الحرب كشفت عظمة الشعب السوري … الهوليوودية كارلا أورتيز لـ«الوطن»: أميركا أصبحت «شرطي العالم» لكنها تعاني أزمة كبيرة وترتكب أخطاء فظيعة
| وائل العدس- تصوير: طارق السعدوني
خلال أقل من عام، قامت النجمة الهوليوودية الأميركية (البوليفية الأصل) كارلا أورتيز (40 عاماً) بزيارة سورية أكثر من مرة، جالت فيها على معظم المحافظات السورية كدمشق وحلب واللاذقية وطرطوس غير آبهة بالحرب التي تشن على سورية.
شهدت بأم عينها التفجيرات الإرهابية التي ضربت الساحل السوري في أيار من العام الماضي، وانهارت أمام المشاهد المرعبة فلم تستطع إخفاء دموعها، معلنة تضامنها مع الشعب السوري في وجه الإرهاب.
عندما زارت العاصمة بأحيائها القديمة، قالت إن «دمشق زهرة الياسمين، وهي الأرض المباركة السحرية، والسلام الذي يسود كل شيء»، مشيرة إلى أن هذه المدينة تعيش أماناً لافتاً بعكس ما تروج له بعض الشاشات.
لم تخف حبها لسورية وشعبها وأكدت أنها بلد عظيم، تمرض ولكنها لا تموت لأن الحرب لن تنجح بقتل التاريخ والعراقة والشعوب.
ومن شدة حبها لشعب سورية قالت إنها مستعدة للتحدث مع الرئيس البوليفي كي يدعو السوريين لزيارة بلدها الأصلي.
تقوم حالياً بإنجاز فيلم وثائقي عن المجتمع السوري، وإظهار الدور الحقيقي للمرأة خلال الأزمة وتأثيرها في الأجيال.
كارلا أورتيز التي شاركت في بطولة مسلسل «ماريا كلارا» الشهير الذي ترجم إلى العربية حلت ضيفة على «الوطن» من خلال الحوار التالي، مع الشكر للمنتج المنفذ ومدير الانتاج محمد سماك.
أهلاً بكِ في سورية، لكن ما سبب زياراتك المتتالية؟
من الصعب شرح ما تعنيه سورية لي، يعتقد البعض أنهم يعرفون الكثير عنها من خلال نشرات الأخبار، لكن الأشخاص الذين يعيشون خارجها لا يعلمون حقيقتها، ولو علموا حقيقة سورية لخفت معاناتها التي تعانيها الآن.
كنتُ من الأشخاص الذين يجهلون ما يحدث في سورية، ففضلت أن أزورها وأرى بعينيَّ حقيقة الأمر، لأن دول العالم لم تعط فرصاً للسوريين كي يظهروا صوتهم الحقيقي.
وبكل الأحوال، أشتغل الآن على فيلم وثائقي بعنوان «صوت سورية» أوثق من خلاله صوت الشعب السوري من داخل سورية وليس من خارجها.
ألا تخشين من قدومك إلى سورية وخاصة أنها تعيش حرباً ضارية منذ ما يقارب ست سنوات؟
قد يبدو كلامي سخيفاً، لكني أدرك تماماً إيمان الشعب السوري، وأعتقد أن اللـه أرادني أن أكون هنا، وبالحقيقة لستُ خائفة، على العكس أشعر أنني محصنة من كل مواطن سوري ابتداءً من الشام لحمص حتى تدمر ولكل المناطق التي زرتها.
لفتني بعض السوريين الذين قدموا اعتذارهم لأنني رأيت سورية بهذه الحالة مقارنة بما كانت عليه مسبقاً، فمنحوني حبهم وحمايتهم، وكل ذلك يبعد عني الخوف.
ما سبب حماستك واندفاعك تجاه سورية؟
خُلقت في بوليفيا وعشت فيها، وهناك نؤمن بفكرة «دين الأرض» أي وحدة الأرض، هذه الأرض كالأم إذا أصيب جزء منها بأذى فسيعاني كل العالم مثلها.
أنا أعتبر بوليفيا والدتي وسورية جدتي وواجب عليّ أن أحبها أكثر.
هذا التصور قبل أن تأتي إلى سورية أم بعد؟
سابقاً لم أكن أدرك مدى حبي لهذا البلد، لكن بعد زيارتي لسورية ولدت محبتي فيها.
ما تصوراتك عن سورية؟ وما الذي تغير بعد زيارتك لها؟
لا أستطيع إبداء رأيي في سورية قبل زيارتي لأني لم أكن أعرف عنها شيئاً، إلا ما أقرؤه في عناوين الصحف، حينها كنت أشعر بحزن كبير بعد سماع أرقام الوفيات، ولم أكن أدرك الحقيقة ومن هو الطرف المسيء بهذا الصراع، لكن بعد زيارتي اكتشفت أن السوريين يمتلكون إيماناً كبيراً، والمجتمع الدولي سرق الصوت السوري منهم ولم يعد صوتهم مسموعاً.
الشعب السوري مثقف، والمرأة السورية تمتلك قوة عظيمة وهي أكثر ما يميز المنطقة، وهذا جلّ ما أزعج العالم الخارجي، لأن دور المرأة في الخارج مغيّب ولا يشبه دور المرأة السورية، كما أن الشباب السوري متمسك جداً بأرض الوطن.
بسبب كل الأخطاء التي حدثت داخل سورية وخارجها فرضت الحرب تبعاً لجغرافية البلد المهمة، وكل ما يحاك فهو ضد سورية، وهذه الحرب كشفت عظمة الشعب السوري، بعد صموده في وجه الأزمة لمدة ستة أعوام متتالية، ويؤسفني أن أرى الحزن بعيون السوريين، لكن الأمل الذي يشع منهم لم يسبق لي أن رأيته في مكان آخر، لذا أعتبر الشعب السوري هو الرابح خلال الحرب، ﻷن الحق من الله، وهمّ على حق، وعلى الشعب السوري أن يعرّف المجتمع الدولي بسورية، فهم لا يعرفون ذلك حقيقةً.
برأيك من الجهات التي تشن الحرب على سورية؟
الحرب التي تحدث في سورية خارجية، لا أريد أن أسمي أحداً لكنني سأكتفي بالقول بأنه من جهات خارجية، فهناك مسؤولية كبيرة على عاتقي أن أحدد الجهات التي تشن الحرب، ولكن كل ما أستطيع قوله هو أن الشعب السوري بدا عظيماً خلال الحرب، فإذا كان لديك منزل جميل جداً وبداخله كنز فيجب أن تحميه عشرة أضعاف عن حمايتك له من دون كنز.
عندما تعودين إلى بلدك، ماذا ستقولين لأصدقائك عن سورية؟
سأقول لهم إنني عدت والتقيت إخوتي وأهلي الذين لم أكن أعلم بوجودهم، وإذا سنحت لهم الفرصة أن ينظروا إلى عيون السوريين سيكون حديثهم وتفكيرهم ذاته.
بما أنك تعيشين في أميركا كيف ترين سياسة أميركا نحو الشرق الأوسط؟
أعتقد بأن أميركا دولة عظيمة، وأصبحت «شرطي العالم» منذ فترة طويلة، ولكن الاهتمامات الخارجية غطت على عظمة أميركا.
الولايات المتحدة تعاني أيضاً أزمة كبيرة الآن، والكل يدّعي أنها قادرة على حل المشكلات، إلا أنها تتورط بمشكلات من الخطأ الوقوع فيها، فهي ترتكب أخطاءً فظيعة.
الشعب السوري لا يعلم عن بوليفيا إلا معلومات قليلة.. إذا أردنا أن نعرّف الشعب السوري عليها فماذا تقولين بكلمات قليلة؟
بوليفيا هي بلد مازالت الشمس تشرق فيه، وتعتبر بلداً قريباً جداً لسورية بصدقها، وشعبها يستيقظ حينها، ولديهم احترام كبير للطبيعة، ونحن كشعب بسطاء؟
بوليفيا مساحتها كبيرة جداً، وفيها 10 ملايين نسمة، تتصف بكرمها، وهي تماثل إلى درجة كبيرة المجتمع السوري، حتى إن الأخطاء المرتكبة في سورية تماثل تلك التي في المجتمع البوليفي.
ما نصيحتك للشعب السوري؟
أقول لهم عندما تنظرون إلى الأمل لا تنظروا إليه في الخارج، بل في عيون إخوتكم من ضباط وجنود في الجيش العربي السوري، كذلك الأمهات، ففي عيني كل سوري كنز، لا أتكلم فلسفة ولا شعراً إلا أن ما أقوله حقيقة والسوريون وحدهم يعلمونها.
برأيك كيف ستنتهي الحرب في سورية؟
أنا إيجابية إلى درجة كبيرة، حتى إن إيجابيتي يصفها بعضهم باللاعقلانية، فأثناء زيارتي إلى سورية في شهر حزيران الماضي صادفت رجلاً مسناً قلت له بأن حلب ستتعافى قريباً، وبعد نحو خمسة أشهر حقق السوريون انتصاراتهم وحرروا حلب، وتمكن الجيش من إنقاذ جزء كبير من المدنيين، وأؤكد أن حلب جزء من الجوهرة الموجودة في سورية.
وأعتقد أن الحل يتم عبر الحوار، ففي حال اجتمعت جميع الأطراف على طاولة الحوار فمن المؤكد أن الحرب ستنتهي، وأنا متفائلة كثيراً.
وأتمنى أن يكون الحل سريعاً كي يرتاح الشعب من أوجاع الأزمة، وبالنهاية لا يوجد طرف رابح من الحرب بعد الوجع والألم الذي عانى منه الجميع، لكنني متأكدة من أن الشعب السوري سينعم بالسلام.
ننتقل إلى الفن، ما جديدك؟
إضافة إلى فيلمي «صوت سورية»، أشارك في مسلسل أميركي كمنتجة وممثلة، وأعمل أيضاً في فيلم سينمائي تاريخي يتناول المخدرات في بوليفيا عندما كانت تحت الحكم الإسباني عبر قصة امرأة تعمل بمشاركة زوجها على تحرير بوليفيا، وهناك عدة مشاريع أيضاً قيد الدراسة.
وما تفاصيل شخصيتك بالمسلسل؟
عميلة خاصة تتصف بالجمال والجاذبية، وهنا يكمن التحدي، فدائماً عندما تكون الأنثى جميلة يعتقد الآخرون بأنها ساذجة.
أتفكرين بإنتاج عمل عربي أو سوري؟
في المرحلة الأولى أتمنى أن تتم دعوتي للمشاركة بعمل سوري، وهنا عليّ أن أعمل على تحسين وتقوية لغتي العربية.
أتمتلكين أي أفكار أو معلومات عن الفن في سورية؟
شاهدت بعض الأفلام الوثائقية والتقيت المخرج السوري نجدت أنزور، أعتقد أنكم تمتلكون سينما عظيمة وممثلين كباراً.
كلمة أخيرة:
أتمنى على السوريين أجمعين أن يعطوا اهتمامهم وانتباههم لأطفال بلدهم الذين عليهم سيبنى الغد القادم، وأطفال سورية كما رأيت يستحقون فهم أجمل أطفال العالم، وأمنيتي هذه لا أوجهها للحكومة ولا للسياسيين وإنما للشعب السوري.
اختلطت بأشخاص سوريين بالخارج من مختلف الفئات، مخرجين ولاجئين وفنانين، ورأيت أن جميعهم يمتلكون قاسماً مشتركاً وهو «الحلم بالعودة إلى سورية».
وأخيراً أتوجه بالشكر لكم ولرجال الأمن والجيش والأطفال والمدنيين بكل شبر من سورية على محبتهم وثقتهم بي وبما أقدمه.