ثقافة وفن

مصير لجنة..

| د. اسكندر لوقا

في أواسط عام 1974، عقدت في مدينة نيويورك لجنة سميت لجنة النضال من أجل السلام العادل في الشرق الأوسط، وجاء في بيانها الختامي: «إن حرب تشرين وضعت إسرائيل أمام أزمات ومشكلات خطرة» وفي رأس هذه الأزمات والمشكلات التي عددها البيان «أن العرب يحسنون استخدام الأسلحة المتطورة الحديثة وأن قضيتهم لا تغيب عن أعينهم».
وفي تصريح لأحد أعضاء اللجنة، بعد اختتام أعمالها، قال صراحة: إن إسرائيل لن تستطيع أن تردد بعد اليوم الشعار الذي صدقته طويلاً وهو أن ذراعها قادرة على الوصول إلى أي مكان وخصوصاً في بلدان الشرق الأوسط التي تعاديها.
وفهم من هذا التصريح، في حينه، أن الأصنام التي بقيت متربعة على عرشها في الكيان الصهيوني لسنوات طويلة قد سقطت إلى غير رجعة، وأن الجندي العربي في المستوى الذي يؤهله للانتصار في المعارك التي يخوضها دفاعاً عن وطنه وأن هذه المعادلة تندرج في سياق أي مواجهة يمكن أن يواجهها العرب بعد حرب تشرين.
ولا ندري، حتى اللحظة، ماذا حل بهذه اللجنة، لجنة النضال من أجل السلام العادل في الشرق الأوسط المزعومة، بعد أن رفعت الأقنعة عن وجوه من عرفوا بصقور إسرائيل وإن يكن غياب اللجنة بسبب إظهارها حقيقة أن العرب لم يعودوا يقيمون حساباً لها على غرار ما كان يحدث في بعض الأوقات قبل خوض حرب تشرين التحريرية في عام 1973.
ومعروف لدينا أن تغييب اللجان، كما تغييب الأشخاص، سياسة تتبعها إسرائيل في بعض الحالات لإخفاء الحقيقة أو للحيلولة من دون انتشارها سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، لما في ذلك من تداعيات انعكاسها سلباً على نفسية الجندي الإسرائيلي فضلاً عن المواطن العادي في الكيان الصهيوني.
إن تبخير اللجنة بعد تاريخ انعقادها، دليل ما ذهبنا إليه وهو إبقاء المواطن في إسرائيل في حلم طالما راوده وهو يعد العدة للهجرة إلى أرض الميعاد كما صورت له قبل المجيء إليها، ومن ثمّ حتى لا تشكل الهجرة المعاكسة قضية لدى زعماء إسرائيل أشد وقعاً على نفسية من حلم بفلسطين أرضاً موعودة له، فإذاً هي أرض قتال ومقاومة تبدد أحلامه لأن لهذه الأرض أصحابها ما زالوا على قيد الحياة، مصممين على استعادة ما أخذ منهم بالقوة ذات يوم.
ترى ماذا كان مصير اللجنة؟ ولماذا لم تعد تعمل من أجل سلام عادل في الشرق الأوسط؟
يقول الفيلسوف اليوناني الكلاسيكي أفلاطون (428- 347 ق.م) الهروب من الواقع كما حلم من يجهل حتى نفسه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن