رياضة

كيف واجهت الفرق الدوري التصنيفي؟ … معاناة في الإمكانات الفنية والمالية ونقص الخبرات

| نورس النجار

تجربة أندية دوري الدرجة الثانية المتأهلة إلى الدوري التصنيفي لم تكن ناجحة بالمطلق، فكل الفرق المتأهلة عادت أدراجها إلى دوري الدرجة الأدنى، والحسنة الوحيدة أن هذه الفرق لن تخوض غمار الدوري التصنيفي مرة أخرى مع فرق الدرجة الثانية وباتت قوام فرق الدرجة الأولى وتنتظر من سينضم إليها من الدوري التصنيفي الجديد.
الشيء المهم الذي عانته هذه الأندية هي الإمكانات القليلة التي أدت إلى استعداد ضعيف كما حدث مع الساحل وحرفيي حلب ومصفاة بانياس، على حين فإن الكسوة عانى الأمر رغم أن محافظة ريف دمشق وفرع ريف دمشق للاتحاد الرياضي العام حشدا كل ما يمكن حشده لهذا الفريق.
الفرق التي تأهلت إلى الدرجة الأولى فرحت بالتأهل واعتبرته إنجازاً تاريخياً، أما بقية الأمور فلم تكن ذات أهمية لأن هذه الفرق اصطدمت بالواقع الكروي المر الذي نعانيه.
والتأهل لا يكفي، بل إنه يتطلب الكثير من الإمكانات والمقومات التي تجعل الفرق المتأهلة ضمن كوكبة الكبار، وتجعله فيما بعد ضمن كوكبة المنافسين.
كل الفرق اليوم تعاني من الدوري من ناحية الإمكانات المالية، فالمشاركة بالدوري باتت تتطلب نفقات كبيرة، فكيف إن كانت المشاركة بقصد المنافسة؟

سوق ملتهبة
المعاناة الأولى التي تعانيها الفرق تبدأ بالبحث عن اللاعبين المتميزين من أجل إيجاد فريق متجانس كامل ومتكامل، وهذا ما لا يقدر على فعله إلا الفرق الكبيرة التي تملك الإمكانات المالية الكبيرة.
لذلك كان الحصول على اللاعبين على شكل درجات، ومع ندرة لاعبي النخبة فإن أسعارهم ارتفعت لحد الجنون، مع وجود من يدفع مهما بلغ السعر، وعليه فإن الأندية الأخرى تقاسمت البعض من اللاعبين، فمنها من نالت المراد، ومنهم من ارتضى بما قسم لها من لاعبين.
الفرق التي نتحدث عنها لم يصلها ما تتمنى من لاعبين لأن ميزانيتها المالية تعجز عن دفع العقود الكبيرة وتعجز عن دفع الرواتب العالية، فاكتفت بمن قبل بوضع هذه الأندية وإمكانياتها.

تجهيزات مرتفعة
المعاناة الثانية التي تعرضت لها الأندية كانت بالغلاء الفاحش للتجهيزات الرياضية وهذا ما وضع الفرق في مأزق ما بعده مأزق لأن الفريق الواحد يكلف في الحد الأدنى ثلاثة ملايين ليرة تجهيزات رياضية وبعض الفرق عاجزة عن تأمين هذا المبلغ، فانتظرت إعانة المكتب التنفيذي واضطرت للاستدانة أكثر من مرة.
والطامة الكبرى هي المشاركة بحد ذاتها، والنفقات الناجمة عنها من تكاليف سفر وإقامة وإطعام وأجور مواصلات وهي التي جعلت الفرق الكبيرة تدخل مرحلة العجز التام كحطين وتشرين وجبلة والمجد، فكيف بالفرق التي نتحدث عنها اليوم بشكل عام.

الخبرة
أمام كل هذا الهموم نسيت إدارات الأندية موضوع كرة القدم لأن الهم الأكبر كان بكيفية تأمين مصاريف الفريق وتجهيزاته وعقود اللاعبين ورواتبهم، فبحثت الأندية عن المصاريف الأقل سواء بالتجهيزات أم المستلزمات، والشيء نفسه عملته الأندية على انتقاء اللاعبين الأقل كلفة والأقل تكليفاً، وأمام هذا الواقع لم تستطع الأندية المتأهلة إلى الدوري التصنيفي أن تثبت وجودها لأنها فقدت كل شيء.
وأهم شيء فقدته الخبرة التي لم تسعفها بالصمود وإثبات الذات، وهنا الفرق موزعة على قسمين، قسم يملك الخبرة لكنه فقد كل مقومات الثبات والبقاء، ومن هذه الفرق مصفاة بانياس الذي لم يجد الدعم المناسب كما كان يقدم له سابقاً، فخسر مدربه الذي قاده أيام العز، كما خسر مجموعة لاعبيه المتميزين الذين انتقلوا لأندية تشرين وحطين وجبلة.
ومن هذا القسم نجد النضال الذي أعلن الهبوط مسبقاً فتنازل عن لاعبيه وعن وجوده بين الكبار، والسبب في ذلك أن إدارة النادي لم تعد تستطع مواجهة نفقات الدوري وتجهيزاته وشراء اللاعبين وما يترتب على ذلك من عقود، فقرر العودة إلى الماضي والبقاء في الدرجة الأدنى وبناء فريق من أبناء النادي، والجهاد ينطبق عليه المقولة ذاتها، فشارك بأبناء ناديه صغاراً وكباراً على أمل أن يكتسب لاعبوه الخبرة المطلوبة للسنوات القادمة.
القسم الثاني ضم فرقاً افتقدت الخبرة فضلاً عن أن إمكانياتها الفنية والمالية ضعيفة.
فحرفيو حلب اشتكى العوز والمال وسار بفريقه خطوة خطوة ووصل إلى طريق مسدود، وكاد أن يعتذر عن المشاركة لولا أنه تلقى مساعدات من هنا وهناك وأتاه عدد من لاعبي الاتحاد والحرية الذين لم يجدوا مكاناً في فريقهم، وكان الحرفيون أفضل الفرق المتأهلة لكنه سقط في مباراة الحسم الأخيرة فخرج من السباق وعاد من حيث أتى.
الساحل لم يُبلغ وجوده بين الكبار إلا قبل 15 يوماً من انطلاق الدوري التصنيفي بفوزه على البريقة، الوقت المتبقي لم يسعف إدارة النادي بدعم الفريق ومده بما يلزم، وزاد من سوء الحال المشكلات الإدارية التي عصفت بالنادي، فكان من الطبيعي ألا يبقى بين الكبار.
الكسوة كان فرس الرهان، عمل واجتهد ولكنه لم يوفق والسبب في ذلك قلة الخبرة، فالفريق قدم مباريات جيدة وحقق نتائج إيجابية وكبيرة ولكنه لم يوفق بمباريات حاسمة لم يستطع إدارتها بشكل جيد لأنه لم يعرف كيفية التعامل مع الدوري ولم تكن حساباته صحيحة في المباريات المؤثرة التي كان طرفها منافسيه على البقاء.

أخيراً
في المجمل التجربة كانت ناجحة لكل الفرق لأنها استفادت من الحضور والمشاركة لكن الأهم لغة الحسابات الفنية والتقنية والمالية، فالفريق الذي لا يملك إمكانيات الصعود إلى الدرجة الممتازة عليه ألا يسعى إليها إن لم يملك هذه المقومات، وعلينا أن ندرك أن الاتحاد الرياضي العام ليس بنك الدوري، فالأموال ليست مطلوبة من القيادة الرياضية إنما مطلوب تأمينها من الأندية وهذه رسالتنا إلى كل أندية الدوري بكل الدرجات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن