من دفتر الوطن

إما ملائكة… وإما شياطين؟!

| عبد الفتاح العوض 

إنني أشهد في نفسي صراعاً وعراكاً
وأرى ذاتي شيطاناً وأحياناً ملاكاً
هل أنا شخصان يأبى هذا مع ذاك اشتراكاً
أم تراني واهماً في ما أراه؟
لست أدري
هذا المقطع معروف جداً لقراء الطلاسم لإيليا أبو ماضي.. فالبشر هو ذاك المزيج بين الأفكار الملائكية وتلك الشيطانية.
يكون «شيطاناً» أحياناً.. وملاكاً في أحيان أخرى.
لكن… في بلادنا.. فينظر إلى الشخص إما ملاكاً وإما شيطاناً!! المسؤول لدينا عندما يتم تعيينه يصبح «ملاكاً» يتم تسويقه على أنه صاحب فكر نير وأفكار خلاقة ويد نظيفة ومن أهل الكرامات.
تدور الدنيا قليلاً… لسبب أو لآخر يتم إعفاؤه أو التخلي عنه يتحول فوراً إلى «شيطان» نتذكر كل المساوئ التي نعرفها أو لا نعرفها عنه. يصبح هو نفسه صاحب فكر «ظلامي» وعديم الفكر وغير مبادر ويده ملطخة بالفساد!! ويصبح «اللـه» لا يحبه!! لا أدري إذا كانت المسألة تتعلق بـ«العقل العربي» الذي لديه إرث طويل في «ثنائية القطب» السالب والموجب… الأسود والأبيض وهو الأمر الذي ينظر إلى الأشياء على أنها «خير مطلق» أو «شر مطلق».
لكن الأمر ليس كذلك.. في بعض الديانات القديمة والأساطير ثمة حديث عن «إله» الخير و«إله» الشر.
وقد تخلص البشر من هذه الأفكار إلى حد كبير وتم التوصل بالتجربة إلى أن الإنسان يمتلك هو نفسه هذا المزيج من الخير والشر.
فكل منا هو شركة مساهمة… للخير فيه حصة وكذلك للشر.
والإنسان الذي يغلب عليه الخير يديره الخير لكن يبقى للشر حدوده وحضوره وحصته!! أقول كل هذه «الفلسفة» لأناقش قضية جوهرية سنصل إليها عما قريب.. كيف يمكن لمن تم التعامل معهم /كشياطين/ أن يكونوا غداً في حضن «الوطن».. أو شركاء فيه أو في إدارته.. مناقشة هذا الموضوع ليس ترفاً فكرياً… بل هو حالة من الحالات التي ستواجهنا قريباً.
لهذا فإنَّا بحاجة إلى طريقة ألطف بالتعامل مع بعضنا لأن السير في درب التسامح يحتاج إلى كثير من الحكمة.
الآن البعض يعبر عن آرائه بتشنج، وهناك من يرفض فكرة العودة إلى «حضن الوطن» ويتعامل معها بسخرية، وهناك أيضاً من لا يؤمن بفكرة التسامح على اعتبار أن ما عشناه وما زلنا نعيشه كان قاسياً و«الأسى ما ينتسى».
لكن الدول لا تعيش بهذه العقلية.. أيها السادة.. لسنا ملائكة أو شياطين… نحن البشر هذا المزيج الرائع من الملائكة والشياطين.
حلمنا أن نكون ملائكة… لكن هيهات!!

أقوال:
هناك أشياء نقولها لجميع الناس، وأشياء نقولها لبعض الناس، وأشياء لا نقولها لأحد.
مهما يكن من قذارة الفأر، فإن منظره في المصيدة يثير الرثاء.
تعلمت منذ زمن طويل ألا أتعارك مع خنزير لأني سأتسخ وهذا يروق له.
ما فائدة الدنيا الواسعة.. إذا كان حذاؤك ضيقاً؟!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن