قضايا وآراء

2017.. ترحيل الأزمات

| مازن بلال 

سيشكل وجود مندوبين عن الفصائل المسلحة سابقة في مسألة التفاوض بشأن الأزمة السورية، ومع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه المجموعات مدعومة تركيا فقط، فولاؤها السياسي هو لحزب العدالة والتنمية؛ فإن الصراع السياسي ربما سيستعر بينها وبين وفد «الهيئة العليا للتفاوض»، ففي الأستانة سنشهد اشتباكا مختلفا بين حلفاء الأمس، وموافقة وفد «الهيئة العليا» على المشاركة هي عودة ولو خجولة للدور السعودي من جديد، فالمعادلة السياسية التي ستظهر ستحمل «تنوعا» داخل الطيف الذي كان يصر على إقصاء الجميع، وعلى التعامل مع الأزمة من منظور واحد يتعلق بقوة الأدوار الإقليمية، وليس بنوعية المستقبل السوري القادم.
الفارق الأساسي الذي يمكن أن نشهده في عام 2017 هو ترحيل الأزمات نحو جبهة محددة في الأزمة السورية، فبعد أن كانت المشكلات ترتبط بتحرك الائتلاف وقدرته على تمثيل المسلحين، أصبحنا اليوم أمام استحقاق وجود مباشر لممثلي بعض الفصائل؛ الأمر الذي سيطرح ثلاثة أمور أساسية: الأول توازن القوى السياسية التي تتصارع والتي حافظت على خريطة واحدة منذ بداية الأزمة، حيث تتجمع جبهة محددة تم منحها قوة اعتبارية على أنها تمثل الفصائل العسكرية، وفي المقابل هناك معسكر آخر متنوع لكنه من دون ذراع عسكري، والتمثيل السابق انتهى كليا لأن وجود وفود سياسية عن المسلحين يجعل الحوار أو التفاوض ضمن اتجاه خاص، ويجعل السياسة ولأول مرة مرهونة بتوازن عسكري ضمن ما يطلق عليه «الجناح المعارض».
الأمر الثاني يرتبط بنوعية المشروع السياسي، فالأطراف «الضامنة» اتفقت في موسكو على شكل سورية كما أقرها مؤتمر فيينا وقرارات مجلس الأمن، وتفاصيل التنفيذ تبدو مشتتة لأنها حتى اللحظة موزعة على خريطة عسكرية، وفي الأستانة ربما نشهد إعادة التوزيع، في حين سيبقى المشروع السياسي متقلباً نظراً لعدم القدرة على تحديد جبهة عسكرية واحدة يمكن الحاقها بالمعارضة، وهذه المعضلة التي عانت منها وفود المعارضة في الداخل والخارج ستصبح أكثر قسوة؛ مع ظهور جناح سياسي للفصائل المسلحة، والاشتباك الأول سيكون في شرعية التمثيل وعلى الأخص مع وفد «الهيئة العليا»، الذي سيحضر وهو بأضعف حالاته نتيجة أدائه السياسي السابق بالدرجة الأولى.
يبقى أن الأستانه، وكأمر ثالث، عاصمة لتحديد موازين القوى أكثر من كونها توزيع حصص سياسية، وهو ما يجعل وجود ممثلين عن الفصائل تعبيرا عن نوعية الدور التركي الذي سيظهر عبر المؤتمر الذي سيعقد، فهو مجرد اجتماعات لا تحدد قوة الجانب الرسمي لأن وظيفته مرتبطة بتعويم كل الطيف المعارض، ووضعه أمام استحقاق كامل من العملية السياسية، وهذه الدائرة الصغيرة في حل الأزمة السورية أهم من جنيف لأنها تمثل القوى الإقليمية ودورها المستقبلي عبر «الأذرع» الموجودة في التفاوض.
بعد الأستانة ستتضح صورة «ترحيل» الأزمات باتجاه طرف محدد، فالصورة اليوم هي أن السعودية ستتحمل تبعات هذا الموضوع، لكن في المقابل ربما يؤدي أي إخفاق سواء في الهدنة أو التفاوض إلى تغيير المسارات، ويصبح «الترحيل» باتجاه تركيا التي تريد رسم مساراتها الجديدة من خلال العملية السياسية والعسكرية القائمة الآن.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن