ثقافة وفن

أدوار متنوعة وشخصيات مركبة جسّدها وأثبت نجاحه فيها … أيمن عبد السلام لـ«الوطن»: أثق بالجيل الشابّ من الممثلين وبمقدرته على حمل الدراما السورية لمرحلة المنافسة من جديد .. تحتاج الكوميديا إلى دراسة أكثر ولاسيما ضمن الظروف الحالية

| عامر فؤاد عامر

لمعَ كنجمٍ جديد في الساحة الفنيّة السوريّة أولاً والعربيّة ثانياً، وقدّم نفسه بخطواتٍ مدروسةٍ تُظهر مقدرته على منافسة نجوم الصف الأوّل، فقد كان الأول على دفعته في المعهد العالي للفنون المسرحيّة في دمشق، الذي تخرج فيه في العام 2009 ليلعب أدوار البطولة في عدد من المسلسلات مثل يوميّات مدير عام الجزء الثاني، وضبّوا الشناتي، وتشيللو، والندم، والعراب، كما نجد في رصيده المزيد من الأعمال المسرحيّة مثل: راجعين، وفي بار بشارع الحمرا، والأرامل، وفي السينما فيلم العاشق، والفيلم الروسي كيفورك وارطنيان، وفيلم الحاسّة الثانية. نال لقب أفضل وجهٍ جديد ضمن إحصائيّات صحيفة الخليج الإماراتيّة، ومجلة كلّ الأسرة، ومرتبة أفضل ممثل شاب ضمن إحصائيّات راديو روتانا ستايل. واليوم يسعى الفنان أيمن عبد السلام لانتقاء أدواره بما يليق والخط الذي يرسمه لنفسه، ليجسّد صورة الممثل السوري الشاب، الذي يشق طريقه إلى مرحلة النجوميّة بكلّ ثقة.

يشير البعض إلى أنك تمتلك شخصيّة كوميديّة لم تستطع كاميرا التلفزيون أن تسلط الضوء عليها كما يجب. لماذا؟
الممثل الحقيقي يستطيع أن يجسّد كلّ الشخصيّات والأدوار بما فيها الكوميديا، ولربما الطابع الذي يلقاه المحيط مني سواء الأصدقاء أم الناس الذين أتعامل معهم أو حتى منذ أيام دراستي في المعهد العالي للفنون المسرحيّة، هو طابع المرح والتفاؤل والسرور، وهذا صحيح وفيه من الواقعيّة الشيء الكثير، إلا أنني اتجهت بسبب عدّة عوامل إلى الطريق الأصعب، وهو أن أبتعد عن تنميط نفسي كممثل فقط في الدور الكوميدي، بل الانطلاق لكل أشكال وألوان الشخصيّات، وهذا من حقي طبعاً، وبصورة مقصودة مني.

ما أسباب الإحجام عن العمل في الأعمال الكوميديّة اليوم؟
السبب معروف وهو غياب النص الكوميدي الحقيقي والدسم، فلا نصوص لدينا تحمل الجرعة المناسبة والمُشجّعة، وكنت قد شاركت في عدّة أعمال في بداية الانتهاء من دراستي، ولكنها لسبب النص أو لأسباب أخرى لم تُصدّرني كما أطمح أبداً. ولذلك قررت أن أبتعد قليلاً ريثما أتبيّن توافر حالة صحيّة في العمل الكوميدي السوري بصورةٍ عامة، ثم إن السنوات التي مرّت على سوريّة من أزمة وحرب وهموم ومشاكل هي فعلاً تحتاج إلى إضفاء بسمة وضحكة في قلب المتلقي السوري، وهذه مهمّة قاسية ومسؤوليّة كبيرة على صنّاع العمل الدرامي الاهتمام بها كثيراً، وليس فقط لمجرد الرغبة في المحاولة. وهنا أصبحت مبرراتي أقوى ومقنعة بالنسبة لي على الأقل، فلا كوميديا متعافية إذا لم تُدرس بدقة من النص والمخرج وكادر العمل بمن فيهم الممثلون أيضاً.

هل تعتقد أن مشاركتك في مسلسل ضبوا الشناتي كانت علامة فارقة في سجلك الدرامي؟
بكلّ تأكيد، ومسلسل ضبوا الشناتي هو من الأعمال التي تضافرت فيها جهود كبيرة جعلتني مقتنعاً بخطوتي للعمل فيه بكلّ محبة وثقة، وهو أحد الأمثلة استكمالاً لإجابتي عن السؤال السابق. والعمل فيه حسّ كوميدي خاصّ استطاع ربان العمل فيه المخرج الليث حجو أن يضبطه بإيقاع واحد منذ اللحظة الأولى وحتى الأخيرة فيه، وهو علامة فارقة فعلاً لأن أسرة ضبوا الشناتي أسرة خاصة أشعر بانتمائي لها وكأنها عائلتي السورية التي أنتمي إليها وأجسد فيها رؤية كل شاب سوري له همومه وطموحاته الخاصة. والذكريات كثيرة في هذا العمل، ولذلك أوجه شكري وتحيتي لكل فرد من أفرادها ابتداءً من المخرج الليث إلى الكاتب الجميل ممدوح حمادة إلى أفراد أسرتي الممثلين والفنيين جميعاً، والعمل كان في منطقة جميلة هي باب توما التي لا يمكن لأي إنسان أن يزورها إلا ويعشقها.

تكررت التجربة في العام الماضي مع المخرج الليث حجو في مسلسل الندم، فهل حققت فيها ما تطمح إليه؟
في الحقيقة العمل مع هذا المخرج مغر جداً بالنسبة لي فأنا أثق بأنه يختار الممثل المناسب لكل شخصية، وهو يدرس عمله بكل تقانة وكل إحساس، ويضع النقاط على الحروف بثقة، وهذا ما يجعل الجميع يثق به من عاملين معه ومن متفرجين على نتائجه. وفي هذا العمل كنت دائماً أستمد طاقتي من إيجابية هذا المخرج، وأنا راضٍ عن النتيجة بكل تأكيد لكنني كنت وسأبقى أطمح أن أقدم الأفضل دوماً سواء في هذا العمل أم في غيره.

يعدّ المخرج سامر برقاوي محطة مهمة في حياتك، فهل تجد أن العمل معه يحمل طابعاً آخر؟
هو من أطلقني عربياً، ووثق بمقدرتي على تجسيد شخصية بلال في مسلسل تشيللو، هذه الثقة أقدرها كثيراً، ولا يمكنني إلا النظر إليه بعين المحبة، فهو بصورة أو بأخرى يفرض لغة خاصة في العمل ممتزجة بين الأخوة والصداقة وتحفيز الممثل للخوف على نتيجة عمله، وهذا يدل على أنه صاحب ثقة أصلاً بالخطوة التي يقوم بها. وتجربتي معه كانت قبل تشيللو في مسلسل كوميدي لم يأخذ حقه في العرض كما يجب وهو كريزي، بعدها بسنوات جاء تشيللو واليوم أصور مشاهدي معه في مسلسل شبابيك. وأريد أن أضيف أيضاً إن الممثلين في هذا العمل اجتهدوا كثيراً وقدموا كل ما يمكنه لإنجاح العمل وهذا ما لاحظته في أداء كل من الفنان تيم حسن والفنانة نادين نجيم.

بقيت ضمن المتابعة العربية في العام الماضي من خلال شخصيّة خضر في مسلسل العراب، حدثنا عن هذه التجربة؟
التجربة غنية لأنها مع المخرج الذي يصنف في الترتيب الأول عربياً، حاتم علي، فقد تشرفت في العمل معه، وكانت المرّة الأولى التي أقف فيها أمام كاميرا أعماله الدراميّة، وفعلاً لها خصوصيّتها وجمالها وأناقتها، والتعامل مع مخرج فنان هو تعامل خاصّ، منحني الثقة بنفسي أكثر وبمقدرتي على عيش تفاصيل شخصيّة خضر بالصورة المناسبة، وقد فوجئت بمدى تأثر الناس بهذه الشخصية وكان ذلك في زياراتي المتكررة إلى لبنان، وكذلك أثناء حضوري لفاعليات مهرجان أبو ظبي السينمائي في دورته الأخيرة. وعموماً هذه التجربة أعتز بها كثيراً. وأوجه شكري فيها لكل من اجتهد وتعب في هذا العمل من الممثلين إلى الكادر التقني والفني والإداري.

خامة الصوت لديك فيها جماليّة خاصّة، فهي تصنف من الخامات الأوبراليّة، ألا تعتقد أن الوقت تأخر في الاستفادة من هذه الخامة؟
أحاول بين وقتٍ وآخر أن أمنح صوتي مساحته في التدريب من خلال التواصل مع أساتذة الغناء الشرقي والغربي، ولكن عند الانهماك في أيام التصوير بالتأكيد أهملها فلا وقت لهذا الأمر مع كل أسف. أما بالنسبة للوقت فلا مشكلة لدي في التأخير أو عدمه ما دمت مقتنعاً أن النصيب والقدر هما اللغة التي تتحكم في شؤوننا، فعندما تكون الفرصة قريبة ومكتوبة لن أتردد في قبولها، وإذا لم تكن موجودة أو تأخرت فأنا راضٍ أيضاً.

تغيبت عن المسرح في السنوات الأخيرة، ألا تشتاق إلى هذه الخشبة؟
الغياب قسري وليس طوعياً، والأسباب كثيرة، فالعمل والسفر اقتطعا جزءاً وافراً من وقتي، وهذا ما يبعد أي فنان يســــعى لتحقيـــق نفسه ضمن شــروط عصر التـــلفزيون هو المسيطر فيه، إضافة إلى أن هناك الكثير من الأمور التي لا تشجع لانتظار الفرصة من المسرح والأمر بات معروفاً للكبير والصغير فالتكاليف التي يضعها الممثل أثناء بروفات العمل المسرحي تزيد على الأجر الممنوح له من مديرية المسارح، والقائمة تطول وتطول.
لكن أودّ أن أشير إلى أنني لم أتلق عروضاً للعمل على خشبة المسرح منذ أكثر من 3 أعوام، والسبب هو أن النشاط المسرحي أصبح قليلاً ففي العام الماضي كنا نفتش عن أي عرض مسرحي لنتابعه ولم نجد ذلك، ولربما العروض التي قُدّمت لم تتجاوز أصابع اليد الواحدة.
وأنا أشعر بالحنين لخشبة المسرح فأنا ابن المسرح ودراستي خلال 4 سنوات كانت في جلّها عن المسرح بالتأكيد، وفي عام التخرج كان لي شرف العمل في 3 عروض مسرحيّة.
هي حكاية علاء الدين من إخراج أسامة غنم، وراجعين من إخراج الفنان أيمن زيدان، عرض مع فرقة سمة ومديرها علاء كريميد.

هل تعتقد أن للجيل الجديد من الشباب في الدراما السوريّة المقدرة على النهوض بها كما يجب؟
أستطيع الإجابة عن هذا السؤال مع ملاحظة أنني أتطرق للممثل الشاب كأحد عناصر تكوين الدراما السورية، فلا علاقة لإجابتي بالكاتب أو المخرج أو غيرها من العناصر، وإجابتي هي نعم هناك جيل أثبت وسيثبت بأنه قادر على حمل المسؤولية ورفع مستوى الدراما السوريّة في المستقبل، وهذا ما وجدته في أداء عدد مهم من الشباب في مسلسل الندم والعراب في الموسم الدرامي الماضي، وكذلك في الموسم القادم هناك مفاجآت ومواهب مهمّة ومقنعة جداً.
ماذا عن الفرصة السينمائيّة، ولماذا لم نرك في السينما السوريّة مؤخراً؟
الفرصة قليلة جداً، وضمن المتاح في رصيدي 3 أعمال واحد منها فيلم روسي للمخرج فلاديمير نيجاتسف بعنوان كيفورك وارطنيان، وقد تمّ اختياري فيه مع مجموعة من زملائي أثناء دراستي في المعهد العالي للفنون المسرحية في السنة الثالثة منه، والثاني من إنتاج المؤسسة العامة للسينما مع المخرج عبد اللطيف عبد الحميد في فيلم العاشق، والثالث من إنتاج خاص بعنوان الحاسة الثانية للمخرج الشاب أحمد درويش.
إلى اليوم أنتظر فرصة السينما لأن العمل في هذا النوع من التمثيل يحمل طعمه المختلف وأسلوبيّته الغريبة، وكنت أتمنى لو أن الجهات الإنتاجية للسينما في بلدنا متعددة فهذا بالتأكيد سيمنحني أنا وغيري من الزملاء فرصة أكبر في الحضور أمام الكاميرا السينمائيّة، وهذا طموح أي فنان حقيقي.

هل تعتقد أنك استطعت أن تتعامل مع جسدك بالطريقة التي أردت أن تحققها، وكنت قد صرحت عن ذلك في لقاءٍ سابق؟
نعم أنا مع مقدرة الممثل في التحكم بجسده من حيث الوزن والشكل والحركة، وهذا ما عملت عليه بكل ما استطعت في السنوات الأخيرة ولذلك كان هناك فرق في الشخصيات التي جسدتها بين كل مسلسل وآخر، وهذا ما أعمل عليه اليوم أيضاً في الأدوار الجديدة التي سيتابعني فيها الجمهور.

ما جديدك القادم؟
مجموعة من الشخصيات أديتها في مسلسل شبابيك للمخرج سامر برقاوي وهو من تأليف أكثم حمادة وباسم سلكا وعدد من الكتّاب، والمسلسل اجتماعي عاطفي يطرح قضايا كثيرة ويترك النهايات محكوماً عليها من المتلقي، وحلقات المسلسل منفصلة عن بعضها من حيث المواضيع. أيضاً انتهيت مؤخراً من تصوير دوري في مسلسل «الهوى غلاب» من إخراج علي علي وهو مسلسل اجتماعي يعتمد على لغة بصرية وقصة جميلة أعتقد أنها ستلفت انتباه الجمهور كثيراً.

كلمة أخيرة؟
أعتقد أننا بدأنا الوصول إلى مرحلة النهائيات واستعادة حالة التعافي باتت قريبة، وعلينا أن نبني أيامنا القادمة ولاسيما القريبة منها بالأمل، والدراما السورية ستبقى على يقظتها ومقدرتها على المنافسة، وأتمنى أن تعود كما كانت الصورة المشرقة لنا في كل أرجاء الوطن العربي. وأشكر صحيفة «الوطن» على مواكبتها للفنان السوري، وهي أهلٌّ للثقة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن