رياضة

الغد المجهول!

| مالك حمود

مبادرة تدعو للارتياح والسرور والمشهد يدعو للحسرة والألم! الارتياح كان طبيعياً لكل من تابع وفد القيادة الرياضية وهو يقوم بزيارة المدرب الوطني محمد خير حمدون في منزله بحلب، والحسرة والألم على الحالة الصحية المؤلمة التي وصل إليها الحمدون لدرجة أنه لم يشعر بمن زاره ومن كان حوله.
زيارة القيادة الرياضية للمدرب في بيته حملت الكثير من معاني الوفاء لمدرب أعطى وأخلص للكرة السورية سواء كلاعب كمدرب في نادي الحرية والمنتخب أيضاً، فالسؤال عن الرياضي وهو بعيد عن الميدان أهم بكثير من السؤال عنه وهو في ميادين العطاء، فالعطاء يجدر أن يقابل بالوفاء، واللفتة الإنسانية بما حملته (منحة مالية) كانت كفيلة بتخفيف جزء من الألم على الحمدون وأسرته التي التفت حوله منتظرة المبادرة من الرياضة التي أفنى لها زهرة شبابه وأعطاها خلاصة جهده على مر عقود.
الحمدون وجد من يزوره ويسأل عنه ويقدم له يد العون، ولكن هل يكفي ذلك؟! أليس هناك رياضيون في مجتمعنا المرض يستنزف جسدهم، وألم العزلة يعتصر قلبهم بعدما نسيتهم الرياضة وأهلها.
مرض الكابتن حمدون يفتح أمامنا ملفاً مهماً، من يسأل عن الرياضي بعد اعتزاله؟ ومن يعيله خلال مرضه؟ ومن يتكفل بأسرته حيال تعبه وبقائه في بيته من دون عمل؟ ومن يتصدى لإعالة أسرته في حال رحيله، أو خروجه من نطاق العطاء؟
شكراً لمن يزور ويسأل ويساعد الرياضي، لكننا نتحدث عن ديمومة ذلك، (فساقية جارية، أهم من نهر مقطوع) ومن ثم فالرياضي السوري سواء كان لاعباً أم مدرباً أو إدارياً أو حكماً، بحاجة إلى ضمانة الغد، وعسل الشهرة الذي يعيشه سرعان ما يتلاشى على اعتبار أن الرياضي في مجتمعنا ليس موظفاً، ومن لا يعمل لا يأكل، فأين المؤسسة التي تحقق لذلك الرياضي ضمانة المستقبل؟ ولماذا لا يعامل الرياضي مثل الفنان الذي يتقاضى راتباً شهرياً عند بلوغه سن التقاعد، وكلاهما يعمل بموهبة ومهارة وإبداع، بينما يعيش الرياضي بحسرة من يقدم له يد العون، ويعيش صراعاً مريراً بين إلحاح الحاجة وعزة النفس.
الأمثلة عديدة ويكفي ذكر اثنين منها، فأحد المدربين أصابه المرض وتوفي قبل الفترة الافتراضية (طبياً)، لعدم قدرته على شراء الدواء الذي هو بأمس الحاجة إليه، حيث كان يرى (رحمه الله) أن لقمة أولاده أهم من دوائه! والحالة الثانية لأحد نجوم كرتنا الكبار الذي اضطرته لقمة العيش للعمل في أحد مطاعم العاصمة لتأمين لقمة أبنائه!
ورغم ذلك فعندما تقدم بالسن سكن المنزل من دون أن يجد من يقدم له رغيف خبز، فأين الحلول للغد المجهول؟

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن