سورية

«رويترز»: استعادة حلب توجه ضربة لطموحات تركيا في سورية

| وكالات

تلقت تركيا ضربة مهنية بهزيمة حلفائها المسلحين في شرق مدينة حلب، أفسدت عليها مساعيها لإجبار الرئيس بشار الأسد على التخلي عن الحكم.
ولكن دعم تركيا للمسلحين المنسحبين من آخر معقل لهم في مدينة حلب، سيظل حسب تحليل لوكالة «رويترز» للأنباء، مستمراً مع تكثيفها حملة لطرد مسلحي داعش و«وحدات حماية الشعب» الكردية من ريف حلب الشمالي.
ووفقاً للوكالة من المتوقع إعادة نشر بعض التشكيلات المسلحة من حلب في إطار «عملية درع الفرات» وهي هجوم أطلقته تركيا قبل أربعة أشهر لتأمين قطاع من الأراضي السورية يمتد لمسافة 90 كيلومتراً بمحاذاة الحدود.
ونقلت الوكالة مسؤول كبير من ميليشيا «لواء السلطان مراد»: «العمل على هذا جار بالفعل». وأضاف: إن مقاتليه سينضمون في البداية إلى مساعي تركيا لطرد مسلحي داعش من مدينة الباب على بعد 40 كيلومتراً شمال شرقي حلب.
ودور الرئيس التركي طيب أردوغان في التفاوض على خروج آمن من حلب للمسلحين، الذين ساندهم على مدى الأعوام الخمسة الماضية ليس على الأرجح النتيجة التي كان يريدها وفق الوكالة التي لفتت إلى أنه على مدى سنوات قاد أردوغان دعوات إلى تدخل دولي لإجبار الرئيس الأسد على التنحي. لكنه يمثل ذروة تحول في السياسة التركية بدأ قبل أشهر مع سعي أنقرة إلى إصلاح علاقاتها المتصدعة مع روسيا ومع تنامي التهديد لأمنها القومي من داعش و«وحدات حماية الشعب» وفق الوكالة.
وسحبت تركيا بنفسها بعض مسلحي الميليشيات المسلحة الذين تساندهم من حلب في آب للمشاركة في «درع الفرات» وهو ما زاد من ضعف قدرتها على التصدي للهجوم من قوات الجيش العربي السوري وحلفائه الروس والإيرانيين، حسب الوكالة.
وقالت أستاذة العلاقات الدولية في إحدى جامعات اسطنبول جولنار أيبت وفق الوكالة: «الوضع في سورية تغير تدريجياً من واقع إلى آخر منذ 2011 وجميع الفاعلين الإقليميين… تكالبوا محاولين التكيف مع الوقائع الجديدة. في هذا الصدد تركيا ليست استثناء». وأضافت قائلة: «أولويات تركيا فيما يتعلق بالحرب في سورية الآن، وفي المستقبل المنظور لها شقان: الأمن القومي والإغاثة الإنسانية».
وأبرزت سلسلة تفجيرات انتحارية على مدى العامين الماضيين أُلقي بالمسؤولية فيها على داعش ومسلحي حزب العمال الكردستاني حجم التهديد القادم من سورية للمدن التركية الواقعة على بعد مئات الأميال من جبهات القتال. وقال مسؤول تركي حكومي بارز وفق الوكالة: «سورية تحولت إلى ساحة تدريب لمنظمات إرهابية… سياستنا في سورية يجري تعديلها وفقاً للحقائق على الأرض».
وفي أحدث هجوم في مطلع الأسبوع أعلن مسلحون أكراد المسؤولية عن تفجير مزدوج خارج استاد لكرة القدم في اسطنبول أودى بحياة 44 شخصاً معظمهم من الشرطة. وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو الأسبوع الماضي: إن أحد منفذي التفجير من المعتقد أنه جاء من سورية، وإن مسؤولين في أنقرة يعتقدون أن التفجير ربما كان للانتقام من إجراءات تركيا ضد «وحدات حماية الشعب» في شمال سورية.
وقال مسؤول تركي ثان: «هم غير سعداء بالتقدم الذي يحققه الجيش التركي في سورية وهم يحاولون إرسال رسالة إلى تركيا من خلال هجمات إرهابية». وأضاف قائلاً: «معركتنا ضد الإرهاب في تركيا وتقدم المقاتلين الذين تساندهم تركيا في سورية سيستمران».
وقال المسؤول من «لواء السلطان مراد» حسب «رويترز»: إن المقاتلين المنسحبين من حلب إلى محافظة إدلب في سورية سيخضعون لتدقيق من جانب تركيا قبل إرسالهم إلى عملية «درع الفرات» بأسرع ما يمكن. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه: إن الهدف هو طرد أعضاء جبهة النصرة وهي من بين الجماعات المسلحة التي تقاتل قوات الجيش العربي السوري، لكنها كانت حتى وقت قريب مرتبطة بتنظيم القاعدة. وتعتبر كل من الولايات المتحدة وتركيا -شريكها في حلف شمال الأطلسي- جبهة النصرة جماعة إرهابية.
وأضاف المسؤول بـ«لواء السلطان مراد» مشيراً إلى بلدة تقع على بعد 50 كيلومتراً شرقي مدينة الباب كان أردوغان قد أعلن أنه يريد استيلاء القوات التي تساندها تركيا عليها «لن يستغرق ذلك الكثير من الوقت.. بالتأكيد ليس أسابيع. عملية الباب حيوية لتركيا ومن هناك سنتقدم إلى منبج».
وتغيير تركيا لأولوياتها في سورية له علاقة إلى حد كبير بتقاربها مع روسيا في آب بعد تسعة أشهر من التوتر في العلاقات بين البلدين الذي أثاره إسقاط تركيا لمقاتلة روسية فوق سورية، وفق الوكالة.
وحسب «رويترز» فإن التغير في سياسة أنقرة يرجع بين أسباب أخرى إلى إحباطها منذ وقت طويل بشأن السياسة الأميركية في سورية. وتركيا غاضبة من الدعم الأميركي لجماعات كردية مسلحة وتشاطر مقاتلي الميليشيات المسلحة السورية شعورهم بخيانة من الرئيس باراك أوباما الذي شجع انتفاضتهم بالدعوة إلى رحيل الأسد ثم التخلي عنهم.
وقال المسؤول الحكومي البارز: «المعركة التي كان ينبغي أن تأخذها القوى العالمية على عاتقها لم تضطلع بها تلك القوى على الإطلاق… إذا كان أحد يبحث عن كبش فداء لما يحدث في سورية فإنه ليس أردوغان ولا تركيا».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن