي، فنحن نحرر منطقة من الإرهابيين ونقوم بتعزيز مواقعنا فيها، تحسباً لأي هجوم معاكس قد يقوم به الإرهابيون من أي اتجاه وخاصة أن لديهم دعماً من عدة دول، في الوقت نفسه وبالتوازي مع العمليات العسكرية، نحن نفسح المجال يومياً سواء لخروج المدنيين من المناطق التي يوجد فيها الإرهابيون أو لخروج الإرهابيين أنفسهم، سواءً أرادوا المغادرة خارج المنطقة بسلاحهم الخفيف أو تسليم أنفسهم للدولة والحصول على العفو مقابل ذلك. أما بالنسبة لمدينة حلب، طبعاً تحرير المدينة هو شيء مهم ولكن قبل أن نتحدث عن باقي المناطق لا بد من تحصين المدينة من الخارج، بمعنى تنظيف محيطها من الإرهابيين، فحتى هذه اللحظة، مع أن المناطق التي يتحصن فيها الإرهابيون أصبحت بضعة كيلومترات مربعة، لكن الإرهابيين من الخارج ما زالوا يقومون بقصف المدينة بالصواريخ وقذائف الهاون يومياً، ومنذ يومين فقط سقط عدد من الشهداء وعشرات الجرحى في مدينة حلب. فإذاً، تحرير حلب لا ينتهي فقط بتحرير المدينة، وإنما لا بد من تأمينها من الخارج، بعدها أي مدينة تأتي لاحقاً، هذا يعتمد على المدن التي تحتوي أكبر عدد من الإرهابيين ومن خلالها تتمكن الدول الأخرى من دعمهم لوجستياً، حالياً التواصل بين حلب وإدلب هو تواصل مباشر من خلال وجود «جبهة النصرة» داخل حلب ومحيطها وفي إدلب، ولكن الجواب النهائي على هذا الموضوع لا بد أن يكون بعد تحرير المدينة بالدرجة الأولى وبالنقاش بيننا وبين القيادة الروسية التي تساهم معنا في هذه المعارك وأيضاً القيادة الإيرانية.

التوقف غير مسموح به

ولكن عندما تنتهي هذه العملية لا شك أن لديكم مخططات مستقبلية.. هل ستتوقفون وتبدؤون بالتفاوض؟ أم ستتقدمون إلى الأمام، كي لا تعطوا أي فرصة للإرهابيين؟

لن يكون هناك توقف، التوقف يحصل فقط في المنطقة التي يقول فيها الإرهابيون إنهم جاهزون مباشرة لتسليم السلاح أو الخروج، عندها فقط تتوقف الأعمال العسكرية، أما خلال المفاوضات فلا تتوقف العمليات، لأنه لا يوجد ثقة بالإرهابيين، فهم في كثير من الحالات كانوا يقولون كلاماً ويفعلون عكسه، كانوا يطلبون وقف إطلاق النار من أجل إعادة تقوية وضعهم والحصول على إمدادات من السلاح والذخيرة وغيرها. لذلك هذا الموضوع غير مسموح به، فقط عندما نتفق على شيء محدد، عندها يمكن القيام بذلك.

لقد أعلنتم عن عفو يشمل المسلحين الذين يوقفون القتال ويسلمون أسلحتهم، هل لديكم تأكيد بأن هؤلاء لن يعودوا إلى حمل السلاح أو تشكيل مجموعات مسلحة أخرى؟

لا، لا توجد لدينا ضمانات، من تجربتنا خلال السنوات الثلاث الماضية، منذ بدأنا بهذه الإجراءات، المصالحة والعفو عن المسلحين، نستطيع أن نقول إن النسبة الأكبر منهم عادت إلى حياتها الطبيعية بل أكثر من ذلك، البعض من هؤلاء قاتل مع الجيش السوري، البعض منهم انضم إلى الجيش السوري بشكل نظامي كعسكري. والبعض قاتل معه كمدني ومنهم من استشهد. فلا نستطيع أن نقول إن هناك حالة واحدة تجمع بين الأشخاص، ولكن نسبة الالتزام بالدولة هي النسبة الأكبر، لذلك نحن نستمر بهذا الاتجاه ما دامت المكاسب أكبر بكثير من الخسائر.

تدمر

الوضع اليوم صعب في تدمر، هناك بعض المعلومات بأنكم استطعتم أن تخرجوا ثمانين بالمئة من السكان قبل الهجوم، ولكن ماذا عن أولئك الذين بقوا في المدينة، ما هو قدرهم؟ وكيف استطاع الإرهابيون أن يرسلوا من العراق والموصل ودير الزور مجموعة ضخمة وقوية مثل هذه المجموعة، ما سبب ذلك؟ هل أتوا بأنفسهم أو أن هناك من ساعدهم؟

دعنا نكن أكثر وضوحاً وشفافية حول هذه النقطة، لا نستطيع أن نربط موضوع تدمر فقط بالموصل لأن «داعش» موجود في سورية، موجود في الرقة في الشمال، حيث يفترض أن التحالف الأميركي يقصف «داعش» منذ عامين، وهذا الكلام غير صحيح، وهو موجود في دير الزور حيث إن القوات الأميركية والطيران الأميركي مع التحالف قام بقصف القوات السورية بدلاً من قصف «داعش». نحن تصورنا الحقيقي بأن الهجوم الأخير لـ«داعش» منذ أيام على تدمر بأعداد كبيرة من المقاتلين وبأسلحة نوعية لم تكن موجودة لدى «داعش» من قبل، وعلى مساحة جغرافية تتجاوز عشرات الكيلومترات، هذا يعني بأن «داعش» أتاه دعم مباشر من دول، وليس مجرد أن «داعش» أتى من الموصل، كيف يأتي بمدفعية ثقيلة من الموصل، ماذا يفعل الطيران الأميركي الموجود في الموصل أو في الرقة، الحقيقة أن الجزء الأكبر من هؤلاء أتوا من الرقة ومن دير الزور إما بدعم مباشر من الأميركيين أو بأحسن الأحوال الأميركي يعرف ولكنه يغض النظر وترك القيام بهذه المهمة، وهي التمويل والدعم، لتركيا، لقطر، وللسعودية، هذه هي حقيقة ما يحصل في تدمر اليوم وليست القضية مرتبطة فقط بالموصل.

هناك منابع كبيرة للنفط والغاز في محيط تدمر، وهي مهمة جداً بالنسبة للدولة، والآن القوات الحكومية لم تعد تسيطر عليها، وإنما «داعش» الذي سيتلقى الدعم المادي منها مجدداً.

تماماً، هذا صحيح، المعارك ما زالت مستمرة في تلك المنطقة، هي منطقة حيوية، قد تكون أهمية تدمر بالدرجة الأولى رمزيتها كمدينة تاريخية أثرية، ولكن أيضاً المناطق الأخرى المحيطة بها فيها مصالح أخرى للدولة السورية وللشعب السوري، لذلك المعارك ما زالت مستمرة ولم تتوقف حتى هذه اللحظة.
من أين ستأتون بالدعم لقواتكم التي تقاتل الإرهابيين في تدمر؟ هل من حلب مثلاً أو من دمشق؟ هل لديكم مجال لتعزيز مواقعكم هناك، وبدء عملية استعادة تدمر؟

في الواقع، الهدف الحقيقي لعملية تدمر، وتوقيت الهجوم على المدينة مرتبط مباشرة بمعركة حلب، لماذا لم يهاجم «داعش» تدمر قبل شهر مثلاً؟ كانوا قادرين، ولكن بدأ الهجوم عندما بدأ التقدم الكبير في مدينة حلب، لذلك هذا الموضوع كان يهدف لشيئين، الأول هو أن يقللوا من قيمة تحرير مدينة حلب، لأن هذا التحرير بالنسبة للمواطنين السوريين، وأنتم الآن موجودون في دمشق ستلمسون ما أقوله بشكل كبير، يعبر عن حالة فرح حقيقية ومعنويات عالية للشعب السوري، الثاني وهو قد يكون أيضاً هدفاً أكثر أهمية بالنسبة لهم، أن يشتتوا الجيش السوري باتجاهات متعددة، وبالتالي القوى الرئيسية الآن الموجودة في حلب تضطر للانسحاب باتجاه تدمر، طبعاً اليوم تحديداً هناك اجتماع على مستوى القيادات العسكرية السورية والروسية لمناقشة كيفية التعامل مع هذه الحالة الطارئة، وبالمحصلة كما حررنا تدمر بالسابق، سنحررها مرة أخرى، كانت تحت سيطرة «داعش» وحررها الجيش السوري بالدعم الروسي، وسنقوم بذلك مرة أخرى. هذه هي الحرب، تربح في مكان وتخسر في مكان، ولكن لا بد أن نعرف بأن التركيز الرئيسي الآن، الأولوية هي مدينة حلب.

الأميركيون مخادعون

في الأسبوع الماضي رفع باراك أوباما الحظر على توريد السلاح لمن يسمونها المعارضة المعتدلة، برأيكم كيف سيغير هذا الأمر من ميزان القوى على الأرض؟

طبعاً الأميركيون دائماً مخادعون، ليس بالضرورة أن يكون رفع الحظر حصل عندما أعلن عنه أوباما، ربما أعلن عنه بعد أيام من حصوله، فقط لإعطائه الغطاء الشرعي، لذلك أنا أريد أن أربط بالتوقيت وبالزمن بين إعلان أوباما عن هذا الرفع وهجوم «داعش»، إلى أين تذهب هذه الأسلحة؟ إما إلى «جبهة النصرة» أو إلى «داعش»، كلاهما واحد بغض النظر عن التسميات، فحقيقة أنا أعتقد بأن هذا الموضوع أيضاً مرتبط بتقدم الجيش السوري في حلب، والمطلوب الرد في تدمر، وقد يكون في أماكن أخرى، لكن الأسلوب الأميركي في مثل هذه الحالات عندما تفشل الخطط الأميركية، ماذا يفعلون دائماً في كل مكان من العالم؟ يقومون بخلق فوضى، أي فوضى بأي اتجاه لا يهم، ومن ثم يقومون بإدارة هذه الفوضى بغرض استخدامها لابتزاز الأطراف المختلفة ريثما يتمكنون من تحقيق الاستقرار بالشكل الذي يخدمهم فقط، فرفع الحظر في هذا التوقيت جزء من هذه السياسة، هناك جانب آخر، هذه الإدارة راحلة الآن وربما يكونون قلقين من أن يحدث تقارب حقيقي بين الولايات المتحدة وروسيا مع الإدارة المقبلة، إدارة ترامب، فتحاول هذه الإدارة الراحلة أن تخلق أكبر قدر من المشاكل لكي تكون هذه المشاكل عقبة في التقارب بين روسيا والولايات المتحدة فإذاً، هذا الإعلان، وهو مقتضب، لكن ربما تكون له اتجاهات مختلفة وتأثيرات كبيرة.

حسناً، أريد أن أتابع في هذه المسألة، بعد انتخاب ترامب قلتم إنه قد يكون حليفاً طبيعياً لسورية، ما الظروف التي تساعد على تحقيق هذا؟

تصريحات ترامب كانت واضحة خلال حملته بالنسبة لموضوع مكافحة الإرهاب، وبالنسبة لعدم التدخل ضد دول من أجل التخلص من الحكومات كما تفعل الولايات المتحدة عبر عقود من الزمن، هذا جيد، ولكن النقطة تتوقف عند إرادة ترامب للاستمرار بهذا النهج وبهذا الطريق وقدرته على القيام بذلك، فنحن نعلم بأن هناك لوبيات كبيرة وقوية جداً في الولايات المتحدة وقفت ضد ترامب وهي ستضغط بكل قوتها، عندما يستلم مهامه من أجل أن تدفعه باتجاه التراجع عما قاله في هذا المجال وفي مجالات أخرى، أو أنه سيكون في مواجهة مع هذه اللوبيات الموجودة في الكونغرس، في مجلس الشيوخ، في الإعلام، وفي اللوبيات الصناعية التي تستفيد من الحروب، كما حصل في العراق وفي اليمن مؤخراً، لذلك إذا تمكن ترامب من مواجهة كل هذه العقبات والعمل فعلاً ضد الإرهاب، فأعتقد أنه سيكون حليفنا الطبيعي وسيكون حليفكم الطبيعي، وهذا ما أنتم تدعون إليه وما ندعو نحن إليه بشكل مستمر.

«المعتدلة» كذبة

في الأيام الأخيرة، تتردد في الإعلام الأميركي تسمية قوات النخبة السورية، التي ستحظى بالدعم الأميركي وستبدأ التحرك باتجاه الرقة لقتال «داعش»، وبأن لديهم 45 ألف مقاتل، من هم هؤلاء؟ وكيف ستتعاملون معهم؟

خلال السنوات الماضية حاولت الولايات المتحدة أن تسوق بأن هنالك شيئاً يسمى «معارضة معتدلة» أو «مقاتلين معتدلين»، هذه الكذبة لم يتمكنوا من تسويقها لأن الحقائق على الأرض أثبتت العكس، بأن كل من يدعمونهم هم متطرفون سواء «النصرة»، «داعش»، أم التنظيمات الأخرى التي تحمل العقيدة المتطرفة الإرهابية نفسها، الآن هم يحاولون ترك «داعش» في بعض المناطق ومن ثم الاعتماد على هذه المجموعات التي جزء منها كان أساساً في «داعش والنصرة»، ولكن حلق ذقنه ولبس لباساً مختلفاً وأصبح اسمه معتدلاً، وهو من سيقوم بتحرير تلك المناطق من «داعش»، فعملياً هي تمثيلية، «داعش» تحت سيطرة الولايات المتحدة، ومن يسمونهم معتدلين تحت سيطرتهم، ولكن هذه القوى ستقوم بغسل يد المسؤولين الأميركيين من أي علاقة مع المتطرفين في سورية، بكل بساطة.

معظم السوريين يرفضون إضعاف الدولة

المحللون والخبراء الغربيون يتحدثون ويخططون لسيناريوهات عدة لسورية، كالفيدرالية والتقسيم، على اعتبار أنها لن تعود كما كانت، هل لديكم تصور للمستقبل حول هذا الموضوع، على سبيل المثال، أن يكون هناك حكم ذاتي للأكراد في سورية أو نظام فيدرالي؟ أم يجب أن تنتهي الحرب أولاً وبعد ذلك تفكرون في هذه التغييرات؟

لا، نستطيع أن نفكر بهذا من الآن لأن الشعب السوري يناقش هذه المواضيع يومياً، وأستطيع أن أقول لك، من خلال هذه الطروحات التي تطرح منذ سنوات، لم تطرح منذ أسابيع، فالصورة بالنسبة لنا أصبحت واضحة، معظم السوريين يرفضون أي إضعاف للدولة السورية، معظم السوريين يرفضون أي تخل عن وحدة الأراضي السورية أو شكل الدولة، أو النظام السياسي بشكله الحالي، وعندما أقول معظم فأنا أقصد الأغلبية الساحقة من السوريين، مع ذلك نحن كدولة لا نبدي رأياً خاصاً بنا لأن هذا الموضوع يرتبط بالدستور، والدستور يجب أن يصوت عليه من الشعب السوري ويجب أن يكون نتيجة حوار بين معظم السوريين، لذلك أقول نناقشه الآن ولكن أي طرح بالنسبة لتعديل الدستور لا يمكن أن يكون الآن خلال الحرب، هذا مستحيل، لأن الاستفتاء بحاجة لظروف مختلفة، الأولوية الآن هي لموضوع الإرهاب، أما بالنسبة للمخطط الغربي فهذا صحيح ولكنه ليس جديداً، هم تآمروا على روسيا قبل الشيوعية، وأرادوها أن تخسر أراضي من أيام القياصرة، وتآمروا عليها خلال الحرب الباردة، وبعد انحلال الاتحاد السوفييتي والآن، هذه هي السياسة الغربية التي تسعى إلى تقسيم الدول سواء كانت كبرى لتصبح صغيرة أم صغرى لتصبح أصغر، وعندها يستطيعون أن يسيطروا على هذه الدول ويحولوها إلى مجرد إمعات تابعة لهم تنفذ أوامرهم، لذلك هذا المخطط لسورية سواء أعلنوه أم لم يعلنوه هو موجود بكل تأكيد منذ البداية، ومطروح قبل الأزمة.

إعادة الإعمار اقتصاد ضخم ومفيد

بعد انتهاء الحرب، ستكون هناك طبعاً مرحلة لإعادة الإعمار ودعم الاقتصاد في البلاد، ويتم الحديث حالياً عن أن الخسارة الاقتصادية في سورية بلغت 180 مليار دولار، برأيكم، هل ستتمكن سورية وحدها، أو حتى بدعم من روسيا من إعادة إعمار ما تدمر؟ ومن هي الدول التي يمكن أن تساعد في إعادة بناء اقتصاد سورية؟ وهل تتفهمون بأن بعض تلك الدول قد يطلب منكم تنازلات معينة لقاء ذلك؟

طبعاً إعادة الإعمار، هو اقتصاد ضخم جداً ومفيد جداً لأي دولة في مرحلة ما بعد الحرب، بالنسبة لنا في سورية لدينا إمكانيات مادية كبيرة جداً على مستوى القطاع الخاص، سواء الموجود في سورية أم المغترب أو الذي هاجر مؤخراً خلال الأزمة، معظم هؤلاء سيعودون، لديهم منازل وأملاك وسيعودون لإعمار بلدهم، وبالتالي الحركة الاقتصادية ستدور، لا قلق كبيراً من هذا الموضوع، لكنه بحاجة إلى زمن، طبعاً عندما يأتي دعم من الدول الصديقة بكل تأكيد هذا سيسرع عجلة التنمية التي خسرت مئات المليارات كما ذكرتم الآن، وإعادة الإعمار، هي طبعاً مفيدة لنا، ولكن أيضاً مفيدة للشركات الأخرى التي ستأتي من الخارج، وأقول لك بكل وضوح وبكل بساطة الشعب السوري لا يقبل بأي شركة تأتي من أي دولة أخذت موقفاً ضد سورية أو ضد وحدة الأراضي السورية، أو من دولة وقفت موقفاً داعماً للإرهابيين، هذا الكلام بكل وضوح، ولن نكون قادرين على التمييز بين قطاع خاص في تلك الدولة وبين موقف الدولة، فالأولوية في هذه الحالة هي للدول الصديقة التي وقفت معنا بشكل مباشر كروسيا والصين وإيران وغيرها، أو الدول التي بالحد الأدنى لم تكن ضد سورية ولو أنها وقفت على الحياد وأخذت موقفاً أخلاقياً.

عودة المهاجرين بدأت

وصل عدد اللاجئين السوريين خارج سورية حتى الآن، وبتقديرات مختلفة، إلى نحو ستة ملايين لاجئ، هل فقدت سورية هؤلاء نهائياً أم إنهم سيعودون إليها؟

لا، الحقيقة ما يحصل هو العكس، قد تتفاجأ أن هناك أشخاصاً أوضاعهم الاقتصادية جيدة نسبياً وهم قادرون على تأمين مصالحهم في الخارج، قد عادوا مؤخراً خلال العام أو العامين الماضيين، لأسباب لها علاقة بالحالة النفسية أو بالحالة الوطنية وأيضاً بالمصالح الأخرى، فالعودة بدأت ولو بشكل بسيط الآن، أنا متأكد أنه بعد نهاية الحرب، القسم الأكبر من الذين هاجروا من سورية سيعودون، القسم الأكبر منهم لم يخرج لأنه ضد الدولة، خرج لسببين، إما لأنه تم تهديده من الإرهابيين بشكل مباشر، أو لأنه فقد إمكانية العيش سواء هو أم عائلته فاضطر إلى السفر من أجل أن يؤمن أموره المادية اليومية، القسم الأكبر من هؤلاء الأشخاص هو موال لدولته ولوطنه وأنا متأكد بأنهم سوف يعودون، لا قلق بهذا الإطار.

تصميم على النصر

بالعودة إلى الجانب العسكري، ما وضع جيشكم اليوم؟ ماذا عن الخسارة البشرية؟ وما تقييمكم لحالته مع تعدد الجبهات والأعمال القتالية التي يخوضها حالياً؟

عندما نتحدث عن ست سنوات إلا بضعة أشهر من العمل العسكري، فنحن نتحدث عن حرب هي أطول من الحرب العالمية الأولى وأطول من الحرب العالمية الثانية، فأنت تستطيع أن تتخيل كم هي حرب ضخمة ومنهكة، وأي جيش في أي دولة عظمى سينهك في مثل هذه الحرب، الجيش السوري ليس جيشاً يتبع لدولة عظمى، نحن دولة صغرى بكل المقاييس، طبعاً، دعم الدول الصديقة ساعد هذا الجيش على القيام بمهامه على الرغم من الخسائر الكبيرة التي تكبدها بالعتاد والأرواح، ولدينا الكثير من الجرحى الذين خرجوا خارج إطار العمل العسكري بسبب عدم قدرتهم الآن على القيام بمثل هذه الأعمال، إذاً، طبعاً، من الناحية الرقمية الجيش تأثر بالعدد وبالعتاد، ولكن هذا ليس كل شيء في المعركة، هناك معنويات، وهناك التصميم، أي، على الرغم من كل تلك الخسائر فنحن نحقق تقدماً في حلب والجندي السوري يقاتل بشراسة أكبر، إذاً، هذا لا يرتبط فقط بالخسائر وإنما يرتبط بالدرجة الأولى، باكتسابه تصميماً أكبر على النصر، التصميم من أجل الدفاع عن الوطن، هذا التصميم يزداد اليوم، هذه هي الحقيقة، وهذا هو السلاح الأقوى في يدنا، لولا هذا التصميم نقول لك، الجيش السوري غير قادر على تحرير جزء من مدينة صغيرة، فكيف نتحدث عن مدينة مثل حلب أو بحجمها، هذا هو واقع الجيش السوري الآن، وهذا التصميم طبعاً مرتبط بدعم الشعب السوري له، المجتمع السوري هو الذي يقف خلف الجيش العربي السوري، لولا هذا الدعم بكل معانيه، لما كان هذا الجيش قادراً على الاستمرار بالقيام بالمهام نفسها بعد ست سنوات إلا بضعة أشهر.

القضية حرب ضد الإرهاب

بعض السياسيين الغربيين يقولون بشكل متكرر وعلني أن روسيا يجب أن تضغط على الرئيس الأسد من أجل أن يغير موقفه في بعض المسائل، هل حدثت أمور كهذه؟ هل حاولت موسكو أن تفرض رأيها عليكم؟

لو وجد الأصدقاء الروس بأننا نقوم بكل هذه الحرب من أجل أهداف خاصة تتعلق بالرئيس أو بالحكومة أو بمجموعة، من أجل أجندة خاصة، أنا أقول لك إنهم كانوا سيقومون بنصيحتنا وربما «بالضغط علينا»، ولكن هم يعرفون، كما نعرف نحن، بأن القضية حرب ضد الإرهاب، فلا يمكن للصديق الروسي الذي يعرف معنى انتشار الإرهاب في العالم وخطره، أن ينصحنا بنصيحة تذهب بالاتجاه المعاكس وهذا ما يريده الغرب، هذا من جانب، من جانب آخر، نحن نتعامل مع المسؤولين الروس بمختلف مستوياتهم وقطاعاتهم لحوالي ست سنوات، وطبعاً، تضاف لها علاقة عمرها ستة عقود، لم يحصل سابقاً في تاريخ هذه العلاقة حتى هذه المقابلة، أن الروس حاولوا أن يضغطوا علينا في موضوع يعتبرونه من السيادة السورية وهم دائماً يقولون لنا، عندما يريدون أن يقدموا رأياً أو نصيحة، يقولون لنا، في النهاية هذا البلد هو بلدكم وأنتم من يحدد ما هو القرار الصحيح وما هو القرار الذي يناسبكم، فإذاً، طبيعة الدولة الروسية لا تذهب باتجاه الضغط، والسياسة التي نسير بها نحن في سورية أيضاً تذهب بالاتجاه الصحيح المتفق عليه والذي يحقق المصلحة المشتركة لنا ولروسيا.

لو سمحت لنا بسؤال خاص سيدي الرئيس، نحن الآن في القصر الرئاسي وأمامنا على بعد خمسة كيلومترات تقع منطقة جوبر التي تسيطر عليها «النصرة» ومجموعات إرهابية أخرى، هل ما زال يمكنكم التنقل في البلاد أم إن العامل الأمني يجعلكم تبقون في دمشق في أغلب الأوقات؟ كيف يترتب جدول عملكم بشكل عام؟

لا، من الناحية الأمنية لم أترك مجالاً لهذه الظروف أن تؤثر علي خلال ست السنوات الماضية إلا بالحد الأدنى، فأنا أذهب إلى عملي كما كنت سابقاً بالطريقة نفسها والإجراءات السابقة نفسها، لم أغير شيئاً على الإطلاق، بالعكس الحرب تطلبت مني أن أكون أحياناً على الخطوط الأمامية في زيارات مع العسكريين على الحد الأمامي على بعد بضع مئات الأمتار من الإرهابيين وهذا حصل كثيراً خلال هذه الحرب، فإذاً العامل الأمني هو ليس عاملاً جوهرياً بالنسبة لي في هذه الظروف، فكلنا سوريون وكلنا معرضون للأخطار نفسها، كان الإرهابيون يطلقون الصواريخ على مدينة دمشق وكنا نتحرك بالطريقة نفسها ونأتي إلى هذا المكان، ونذهب بكل الاتجاهات، ولكن طبيعة زياراتي اليوم تركز بالدرجة الأولى على ما يتعلق بالحرب بشكل أساسي، زيارة الجيش، زيارة عائلات الجرحى، لقاء مع عائلات الشهداء، هذا النوع من النشاط أو أي نشاطات أخرى لها علاقة بالدولة تركز على إعادة الإعمار وتحسين الوضع الاقتصادي، بالإضافة إلى الجانب العسكري، هذا هو الاهتمام الأول بالنسبة لي في هذه الظروف.

شكراً لكم سيادة الرئيس على هذا اللقاء، ونأمل في أن يعم الاستقرار والسلام الأرض السورية قريباً، وتعود الحياة آمنة كما كانت.

أنا أريد أن أشكركم وأعبر عن سعادتي بلقائكم في دمشق وأنقل عبركم التحية ليس فقط للقيادة الروسية وإنما لكل الشعب الروسي فكل دعم قدمته روسيا لسورية سواء على المستوى السياسي من خلال مجلس الأمن أم في الساحة الدولية بشكل عام أو من خلال الدعم العسكري المباشر كان بدعم من الشعب الروسي الذي نعتبره مساهماً في هذه الحرب على الإرهاب بشكل مباشر، ولكن مهما قدم من دعم سياسي أو عسكري أو مادي هناك شيء أغلى منه بكثير هو تقديم الدماء، نحن لن ننسى أنه بالإضافة للعائلات الروسية المشتركة التي تكونت عبر الستين عاماً الماضية، لا ننسى أبداً بأنه في هذه الحرب أصبحت هناك أيضاً دماء مشتركة من خلال الشهداء الذين قدمتهم روسيا دفاعاً عن سورية ودفاعاً عن الشعب السوري في وجه الإرهاب، لذلك تحياتي لكل مواطن روسي على الساحة الروسية الكبيرة جداً.

الصحفيان: شكراً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن