ثقافة وفن

سيريتل تكرم أسرة العمل في فيلم الأب … أيمن زيدان: ما يعزينا أن الفيلم السينمائي يبقى محافظاً على قيمته التاريخيّة

| عامر فؤاد عامر

تستمر شركة سيريتل للاتصالات في دعمها للفن السوري والسينما في سورية، بهدف إيمانها وعملها في أن تكون جزءاً حقيقياً وفاعلاً في المجتمع السوري في كل مجالاته، ولذلك كانت سيريتل حاضرة في افتتاح فيلم الأب للمخرج باسل الخطيب، من خلال عرض خاص للفيلم وتكريمها لأسرة العمل، وتقديم الدروع التذكاريّة لهم، إيماناً برسالة الفنّ وتأثيرها في المجتمع، وتصدير الصورة الحقيقية لسورية إلى العالم. وقد كان المكرّمون: مخرج العمل وكاتب السيناريو باسل الخطيب، ومؤلف موسيقا الفيلم الفنان سمير كويفاتي، وبطل العمل النجم أيمن زيدان، ومدير الإنتاج باسل عبد اللـه، ومدير إدارة الإنتاج مدير المؤسسة العامة للسينما مراد شاهين، وكلاً من الفنانين: وفاء موصللي، ورامز عطاللـه، وأحمد رافع، وأسيمة أحمد، وعلاء قاسم، وعامر علي، وجمال شقير، ويحيى بيازي، وخلود عيسى، وعلي إبراهيم.

الأب في لسان مخرجه

يُعدّ هذا التعاون الرابع، بين المؤسسة العامة للسينما والمخرج باسل الخطيب، فمن فيلم مريم كانت البداية تلاها فيلم الأم وختاماً بفيلم سوريون وهي ثلاثيّة ذات منطق ورؤية موحدة، ليكون فيلم الأب هو التجربة السينمائيّة الجديدة لهما. والأب هنا يجسد أب العائلة التي تعرضت للتشتت وموت أفراد منها نتيجة لهجوم المسلحين على البلدة التي تقطنها، وهو أيضاً الأب في رمزيّته الشموليّة الواسعة، والتي تعطي للكلمة أبعاداً وفضاءاتٍ كثيرة، حاول الفيلم أن يغطي ما استطاع من معانيها. وبالمقارنة بين التجارب السابقة التي قدّمها المخرج الخطيب وبين تجربته الأولى يتحدّث لـ«الوطن»: «فيلم الأب مختلف بكلّ تأكيد عن الأفلام الثلاثة السابقة، فقد كان يجمع تلك الثلاثية موضوع معين وخط زمني معين وحامل فكري واحد، في حين في فيلم الأب اتجهنا لحكاية أخرى مختلفة كليّاً، ذات مضمون ورسالة مختلفة تماماً، حتى على مستوى المعالجة البصريّة».

بين الإتقان والمغامرة
يتناول الفيلم معاناة أسرة تتعرض لضغط الإرهابيين، الذين بدؤوا بتدمير البلدة، واغتصاب أهاليها، وإجبارهم على القيام بأفعال تطرفيّة بذريعة الدين، وإخضاعهم لأحكام المحكمة التي يبتدعونها، وقد نجح الفيلم في تقديم هذه الصورة بوضوح، فكان المشهد البصري يمتزج بين قسم ملون يشير إلى الحياة التي ترتبط بابن البلد الأصلي، واللون الأسود الذي ارتبط بالغريب، الذي دخل البلدة، وبقوة السلاح أثار الرعب، وسفك الدّم، وشرّد الناس الآمنين. أضاء المخرج أيضاً على تفاصيل مهمّة قدمها الممثلون، وأجادوا في محاولة إيصالها بمحاولة التطابق مع واقعيّة الأحداث التي جرت خلال الحرب على سورية، ووقع الحمل الأكبر في ذلك على النجم زيدان فالفيلم من بطولته والعنوان والمضمون يقتضيان ذلك. ومن جانبٍ آخر كانت مغامرة وضع الممثلات كأم وابنة وأخت الأب، واللواتي هنّ في الحقيقة يتقاربن في السن، كانت مغامرة تُحسب للمخرج الخطيب، ويبقى للمتلقي الحكم فيها أيضاً، إضافة لبعض المفاصل التي ربما تحتاج إلى تفصيل أكثر، لتنسجم مع سياق العمل، الذي اعتمد على جماليّة الصورة، وبساطة النص، وقوة المؤثر الموسيقي، في مرتبةٍ أولى، إضافة إلى الكوادر الفنيّة الجيدة، والزوايا، وتسلسل الأحداث وغيرها من العناصر في مراتب أخرى.

بصمة زيدان
أداء جديد للنجم زيدان، يحمل معه تجربة خاصّة، ربما ببصمة مكثفة هذه المرّة، حملت منطقه الخاص في الأداء والتعبير، الذي أبدع فيه عبر تجاربه، إن كانت عبر السينما أو الدراما التلفزيونيّة. ويبقى للمتلقي علاقته مع الفنان زيدان فهو أحد أبرز النجوم الذين نجحوا في تقديم همومه الشخصيّة والعامة، في شخصيات عديدة، رسمها إحساساً يتفق إحساس المتلقي العربي والسوري، فلا ننسى تجاربه في فيلم أحلام المدينة، وحسه الثوري والحماس المتمثل في رغبة الشباب في إحداث التغيير والسعي نحو أهداف نبيلة يرتقي بها المجتمع، وكذلك في فيلم الشمس في يوم غائم، ولن ننسى أدواره السينمائية في الطحالب والرسالة الأخيرة ومطر أيلول وغيره. ولنجمنا هنا تجربته الجديدة وحضوره الأوسع، فلعبه لشخصيّة الأب ملأ المكان بكلّ ما تحمله هذه الصفة من معان ومرادفات منطقية، فجاء بالأب الواعي، والحكيم، والمنطقي في التصرف، والحنون، والقادر على تقديم الحقيقة، والحسّاس، والمحبّ، وصاحب النظرة العاطفية تجاه زوجه وأولاده وجيرانه وجيل المستقبل، ويمكن الإشارة هنا إلى الانتقال والكسر الواضح الذي أبدع فيه الفنان زيدان بين أدائه لشخصية الإنسان اللطيف والحنون على الأطفال، الذين تدربهم العصابات المسلحة على حمل السلاح استعداداً للقتل وسفك الدماء، والانتقال إلى الحالة الخطابيّة المباشرة من المشهد ضمن الفيلم، إلى الجمهور العريض، وكأن هؤلاء أصبحوا كباراً، ولا بدّ للثقة بين الأجيال أن تنفض الغبار المتراكم، من خلال تعاليم وجهد الغريب عن الديار في تدميرها. وقد أبدع النجم زيدان في كثير من المشاهد ولاسيما في مشهد الختام مع كل الثقة والإيمان في النظرة والتعابير التي حملتها قسمات الوجه وعلى درايته بأن طفلاً من أولئك يصوّب السلاح إلى رأسه من ورائه.

شاهد على العصر
تحدثنا للنجم زيدان عن أهمية دور السينما في إيصال الحقيقة وعن الفسحة المتاحة لعرضها للآخرين وفي ذلك يقول: «السينما السورية بتجاربها خلال الأزمة تحاول مقاربة ما يحدث في الداخل السوري، وتحاول أن تكون شاهداً على لحظة تاريخيّة فاصلة في تاريخ بلدنا، وتحاول أن تؤكد وقائع وشواهد عما يحدث، لكن المشكلة الأكبر هي هل هذه الصورة السينمائيّة التي نقدمها بكثير من الحماسة والرغبة في إظهار الحقائق تجد فسحتها في العرض خارج سورية؟ أنا أعتقد أن هناك حصاراً حقيقياً لاستقبال وجه نظر السوريين المتمثلة بالسينما السورية، فهناك تحديات شديدة، ومعظم المهرجانات تقاطع الأعمال السوريّة، ويبقى لدينا خيارات جداً ضيقة. لكن ما يعزينا أن هذا الشريط يبقى محتفظاً بقيمته التاريخيّة، ولو كان هناك تقادم زمني، وسيبقى في لحظة من اللحظات شاهداً على عصر وموثقاً له، فأفلام السينما السورية بعضها يغلب عليه الحماسة الوطنيّة، وبعضها يحمل جرعة انفعاليّة عالية، لكن في كلّ الأحوال سنبقى متمسكين في مقاربة حقيقة الجرح السوري وما نعانيه في هذا الوقت».

الموسيقا من زاوية متجددة
أثمرت التجارب التي جمعت الفنان سمير كويفاتي في موسيقاه، مع الفنان زيدان في كثير من الأمثلة سواء كان فيها مخرجاً للأعمال أم بطلها تمثيليّاً، ونذكر منها مسلسلات: أيام لا تنسى، وطيور الشوك وليل المسافرين وملح الحياة، وفيديو كليب: كذبك حلو، رح دايماً إهواك، وغيرها من الأغاني التي كتب كلماتها الفنان زيدان وغنتها الفنانة ميادة بسيليس ولحنها كويفاتي، وموسيقا مسرحية دائرة الطباشير، وفيلم الرسالة الأخيرة، وتتكرر التجربة هنا أيضاً عبر السينما مجدداً مع المخرج باسل الخطيب في فيلم الأب ليتكرّس لدينا نجاح آخر. والمنطق الجديد الذي طرحه الفنان كويفاتي في تجربته هذه كانت في اعتماده على جملة موسيقيّة غربية ومنها انطلق في التأليف والتوزيع، ولذلك نلاحظ مزيجاً مختلفاً في موسيقاه هذه المرة نتيجة لطرحه الجديد. وعن ميزة العمل والخطوة الجديدة التي حملت إضافة لافتة من الفنان كويفاتي، جاءت عبر توزيع الموسيقا التي ألفها لفيلم الأب، على الحضور في «CD» -برعاية شركة سيريتل- يحمل «التراكات» الموسيقية كلها، وهي فكرة تقدّم لأوّل مرّة عبر تجربة السينما في سورية، وفي ذلك يتحدّث: «أفتخر وأقول بأنه علينا أن نصنع موسيقا عالميّة ترافق الأفلام السينمائيّة التي تُنتج في سورية، حتى تكون عاملاً مهمّاً لانتشار الفيلم وانطلاقه لكلّ الناس أينما كانوا، واليوم في تجربتي الجديدة خلال فيلم الأب، استفدت من لحنٍ عالمي، وعملت منه توزيعات رافقت المشاهد، ولا يعني ذلك أنني لست مؤلف هذه المقطوعات، فهناك جملة واحدة من موسيقا عالميّة تُشبه شرقيتنا وأجواءنا وليست غريبة عنا مطلقاً، وهي للملحن «Edvard Grieg»، وذكرت ذلك في الـ«CD» الذي يوزّع على الناس التي جاءت لتتابع الفيلم، فأنا أودّ أن يخرج المتلقي بعد متابعته للفيلم متأثراً بالموسيقا ويستذكرها، وأعتقد أنني وصلت إلى النتيجة التي رأيتها».
رسالة السينما

التقينا من الفنانين الشباب الذين شاركوا في الفيلم أيضاً الفنان «علي إبراهيم»، وهو أحد الفنانين المكرمين، الذي أضاف لنا حول تجربته في فيلم الأب وتكرار التجربة مع المخرج الخطيب: «هي تجربة مهمة لي، فقد كان وإن اشتغلت مع الأستاذ باسل الخطيب في مسلسل حدث في دمشق، وفي الفيلم السينمائي وعد شرف، فالمخرج باسل يعمل مع الممثل على إبراز أدق التفاصيل، وقد حاولت قدر المستطاع وكذلك زملائي أن نقارب ما واجهناه خلال الأزمة السورية، فما يحدث هو أكبر من إمكانياتنا كأفراد، ولكن في السينما نستطيع أن نقدم رسالتنا للآخر، ليرى الحقائق التي نعيشها، وكنت أتمنى لو أن الإنتاج السينمائي لدينا أكثر من ذلك، من حيث الكم، فلدينا أربعة إلى خمسة أفلام في كلّ عام، لأن الجهة المنتجة الوحيدة للسينما في سورية هي المؤسسة العامة للسينما».

سيريتل تكرّم الفن والإبداع السوري
يبقى هذا الجهد والتنظيم موصولاً بشكرٍ خاص للجهة الراعية للحفل والتكريم وهي شركة سيريتل للاتصالات، وعنها كانت كلمة المسؤولة الإعلامية في شركة سيريتل نوار إبراهيم لـ«الوطن»: «قدمنا عرضاً سينمائياً لفيلم الأب برعاية شركة سيريتل، وقبل البدء بعرضه تمّ تكريم الفنانين المشاركين والقائمين على إنجازه، لأن شركة سيريتل مؤمنة بالفنّ وبالإبداع السوري، ولذلك نقف جنباً إلى جنب مع هؤلاء المبدعين ونصرّ عليهم ليقدموا رسالتهم إلى أنحاء العالم، فنحن موجودون على الرغم من ظروف الأزمة، ونقدم السينما وكلّ ألوان الفنون، وهذا هو التعاون الثاني مع المخرج الخطيب، بعد فيلم سوريون الذي نال جائزة التحكيم الخاصّة في المهرجان الدولي لسينما المقاومة في طهران، وجائزة أفضل مخرج عربي في مهرجان الإسكندرية السينمائي».

وأيضاً
يبقى أن نذكر بأن مدة الفيلم ساعة وعشر دقائق، وسيتم الإعلان عن العرض الجماهيري قريباً، والفيلم سيناريو وحوار: د. وضاح وباسل الخطيب، وبطولة: أيمن زيدان، وحلا رجب، ويحيى بيازي، ورنا كرم، وعلاء قاسم، وروبين عيسى، وأسيمة أحمد، وعامر علي، وخلود عيسى، وجمال شقير، وجانيار حسن، وجابر جوخدار، ودينا خانكان، وعلي إبراهيم، ووائل أبو غزالة، وسعيد عبد السلام، وسومر إبراهيم، ووفاء العبد الله، ونادين الشعار، وفاتح سلمان، ونور رافع، ووائل شريفي، وسلمى سليمان، ومحمد الزرزور، ورشا رستم، والطفلان: يامن حيدر، وغادة قاروط، بالاشتراك مع: رامز عطالله، ووفاء موصللي، وأحمد رافع.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن