مخاوف قادة الخليج من سياسة ترامب
| تحسين الحلبي
يبدو من الواضح أن خسارة فادحة أصابت معظم دول الخليج وخصوصاً قطر والسعودية من التغيرات المتوقعة لسياسة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب تجاه هذه الدول فقط لاحظ الجميع أنها كانت تدعم وتفضل انتخاب هيلاري كلينتون لأن ذلك سيشكل استمراراً لسياسة أوباما وتوظيفه لهذه الدول في المنطقة. فأوباما هو الذي وافق للرياض على شن حرب ضد اليمن وهو الذي شجع دولاً أخرى وضغط عليها للانضمام إلى «التحالف العربي» ضد اليمن. أما ترامب فقد لاحظ قادة دول الخليج أنه سيتبع تكتيكاً يختلف عن إدارة أوباما، ولذلك قرر ترامب تغيير معظم السفراء الأميركيين الموجودين في دول كثيرة لأنه يريد أن يضع سفراء جدداً ينفذون سياسة تختلف عما كانوا ينفذونه في عهد أوباما الذين عينهم في السنوات الثماني الماضية.
وإذا كان ترامب قد أعرب عن انتقاده لاتفاقية أوباما مع الدول الخمس الأخرى حول البرنامج النووي الإيراني فإن هذا النقد لا يعني أنه يتفق مع دول الخليج في مضمون انتقادها ورفضها لاتفاقية الدول الست مع طهران. فأوباما عمل على تجنيد دول الخليج ضد إيران تحت شعار «حرب السنة على الشيعة» ولا يتوقع المحللون المختصون في واشنطن أن يطبق ترامب نفس هذه السياسة التي استند إليها أوباما في إدارة اللعبة الأميريكية مع دول الخليج لكنه سيستند إلى قواعد لعبة جديدة مع السعودية… وما زال ترامب وسياسته المقبلة يشكلان لغزاً محيراً لقادة دول الخليج لأنهم لا يعرفون حتى الآن أي قبل أقل من أسبوعين على استلامه دفة الرئاسة الأميريكية طبيعة القواعد التي سيضعها بينه وبين هذه الدول، ولا شك أن التناقضات التي ظهرت من مختلف تصريحات ترامب حول مصر والسعودية منذ أشهر كثيرة تدل حقاً على صعوبة التكهن بالسياسة التي سيضعها للدول المتحالفة مع بلاده بشكل عام، ففي حزيران الماضي قال ترامب في أحد خطاباته: «إنني أحب السعودية فعندما يصطدمون بالمشاكل نرسل لهم السفن فالسعودية بدوننا ستختفي من الوجود». لكن ترامب شن حملة واسعة في معظم خطاباته ضد الإسلاميين وهذا ما لم تفعله إدارة أوباما وربما يتطور موقفه هذا فيفضل عدم توظيف الإسلاميين بنفس الطريقة التي وظفهم بها أوباما منذ بداية عام (2009) وزيارته إلى تركيا ومصر في عهد مبارك.
وتكشف صحيفة نيويورك تايمز قبل بضعة أسابيع أن ترامب استفز واقلق قادة دول الخليج وزاد من استفزازه بعد الإعلان عن فوزه لكن جدول العمل الذي سيتبناه تجاه هذه الدول والمنطقة من المتوقع كما قال هو أن يتجه نحو تخفيض النفقات الأميركية على هذه الدول ومطالبتها بدفع نفقات حمايتها لكنه من الواضح أن قادة دول الخليج سيعملون على التقرب من ترامب فملك البحرين طلب من سفارته في واشنطن أن تقيم الاحتفال باليوم الوطني البحريني في أحد الفنادق الفخمة التي يملكها ترامب في الشهر الماضي وهي المرة الأولى التي يختار فيها السفير البحريني فندقاً لترامب بعد أن أصبح رئيساً ولو لم يفز بالرئاسة لما اهتم ملك البحرين بهذه الفكرة.
وبدأ سفراء دول خليجية يثنون على رجال الإدارة الذين اختارهم ترامب فقد قال سفير الإمارات بموجب ما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز إن «اختيار ترامب للجنرال ماتيس كان مهماً لأنه سيكون شريكاً لحلفائه ولو واجهت قتالاً لفضلت أن يكون ماتيس بجانبي».
وكان أشتون كارتر وزير الدفاع الأميركي في إدارة أوباما قد وبخ بعض مسؤولي الخليج أثناء وداعه لهم في زيارة استغرقت أسبوعين وقال لهم: «إن من يشكو مثلكم لا يعمل لنفسه بالشكل الكافي.. ولذلك يقول نبيل فهمي وزير خارجية مصر سابقاً: «إن ترامب انتخب كمرشح للتغيير وهذا ما سوف تعكسه سياساته وسوف يعمل على تقاسم الأعباء مع حلفائه».
وكانت مجلة «سياسة الشرق الأوسط» قد تساءلت في عددها الأخير حول مدى جدية ترامب في تعامله مع مخاوف دول الخليج من إيران وخلصت إلى الاستنتاج بأن اختيار ترامب لعسكريين من الصقور في إدارته المقبلة ربما يرضي قادة دول الخليج للاطمئنان على الحماية الأميركية لهم.