ثقافة وفن

الفن لغة وتنمية وذوق أخلاقي وحضاري .. مرعشلي: أسلوبي ليس واقعياً بحتاً فاللوحة تبدو واقعية لكنها نسيج من خيالي وكثير من ذاتي

| سارة سلامة

من عبق الشام وأصالتها من أرض الياسمين المفعمة برائحتها، خطت الفنانة التشكيلية علا مرعشلي طريقها في عالم الإبداع، مختارةً الريشة والألوان لتكون ملهمتها، تمتاز ريشتها بالدفء والحب والجمال، وليس بغريب أن نرى كل هذا الحب والجمال لأن الأقدار حملتها إلى أن تبدأ موهبتها في دمشق القديمة، وما لهذه المنطقة من خصوصية تبثها في روح ساكنيها وروح كل زائر قصدها، فهي بيئة منتجة وصانعة للحب والسلام، رغم كل ما مرَّ بجنباتها وقفت صامدة مانعةً الظلام من التسلل إليها، وآثرت مرعشلي أن تختارها منطلقاً لها، وهنا كانت بداية مشوارها ومن ثم أخذت طريقها بالاحتراف، ترى في الفن توليفة لون وكتلة وفراغ وضوء ومشاعر تخرج من اللوحة لتشد عين الناظر وتحاكي أحاسيسه وتعبر عن أسلوب الفنان وذاته الكامنة في مساحات اللوحة، حبها للمهنة دفعها لأن تعطي وتعلّم، وهذا أسمى ما يمكن للفنان أن يقدمه، فأسست نادي رسم تعليمياً تربوياً باسم «شوية فن» يحمل رسالة الفن والفرح واللون لتوعية المجتمع بأهمية الفن لأنه لغة وتنمية وذوق أخلاقي وحضاري.
وكان لصحيفة «الوطن» هذه المساحة مع الفنانة علا مرعشلي التي أضاءت فيها عن تجربتها:
كيف احترفت الرسم.. وهل قيدتك ظروف اجتماعية معينة في تحقيق الاحتراف بهذه المهنة؟
«إذا وجد الفن في شخص ما فلا بد له أن يظهر ويخرج للنور، وحتى أنا كان لي مسيرة تعليمية أكاديمية بعيدة عن الفن تماماً إلى أن جمعتني المصادفة مع أحد الرسامين في دمشق القديمة وهناك وجدت نفسي في مساحة الفن واللون والجمال، وقررت أن أرسم ومنذ لك اليوم بالذات، بدأ مشواري بالرسم كهاوية أولا ثم تعلمت الفن بشكل أكاديمي.

من دعمك وساعدك للدخول في هذا المجال؟
لاشك أن أهلي كان لهم الفضل الأول في دعمي وتشجيعي للرسم ولكن نجاحي واستمراري هو ما أثبت وجودي في الساحة الفنية.

في لوحاتك التمست الحب والأمل والتفاؤل.. والأغلب فيها هو رسمك الوجوه، الطبيعة، الجمال، فهي غالباً واقعية، وواضحة.. لماذا اخترتِ هذا النوع من الرسم؟
دعيني أوضح شيئاً أنا لا أتفق أبداً مع الرسم الواقعي البحت الذي تبدو فيه اللوحة كأنها تصوير، وهذا النمط برأيي الشخصي هو عبقرية نسخ وإبداع نسخي ولكنه ليس إبداعاً فنياً، الفن برأيي الشخصي هو توليفة لون وكتلة وفراغ وضوء ومشاعر تخرج من اللوحة لتشد عين الناظر وتحاكي أحاسيسه وتعبر عن أسلوب الفنان وذاته الكامنة في مساحات اللوحة ولو كانت لوحة تجريدية، الفن يكمن في ضربة الريشة المتفردة التي تحمل الكثير من شخصية الفنان أو في توليفة الألوان التي تنبع من خياله كما في المشاعر التي تولدها اللوحة عند النظر إليها، إذاً أسلوبي ليس واقعياً بحتاً فاللوحة تبدو واقعية لكنها نسيج من خيالي وكثير من ذاتي.

هل تتحدثين لنا عن أهم المعارض التي شاركتِ بها؟
شاركت ببعض المعارض واحد فردي في الأردن عمان وعدة معارض في دمشق لعل أهمها من حيث المشاركة الشبابية والحضور والنقد والتغطية الإعلامية معرض «خريجي أدهم إسماعيل» ومعرض «صدى الفن الثامن».

بمن تتأثرين من الفنانين التشكيليين؟
أتابع عدة فنانين محليين وعالميين على اختلاف مدارسهم الفنية كالأستاذ ممدوح قشلان والفنان الراحل عمر حمدي (مالفا) ولوحات الدراويش للفنان بديع جحجاح بالإضافة للفنان محمود فتيح من مصر ومعجبة جداً بأسلوب الفنان فلاديمير فوليغوف وغيرهم الكثير.

تقدمين نوادي للأطفال في عدة أماكن بدمشق ما هدفكِ هل هو مادي أو تعليمي تربوي؟
بالنسبة لنادي «شوية فن» الذي عملت على استمراره منذ نحو أربع سنوات، فهو نادي رسم تعليمي تربوي يحمل رسالة الفن والفرح واللون وكل ما أقدمه من أنشطة وفعاليات تكون مدروسة بشكل تربوي، وأعمل بشكل دائم على تطوير أنشطته ونشره بشكل دؤوب جداً وذلك لتوعية المجتمع بأهمية الفن لأنه لغة وتنمية وذوق أخلاقي وحضاري وقد نرى الكثير من أنشطة التلوين والرسم في بعض مراكز الترفيه أو بعض المدارس لكنها تكون فارغة من المضمون الثقافي والتربوي لذلك نراها باهته وليس لديها قيمة.
أما عن الجانب المادي فكل رواد النادي يعلمون أنني أعمل بالحد الأدنى من التكاليف وذلك لأني أحمل هدفاً ورسالة، وإذا نظرنا إلى مدى ضعف الثقافة المجتمعية تجاه أهمية الفن، عرفنا أنه ليس مساحة للربح المادي بل على العكس تماماً.

هل أثرت الأزمة في طبيعة أعمالك؟
لاشك أن الأزمة أثرت في الجميع جداً، كيف يمكن لرسام أن يرسم بلا مرسم، فالمراسم سواء في الضواحي أو الشام القديمة أغلبها مغلق ومواد الرسم على شحها أصبحت غالية جداً، التسويق والسياحة متوقفان، وحتى نادي الأطفال لا أستطيع الاستقرار به لارتفاع الإيجارات، غير أن هذه الأخيرة حولتها لنقطة إيجابية ووجدت أن تنقّل نادي «شوية فن» عبر المدارس والمراكز التجارية والفعاليات يساعد على نشر ثقافة الفن وأهميته.

ما طموحك.. وما الهدف الذي تسعين لتحقيقه؟
طموحي أن أؤسس مركزاً فنياً متكاملاً يضم ويعلم مختلف الفنون ويكون نوارة فنية ترتبط مع المراكز العربية والعالمية ويحقق تبادلاً فنياً ثقافياً، ويوفر نشاط معارض ينشر الفن وأهميته ويعبر عن هوية الشعوب ويحمل رسالتها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن