قضايا وآراء

إرهابي بلا «جلباب»

| صياح عزام 

المجرم الذي قتل السفير الروسي في أنقرة لم يكن يرتدي جلباباً أو لم يظهر في هيئة «مجلببة»، بل كان أقرب إلى واحد من فريق «الحشاشين» في التاريخ الإسلامي.
فريق الحشاشين، تم تأسيسه بخطاب تصحيحي يبتغي الحكم، واستمر وجوده في قلاع بلاد فارس وبلاد الشام في الفترة ما بين القرنين الحادي عشر والثالث عشر، وكان يسمي نفسه بعد أن انشق عن الدولة الفاطمية، «الدعوة الجديدة»، واعتبر نفسه مبشراً بـ«الصواب»، واعتمد كفريق سياسي عسكري، على «الاغتيال» كوسيلة لتلبية أغراضه السياسية ببلوغ الخلافة.
وقد سمي عبر التاريخ بين نقاده باسم «الحشاشين» لماذا؟ لأن عناصره أو «فدائييه» كما كانوا يسمون أنفسهم، كانوا يقفون في أرضهم أمام الناس إثر تنفيذهم أعمال الاغتيال، لا يهربون، وإنما يواجهون الناس ويصدحون بالدعوة حتى يقتلوا ويمتلكوا صفتهم كقتلة، ليتباهوا بالفخر بها علناً، أي إن هدفهم من ذلك، إظهار شجاعتهم في سبيل نشر الدعوة.
إن من أسباب الوقوف أمام ضحيتهم بعد اغتيالها والافتخار بذلك، أنهم يتعاطون الحشيش كما قيل، أو يتعرضون للتخدير في قلعة الموت، ويرسلون منها للقتل، فيكون القتيل مرمياً قربهم على الأرض، وغالباً ما يكون ذا شأن عالٍ في السياسة أو العسكر أو الإدارة وهم يصيحون بالدعوة.
ويقال إن كلمة (Assassin) أي قاتل باللاتينية اشتقت من اللفظ المحلي لكلمة حشاشين خلال الحروب الصليبية. ويقال أيضاً: إن حركة الحشاشين تحاربت مع صلاح الدين، وشكلت جيوب حكم ذاتي في بلاد الشام أيام المماليك، وحكم 8 زعماء منها بين (1094- 1256) حتى أجهز عليها المغول تماماً في نهاية المطاف.
لقد وقف الحشاش التركي أمام الكاميرا، خلفه لوحات معلقة في معرض فني بعنوان «روسيا في عيون الأتراك»، وجنبه جثة الضحية، السفير الذي يمثل دولة ذات شأن؛ وقف رافعاً إصبعه في حركة توقظ في الذهن صورة الحشاش الذي يفخر بالاغتيال، ويستحضر ما يسميها عبارات السلف الصالح، والتبشير بالصراط المستقيم دونه العقاب، حسب أدبيات حركة الحشاشين، وبيده مسدس على طريقة أفلام العملاء السريين، وكأن الأمر ترجمة حرفية وصورة مشابهة تماماً لجرائم داعش الإرهابي الذي يجز مجرموه رؤوس ضحاياهم أو يعدمونهم بإطلاق النار في الساحات العامة وأمام الناس، وهم يتباهون بذلك بهدف ترهيب المشاهدين.
إذاً، لا تناقض في مضمون الصور والعمليات بين جرائم تنظيم الحشاشين هذا، وتنظيم داعش أو النصرة وغيرهما من الجماعات الإرهابية المسلحة التي تلبس لباس الإسلام، والإسلام بريء منها تماماً، إلى جانب تعاطي منتسبيها من الإرهابيين الحشيش والمخدرات قبل إقدامهم على ارتكاب جرائمهم القذرة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن