من دفتر الوطن

بوابة في التاريخ!!

| عصام داري 

في اللحظة التي عبرنا فيها تلك البوابة الوهمية الواقعة على حدود عامين، ووضعنا قدمنا اليمنى في العام الجديد 2017، نكون قد أضفنا إلى السنوات الراحلة من حياتنا، سنة جديدة، وصرفنا عاماً من بنك أعمارنا، ربما من دون أن نسجل أي إنجاز لنا في هذه الدنيا.
لا نعرف أننا انتقلنا من عام إلى آخر، أي من مشاهدة احتفالات العالم ومهرجانات الألعاب النارية انطلاقاً من مشرق الأرض، من نيوزيلاندا وأستراليا، إلى مغربها في قارة أميركا، ومن ثم دولة ساموا الأكثر بعداً نحو الغرب جنوب المحيط الهادي.
هذا العام تميز عن سواه بالإجراءات الأمنية المشددة، وخاصة في الدول الأوروبية، خشية من عمليات إرهابية تقوم بها التنظيمات المتطرفة التي صارت، وكانت، تهدد العالم أجمع، ولا ننسى بعض (المتحضرين جداً) عندنا الذين لا يطيب لهم استقبال العام الجديد إلا بإطلاق وابل من الرصاص من جميع العيارات في الهواء، وعلى رؤوس المواطنين!
عبرنا تلك البوابة وصرنا في عام جديد نأمل في أن يكون بداية نهاية أزمة حطمت كل شيء جميل في بلدنا، ويبدو أن هذه البوابة هي إحدى بوابات التاريخ، ومنها العبور نحو غد مشتهى، ننتظره منذ سنوات ست خلت.
في لحظة تفكير نكتشف ما هو معروف أصلاً، نكتشف أن حياة الشعوب والأمم، ليست سوى ومضة في تاريخ الكون الذي لا نعلم منه إلا أقل من القليل، ونجهله بدرجة الامتياز.
فعلى الرغم من غزو الفضاء والوصول إلى القمر وزحل والمريخ، وتجاوز سفينة الفضاء فيوجينير مجموعتنا الشمسية نحو الفضاء العميق والمظلم، نجد أننا لم نكتشف ماذا يوجد في كوكب الأرض الذي نعيش عليه، في البر والمحيطات، فهناك عوالم وأحياء لا نعرفها بالمطلق.
لن أخوض في هذا الموضوع الذي يحتاج إلى مجلدات وأفلام وبرامج علمية، لكنني أردت فقط أن أسجل ملاحظة عن هذا الكون الذي تعتبر فيه كرتنا الأرضية أصغر من حبة قمح، فأين نحن كأفراد من هذه العظمة للكون الهائل؟ وكيف نتجبر ونتكبر ونمشي الخيلاء بغرور وتيهٍ؟
لماذا نهجر الحب إلى الكراهية، والجمال إلى القبح، ولماذا نترك السلام لخوض حروب قذرة الرابح فيها خاسر والخاسر فيها مسحوق مكسور وذليل؟ وهل فكرنا ونحن نفجر هذه الحروب أننا سنكتوي يوماً ما بالنار نفسها التي أشعلناها وصببنا عليها الزيت؟
لماذا نسحق الورود والأزاهير بأقدامنا، ونحرق الفراشات ونذبح العصافير ونغتال البراءة ونقتل القيم والمثل التي تميز البشر عن بقية المخلوقات؟ ومن المسؤول الذي أوصلنا إلى هذا الدرك السفلي؟
نتوق إلى أجواء الأمن والأمان، ننتظر فسحات أمل علّها تكون محطة يغادر فيها قطار الغدر والخديعة والضلال والكراهية إلى غير رجعة، لنستقبل قطارات الحب والخير والمحبة والنبل والصدق وكل المثل الإنسانية الراقية ونعيد بناء صروح التآخي التي حاولوا تهديمها والقيم التي حاولوا تحطيمها.
لن يتوقف قطارنا في محطة الانكسار، ولن تكبو خيولنا، ولن نرفع الرايات البيض، وسيظل الحب هاجسنا، والمحبة دربنا، وسنظل ننظم الأشعار، ونسهر الليالي المقمرة، ونرسم لوحات عشق سرمدية للبشر وللوطن بكل تفصيلاته الصغيرة قبل الكبيرة.
العام الجديد يحمل لنا البشرى، وعلينا الاستعداد لمهرجانات حب فرح لا حدود لها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن