شؤون محلية

فوق الجرح.. رشة ملح…برامج الطبخ في رمضان تستفز مشاعر الفقراء

طرطوس- محمد حسين : 

أصبح المطبخ وجبة يومية على قنواتنا الفضائية منفرداً أو ملحقاً ببرامج ترفيهية أخرى وقنواتنا المحلية الخاصة والرسمية أصيبت بهذه العدوى ودخل «المطبخ» بجلالة قدره إلى برامجها غير مكترث بمشاعر المواطنين المساكين الذين ضاقت جيوبهم بصحن شوربة العدس أو الفتوش وطبخة «المطبق» التقليدية التي تؤكل باردة (بايتة من مبارح بالبراد) فكيف بالوجبات الغريبة العجيبة التي تعرض على هذه الشاشات ويسيل لها لعاب الأطفال كما الكبار؟!!
في جولة لنا على الأسواق الشعبية التقيت البعض من مرتاديها وسألتهم عن كلفة الوجبات الخفيفة التي يعدونها وكيف يتدبرون أمورهم بظل هذا الغلاء الكبير؟!!
أم محمد (ربة منزل) قالت: «جاط» الفتوش وجبة رمضانية ضرورية ورغم انخفاض الأسعار قليلاً إلا أنني لا أستطيع إعداده يومياً فتكلفة هذا الجاط لعائلتي المكونة من أربع أشخاص يتجاوز /500/ ليرة وكذلك طنجرة شوربة العدس يقترب من هذا الرقم أما الطبخة الرئيسية فقالت وهي تبتسم (والله البطاطا المقلية طيبة) أسعارها معقولة ويمكن تقديمها يومياً.. أما الفروج أو اللحمة فهي ع الطويل.. وليس باستطاعتنا تقديمها يومياً..
أما عن تكلفة وجبة الإفطار اليومية المعتدلة قالت أم محمد لا يمكن أن تقل عن /2000/ليرة من دون الحلويات والفواكه والعصائر.. وختمت حديثها بالقول (الله بيعين).
أبو سليمان (موظف) قال: راتبي ثلاثين ألف ليرة وزوجتي موظفة وراتبها /25/ ألف ليرة.. وأنا يومياً أقوم بأكثر من جولة على السوق.. الحياة صعبة ودخلنا محدود.. ولا يمكنني صرف أكثر من ألف ليرة على وجبة الإفطار..
وعندما سألته كيف تتدبر أمرك؟! قال: أم العيال تساعدني في ذلك والحمد الله على كل شيء.. ولكن كيف يكون ذلك سألته قال: الأقرباء في القرية يساعدوننا والبطاطا مفيدة.. الله يديها نعمة.. قالها بلهجة الصابر المحتسب..
جابر (مهندس) قال: الفارق كبير بين ما نقبضه كرواتب وبين ما يجب أن نصرفه على الغذاء فقط.. زوجتي شاركت بجمعية وكان شرطها الوحيد أن تقبضها أول رمضان وهكذا كان.. عائلتي مكونة من ستة أشخاص وكلهم في المدرسة..
وعندما سألته عن المصروف اليومي لعائلته أجابني: والله ما بعرف كل يوم شكل بس وجبة الإفطار وحدها تكلف أكثر من /2000/ ليرة فكيف بالبقية؟!!
جابر (معلم متقاعد) قال: ست البيت لازم توازن وتخترع أكلة هيك وأكلة هيك.. كنا نستعين بهالشوبات بزبدية لبن بس يا حسرة حتى هاد صار غالي.. من شو بتشكي كاسة المي الباردة.. ومكعب ماجي عوضاً عن الفروج وهيك الله بيعين والولاد بيساعدونا شوي كل واحد حسب استطاعتو..
أبو أيمن (موظف) في مؤسسة المياه قال: أنا أسكن في الريف وهناك رجعنا ع الزراعة فقمت بزراعة الكوسا والفاصولياء والخيار في حديقة منزلي وأنا أزور السوق لترميم بعض النواقص فقط وعندما أرى الأسعار أقول الله يساعد الفقير..
ومن الطريف أن جميع من التقيتهم أجابوا بالإيجاب على سؤالي ما إذا كانوا يتابعون برامج الطبخ على الفضائيات فيما اختلفت آراؤهم حول ضرورة وجودها بين مؤيد يرى وجودها ضرورياً من باب المعرفة العامة بالأكلات وطرق إعدادها حتى لو لم يكن هناك إمكانية لإعدادها وآخرون يجدونها مستفزة بمشاعرهم ولا ضرورة لها على الإطلاق لا في رمضان ولا في غيره من الأشهر.. والمطلوب تشفيرها بحيث لا يراها إلا أصحاب الجيوب المنتفخة أو عدم عرضها على الإطلاق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن