المطاع من المستطاع
| محمود الصالح
زاد الاهتمام في الآونة الأخيرة بالزراعة المنزلية والزراعة الأسرية، ويبدو أن أكثر المعنيين علاقة بتشجيع هذين النوعين من الزراعة لا يستطيع التمييز بينهما، والسبب في ذلك عدم وجود خطة واضحة وإستراتيجية مدروسة لمثل هذا المشروع الذي يفترض أن يكون وطنياً بامتياز.
نقول ذلك لإيماننا أن الأوطان لا تبنى بالتمني وكذلك لا يجوز أن يكون لكل حكومة إستراتيجية مختلفة عن الحكومات التي سبقتها. ونقصد بذلك أن تنسف ما بناه الآخرون.
نتحدث عن هذه القضية في معرض الاهتمام الذي تبديه الحكومة بالمسالة الزراعية. ولن نتحدث اليوم إلا عما يتم تداوله عن الزراعة الأسرية والزراعة المنزلية والمقصود بالأولى أن يتم دعم الأسرة العاملة في الزراعة في إطار ضيق عبارة عن زراعة بضع دونمات فقط تشتغل فيها الأسرة من دون الاستعانة بالآخرين بغية تحقيق الاكتفاء الذاتي بالدرجة الأولى وبيع ما يزيد على حاجتها في السوق. وهذا النوع من الزراعة يحتاج إلى دعم من خلال توفير مستلزمات الإنتاج من بذور ومياه ري فقط. حينها يمكن أن نقول إننا ندعم الزراعة الأسرية. لأنه من دون توفير البذور والأسمدة ومياه الري التي لن تأتي إلا من خلال توفير المازوت لمضخات الآبار من دون ذلك لا يمكن أن ندعم الزراعة الأسرية. المعادلة بسيطة جداً وأبسط مما يتصور جهابذة التخطيط الزراعي في الحكومة. أما الزراعة المنزلية فهي أشبه بالأحلام وخصوصاً في ضوء واقع المدن الآن. لأن هذه الزراعة منتشرة أصلاً منذ زمن في كل الريف ولا يكاد منزل يخلو من الزراعة المنزلية وهي منتجة ومفيدة. لكن نعتقد أنها غير مجدية في المدن لعدة أسباب أهمها أن أسطح المنازل والحدائق المشتركة أثبتت التجربة عدم وجود إمكانية جماعية لاستثمارها لأسباب اجتماعية. ويرى البعض أن زراعة حدائق دمر بالخضر يكفي مدينة دمشق.
الحقيقة أن هذه الأحلام غير واردة. وإذا أردنا أن نحقق زراعة مستقرة ومستدامة فإن هناك عشرات آلاف الهكتارات من الأراضي البائرة بحاجة إلى استثمار. والمطلوب استثمارها اليوم وليس غداً.