«أستانا» تحلم بدور على صعيد الوساطة الدولية
| وكالات
على مدى ست سنوات من الحرب في سورية، وفيما يزداد المشهد السوري تعقيداً يوماً بعد يوم، وتتعدد أطرافه بين قوات الجيش العربي السوري والقوات الصديقة والحليفة من جهة، وتنظيمات إرهابية، ومقاتلين أكراد من جهة ثانية، ينتظر السوريون اجتماع غد الاثنين، ليس في مدينة أوروبية ذات ثقل تاريخي، بل في «أستانا»، العاصمة الواعدة لكازاخستان التي تحلم بالاضطلاع بدور على صعيد الوساطة الدولية.
وحسب وكالة «أ ف ب» للأنباء، لم تكن «أستانا» المبنية فوق مستنقعات قديمة وأنفقت في سبيلها مبالغ طائلة، سوى مدينة ريفية صغيرة في السهوب الكازاخستانية، قبل أن تصبح العاصمة في 1997 بدلاً من الماتي، ومنذ ذلك الحين، باتت مكاناً مطروحاً للقاءات، من بين أماكن أخرى، من أجل تسوية مختلف النزاعات.
استضافت عاصمة كازاخستان الواقعة في آسيا الوسطى والغنية بمواردها الطبيعية، والمشهورة بناطحات السحاب العملاقة الفائقة الحداثة، لقاءات أقل أهمية لـ«معارضين سوريين» في 2015، فاضطلعت للمرة الأولى بدور في التوصل إلى حل للأزمة السورية.
وسيلتقي فيها الاثنين، وفد ممثل للحكومة السورية ووفد عن التنظيمات الإرهابية برعاية روسيا وإيران وتركيا، في إطار المبادرات الرامية إلى إحراز تقدم على صعيد حل الأزمة المستمرة في سورية منذ نحو ست سنوات.
ومن المفترض أن تساعد هذه الجهود التي تدعمها الأمم المتحدة، وأعربت البلدان الغربية عن ترحيب خجول بها، العاصمة الكازاخية التي تعتبر «أرضاً محايدة» على أن تفرض نفسها بوصفها «جنيف جديدة» تيمناً بالمدينة السويسرية التي استضافت عدداً كبيراً من اجتماعات سابقة كانت جميعها غير مثمرة.
وقال الخبير الروسي ديمتري جورافليف: إن «الدور السياسي لكازاخستان بصفتها منصة لهذا النوع من المحادثات، يعزز وضعها باعتبارها قوة إقليمية ويمكن أن يقدم لها فرصاً اقتصادية».
ويأمل الرئيس الكازاخستاني نور سلطان نزارباييف الذي يعتبره شعبه ضامناً لاستقرار البلاد، أن يعطي انطباعاً مماثلاً عنه على الساحة الدولية، بعد أن بقي قريباً من روسيا مع إقامة علاقات مع البلدان الغربية والصين والبلدان العربية.
وفي كانون الأول 2014، في ذروة التوترات التي تلت إقدام روسيا على ضم القرم والنزاع في شرق أوكرانيا، رتب نزارباييف زيارة لم يعلن عنها مسبقاً للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى موسكو للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
والمبادرات الدبلوماسية التي قام بها نزارباييف، سواء أكان ذلك على صعيد الأزمة الأوكرانية أم على صعيد الملف النووي الإيراني، تتيح له من ثم تخطي الاتهامات الموجهة إليه بانتهاك حقوق الإنسان أو حرية الصحافة في هذه الجمهورية السوفييتية السابقة.
ويقول أليكس فاتانكا، من معهد «ميدل ايست انستيتيوت» في واشنطن: إن «نزارباييف (76 عاماً) الذي يتولى السلطة منذ أكثر من ربع قرن، يعتبر أن مهمته تقضي ببناء جسور بين بلدان على خلاف»، معتبراً أنه ليس أمراً عادياً اكتشفه أخيراً، بل إنه ثمرة سنوات عديدة أمضاها في محاولة إقناع الآخرين بأنه قادر على ذلك. هكذا استضافت العاصمة السابقة (الماتي) المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني في 2013، وكان يحرص آنذاك على تقديم بلاده على أنها وسيط دولي يتمتع بالمصداقية، وفق فاتانكا.