ثقافة وفن

معرض تشكيلي جاء حاملاً اسمه .. عبدلكي يعود إلى سورية مُرحبا به بحفاوة وسط تأويلات عديدة!!

| سوسن صيداوي

رغم بُعد المسافات ورغم البلدان المُحِدّة ورغم كثرتها وتعدّدها، إلا أن الوطن يبقى محضوناً في جنبات القلوب، مغموراً بعاطفة متأججة اشتعالاً مهما طال الزمن على الفراق ومهما تعددت الأيام في روزنامتها السنوية من أشهر وأسابيع، ومهما دار في الخلَد من أفكار وهموم ومشاغل، أجل الوطن يبقى حيّاً نابضاً إلى حين العودة، و ربما إلى ما بعد، والتمتّع بالانتماء الفعلي إليه وبالتعايش مع كل ما فيه من حياة.
عاد الرسام التشكيلي يوسف عبدلكي إلى حضن أمه سورية، حاضراً بجدارة، متمتعاً بشعبية كبيرة من متابعيه من الفنانين والمهتمين الذين اغتصّت بهم صالة العرض، ملتفين ومرحبين بالعودة وبالمستوى العالي والمعتاد للفنان يوسف عبدلكي الذي جاء معرضه حاملاً اسمه، مع مجموعة من نساء جسّدهن بقلمه الرصاص، وصحيح أن الفنان قدّم نساءه عاريات الجسد، إلا أنهن ممتلئات بأحاسيس وأفكار عاصفة ومتصادمة رغم هدوء وسحر النظرات، نساء تحكي كل واحدة منهن حكاية أو قصة عن زمن أو حال أو حتى مجتمع.
والجدير بالذكر أن معرض يوسف عبدلكي افتُتح في غاليري كامل الكائن في دمشق-المزة فيلات شرقية، ويستمر المعرض لغاية السابع عشر من كانون الثاني.

الرمزية والأسلوب واحد
وسط حضور فني ومهتم كان الجميع مستمتعاً بأعمال الرسام التشكيلي والتي جاءت بالمستوى المعتاد نفسه من الفنان، وكان من بين الحضور الفنانة التشكيلية رولا أبو صالح التي قالت «المعرض جميل جداً ونقلة جديدة للفنان، وهو مختلف عما قبل من حيث المواضيع ولكن لا تختلف عنده الرمزية أبدا ولا حتى الأسلوب، ففنان قوي بالواقعية ولديه رمزياته التي تميزه كونه فناناً مبدعاً».

كثافة فنية عالية
دائما هناك اختلاف سواء بالأسلوب أم بالاتجاهات ولكن هذا يُغني الساحة الفنية ويزيدها تنوعاً، كما قال الفنان التشكيلي سائد سلوم المعرض جميل جداً وأنا سعيد بعودة هذا الفنان إلى سورية وخاصة في ظل هذه الظروف الصعبة، فكلنا نعرف فنه من الخارج واليوم نحن كلنا هنا لنرى إبداعه من قلب سورية، وأيضاً أنا سعيد جداً بوجود الجماهير الفنية في هذه الصالة التي تأثرت بالظروف خلال السنوات الماضية، ولكن العودة وفي هذه الكثافة من الفنانين هو أمر مفرح رغم اختلاف أساليبهم الفنية واتجاهاتهم ومناهجهم المتعددة، وقد يكون المرء مع وفاق فني مع الفنان أو العكس، ولكنهم اليوم متفاعلون وهذا الأمر هو الذي يشكل تعاملاً بصرياً بين المناهج في هذه المرحلة من سورية ونحن في المعرض كي نرى كيف الفنان يوسف عبدلكي يرى المرأة، وهي ليست «كما يقولون إنها نصف الحياة بل هو يتعامل معها على أنها كل الحياة».
لكل مشاهد له منظوره

تحدث النحات إحسان العر عن رؤية كل المشاهد للأعمال التي يجب أن تختلف عن غيرها وعن رؤية الفنان نفسه بغرض الارتقاء بالفكر والثقافة إلى مدارك الفنان «أنا سعيد جداً لوجودي في المعرض وفي صالة جورج كامل، ومعارض كهذه دليل على أن المجتمع يُشفى أول بأول، ومن الناحية الفنية أنا لست بصدد تقييم الفنان عبدلكي لأنه فنان كبير، والأمر واضح أنه يعمل على عنصر وحيد في اللوحة وهو المرأة، ثم إنه حفّار مهم في الأبيض والأسود وكيف يتناعم في تكوين واحد في اللوحة وهذا من السهل الممتنع، وبالنسبة للفنان أن يضع عنصراً واحداً في اللوحة ويعمل عليه ويُقنع المشاهد بعمله، فهذا بالنسبة له أمر سهل لأنه فنان مهم جداً وبعكس الآخرين، أما بالنسبة للمواضيع التي تطرق لها الفنان فأنا أشبّه أي عمل فني بالمقطوعة الموسيقية، وثقافة المشاهد تختلف من واحد إلى آخر ولا يجوز أن يقرأ كل مشاهد كالآخر، وعلى الفنان أن يقدّم عمله الفني وعلى الكل أن يراه بمنظوره الخاص، وإلا أصبحت وسيلة تعليمية إيضاحية الكل يراها ويقرؤها القراءة نفسها، وهذا أمر لا يجوز لأن على المشاهد أن يرتقي كي يرى مدارك الفنان».

توءم للوحات العالمية
المستوى الفني العالي للأعمال كانت محط تأييد الجميع وحتى اعتبرها الفنان التشكيلي علي سرميني أنها توءم لما يُقدم في الخارج «المعرض جميل ويملك الفنان موهبة تاريخية مهمة وهي نتاج موهبة إضافة إلى التدريب الذي يصقل هذه الموهبة، وهذا واضح من نتائج هذا المعرض، وبطبيعتي أنا معجب جداً بالأسود والأبيض وأرى لوحات عالمية نُفذت بالأبيض والأسود والأعمال في هذا المعرض هي توءم لها».

مصور رائع
بين الحضور كان الفنان أكسم طلاع الذي أشاد بأسلوب الفنان عبدلكي وبلوحاته: «الظاهرة هذه رائعة وفن يوسف عبدلكي، أسلوبه عال جداً وفنه مهم جداً في الحركة التشكيلية السورية، والآن تعود الصالة إلى عملها ودورها بإقامة معارض ذات مستوى عالٍ وعودة الفنان يوسف عبدلكي هي عودة الألق للفن التشكيلي في دمشق، وبالنسبة للمعرض فمستواه عالٍ جداً، واليوم يقدم المرأة الأنثى بجسدها الإنساني وبكل ما يرتبط به من مشاعر وأحاسيس وأفكار، فالفنان لديه مقدرة عالية على التصوير في الأبيض والأسود فهو مصور رائع بالدرجة الأولى».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن