ثقافة وفن

معنيّ جداً بالأمور النفسية أكثر من الأمور المادية .. أحمد الوعري لـ«الوطن»: يدلّ الشريط اللاصق على سلطة الأفكار التي تحيط بنا

| سوسن صيداوي

برعاية وزارة الثقافة، وضمن حضور خجول ومقتصر على الأهل والأصدقاء والخريجين الجدد والطامحين للاعتراك والاجتهاد من أجل تحقيق الذات في المجال الفني التشكيلي، تمّ افتتاح معرض «سلطة الأفكار» للفنان التشكيلي أحمد الوعري في صالة الآرت هاوس في دمشق.
بين معجب ومفتون وبين من هو مغمور كانت الآراء مرحبة بالمعرض الذي احتوى 18 لوحة تمثّل أموراً نفسية يعيشها الجميع وتتمحور بمشاهد الحياة وصورها، ومعظمها تحاكي القيود، التي تمّ تجسيدها بشريط لاصق شفاف، والذي به نحن من نقيّد أنفسنا، وتارة أخرى من يقيّدنا به الآخرون أو المجتمع، أو من بين الأعمال من ينظر إلى القيد ولكن لا يقيّد نفسه به، معتمداً «الفنان» على المزج بين الألوان والأضواء والخطوط كي يستطيع المتلقي متابعة التفاصيل الدقيقة وحركات الريشة كي تكون واضحة معبّرة مألوفة لعين المشاهد وليست بغريبة، فالأسلوب المتبّع في رسمها يعززها كي تكون معروضات معاصرة وجميلة وحية تُحرّك بألوانها وحركات مواضيعها المكان الذي تُعرض فيه، فهي بالنهاية تتبع أسلوباً معاصراً في الرسم هو فن المطابقة أو ما نسميه الفوتوغراف الذاهب إلى تجميل الديكورات والأماكن وتزيينها أكثر من كونها أعمالاً تصرخ فناً.

وللذِكر.. سيرة
النجاح يزهو في النفس ويجمّله والأمر واضح مع الفنان التشكيلي أحمد سعيد الوعري، مواليد مدينة حمص 1990، وخاصة أنه حاز الدرجات في امتحان القبول في كلية الفنون الجميلة جامعة دمشق، شارك في العديد من معارض اتحاد الفنانين التشكيليين، وعلى الرغم من أنه حديث التجربة الفنية التشكيلية إلا أن إصراره كي يكون مميزاً وليس مجرد عدد مضاف، طموحه وتأمله الثاقب لما يجول في الفكر وما يعتلي النفوس، دفعه كي يجتهد كثيراً ويقيم معرضه الفردي الأول في حمص في عام 2013، ثم معرضه الفردي الثاني في اللاذقية في عام 2014، وفي هذه الأثناء يقيم معرضه الفردي الثالث في الأرت هاوس في دمشق، مستمراً لغاية 12 كانون الثاني المقبل.

التكريم.. لفنان
من بين الأعمال المعروضة لوحة للفنان نضال سيجري وكان تحدث عنها الفنان التشكيلي أحمد الوعري «بالنسبة إلى لوحة الفنان نضال سيجري هي من الأعمال القديمة ولكن قمت بضمّها للمعرض تكريماً لهذا الفنان القدير، والذي ابتعد عنا في الجسد إلا أنه معنا بالروح والقلب، ونحن فخورون به وله خصوصية كبيرة باعتباره فناناً وإنساناً».

فنان ومعرض
عن معرض «سلطة الأفكار» وحول مواضيعه والأسلوب المتّبع تحدث الفنان: «أطلقت على هذا المعرض اسم «سلطة الأفكار»، وفيه 18 لوحة، وعلى الرغم من أنني من مواليد عام 1990، إلا أنني معنيّ جداً بالأمور النفسية، ففي ببعض الأعمال تكون الملامح غير واضحة لأنها ردة فعل تجاه الأحداث الحالية والتي أصبحنا في الوقت الحالي معنيين بها إنسانياً لأنها أصبحت معروفة ومفهومة كيف تمنهجت، ولكن الحالة بعدم وضوح الوجوه في اللوحات للدلالة على تعامل الناس مع الحدث، وأيضاً نرى بين الأشخاص حديثاً أو هناك أشخاص يكتفون بالمشاهدة، وفي عمل آخر ملامح الوجوه أكثر وضوحاً والمفتاح، كي يمثّل من خسر بيته أو خسر ملكيته أو الاستقلالية، فأنا معنيّ جداً بالأمور النفسية أكثر من الأمور المادية، وفي مجموعة الأعمال المعروضة يظهر واضحاً الشريط اللاصق والذي يدل على سلطة الأفكار التي تحيط بنا، ففي بعض الأحيان أفكارنا تشدّ الشريط، وفي مرات أخرى نتحرر منه وفي مرات الأشخاص هم من يقيدّونا به، فأنا حوّلت الأمور المحسوسة والمعنوية، ولكن في حالات نعيشها لا ترتقي إلى مستوى التشخيص، ولا نسلّط الضوء عليها لأننا لا نعتبر لها أهمية، ولكن لها كل الأهمية لأنها هي التي تبني الإنسان، وأنا منذ الصغر أتأمل كثيراً بما يحيط بي وهذا الأمر بقي معي، والألوان الحارة التي اخترتها كي تجذب المتلّقي للحدث، وتخلق تبايناً بين خلفية اللوحة وبين القيد الذي هو شفاف، ولعبة الألوان تخدم اللوحة كي تُشعر الشخص بأنه يعي الحالة والتي هي موضوع اللوحة، أما بالنسبة إلى لوحة دمشق والتي بمعظمها بالأبيض والأسود، باستثناء يد ملونة، فهذه يدي ويد الجميع، والتي أريد منها أن أزيح العتمة عن بلدي سورية، والتي تمثّل أيضاً تحدّينا للحياة على الرغم من القيود التي تعرضنا لها، فأنا واحد من الأشخاص وأعيش في حمص في منطقة ساخنة، ومع ذلك رسمت لوحاتي وأحاول تقديم فن وثقافة على الرغم من أنني مقيّد بالظروف والطرقات والقذائف وغيرها الكثير مما فُرض علينا من قيود، وبالنسبة للقيود الأخرى والتي يمكن أن يتعرض لها الفنان ويواجهها في الحركة التشكيلية، فهي لا تعنيني لأنني أعمل بجهد وأحب عملي وفني، والجمهور هو الذي يقيّم الأعمال وفي النهاية لكل مجتهد نصيب، وأنا فخور بمعرضي هذا وأنا أصعد السلم درجة تلو أخرى، وفي كل معرض هناك إضافات جديدة، كما أنّ أغلب اللّوحات تمّ بيعها وهذا أمر يدفعنا إلى الأمام وخاصة أننا نحتاج إلى المال من أجل تأمين احتياجاتنا الفنية وبالتالي نستطيع الاستمرار».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن