الأخبار البارزة

إشارات استفهام حول ملف القروض المتعثرة.. إجراءات مضيعة للوقت وأخرى تفتح أبواباً للفساد واللصوصية…مسؤولون مصرفيون لـ«الوطن»: طريقة تعاقد المصارف مع المحامين خاطئة وتسهل الفساد

 محمد راكان مصطفى : 

كشف مسؤول مصرفي أن حوالي 90 بالمئة من القروض الكبيرة المتعثرة لدى المصارف العامة تعود إلى ما قبل العام 2011.
مبيناً أن عدد المتعاملين الملاحقين قضائياً في كل من المصرف الصناعي والعقاري والتجاري يزيد على 20 ألفاً. علماً بأن الإجراءات التي تم اتخاذها بحق المتعاملين المتعثرين الذين لم يقوموا بإجراء تسوية (جدولة) لقروضهم المتعثرة؛ اقتصرت على قرارات منع السفر، وتحديد مواعيد جلسات لبيع الضمانات في المزاد.
وكشف المسؤول المصرفي الذي طلب عدم ذكر اسمه لـ«الوطن» عن عدة اجتماعات لمديري المصارف العامة وحاكم المصرف المركزي، خرجت بالموافقة على تكليف المصرف المركزي بمعالجة مسألة الديون المتعثرة لدى المصارف العامة.
وعلى ذلك اتخذ المصرف المركزي جملة من الإجراءات والتدابير التي لا طائل منها إلا إرهاق الكوادر المصرفية – والحديث للمسؤول- والتي اقتصرت على مطالبة المصارف بجداول دورية بأسماء المقترضين المتعثرين، وجداول زمنية توضع من قبل المصارف لمعالجة القروض المتعثرة، بالإضافة إلى المطالبة بتزويد المركزي باقتراحات المصارف لحل مشكلة القروض.
مبيناً أن الأجدى هو استخدام الكوادر المصرفية من خلال العمل الحقيقي وأدوات المصارف في التعامل مع المتعثرين من خلال التواصل معهم والعمل على توجيه جهودهم في الإجراءات التنفيذية من أجل تحصيل هذه الديون، وأن ينحصر دور المصرف المركزي في مراقبة تنفيذ الإجراءات التي تقوم بها المصارف.
مشيراً إلى مطالبة وزارة العدل من المصارف لتخصيص دوائر تنفيذ مصرفية مختصة لتسريع إجراءات التنفيذ على المقترضين المتعثرين، إلا أنه تم الاكتفاء من قبل وزارة العدل بإقامة المحاكم المصرفية التي ليس لها أي صلاحية تنفيذ والتي اقتصر دورها على قرارات منع السفر بحق المقترضين المتعثرين.
وشدّد المسؤول المصرفي على ضرورة الفصل بين من بقي من المتعثرين في القطر وبين من حصل على قروض وهرب، وذلك من حيث طرق المعالجة. كما أنه يجب الفصل بين من حصل على قروض استهلاكية وعلى من حصل على القروض الاستثمارية الضخمة. مبيناً أن مرسوم الجدولة الأخير ظلم الحاصلين على قروض صغيرة بأنه لم يشملهم.
وبرأيه؛ يجب أن تؤخذ بالحسبان الظروف التي مرّ بها من حصل على قرض شخصي لشراء شقة سكنية صغيرة مثلاً، وبسبب الظروف التي يمر بها القطر تعرض إلى خسارة شقته التي كان قد اقترض لأجلها، فوقع تحت عبء دفع إيجار سكن جديد إلى جانب عبء تسديد قسط القرض، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار الذي طال كل الجوانب المعيشية.

طريق الفساد
مسؤول مصرفي آخر (طلب أيضاً عدم ذكر اسمه) رأى أن السبب وراء التأخر في تنفيذ الإجراءات المتخذة بحق المتعثرين الذين لم يقدموا على التسوية سببها التراخي القانوني في التطبيق من قبل المصارف، بالإضافة إلى التباطؤ في إيصال تلك الإجراءات إلى مرحلة التنفيذ، وعدم وجود جدية في متابعة القضايا من قبل المصارف، ووجود حالات تنسيق مع بعض المتعثرين في دوائر التنفيذ.
وكشف المسؤول لـ«الوطن» عن وجود خلل في طريقة التعاقد التي تتبعها المصارف مع المحامين لمتابعة قضاياها. ورأى أن هذه الطريقة خاطئة وتُسهل حالات الفساد، من خلال ارتكاب تجاوزات من بعض المحامين في حال وجود إغراءات مالية من بعض المتعثرين.
مبيناً وجود تجاوزات قامت بها بعض إدارات المصارف السابقة أو الحالية في منح قروض دون استيفاء كامل شروط المنح، وقد تمت إحالة العديد من هذه الحالات سابقاً إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، وقد وصل بعضها إلى القضاء المختص. ومن هذه المخالفات التنسيق بين لجنة الكشف في المصرف والمتقدم للقرض من أجل التلاعب في قيمة التخمين على الضمانة العقار، أو تسريب موعد الكشف على المعدات، بحيث كان يقوم المتقدم للقرض باستئجار معدات كمعدات الخياطة مثلاً، لتوضع في مكان الكشف في الموعد المتفق عليه مع لجنة الكشف ليتم إعادتها بعد إجراء عملية الكشف مباشرة.
ورأى المسؤول المصرفي أن جلسات البيع في المزاد العلني توفر مجالاً للفساد واللصوصية، عند التنفيذ الخاطئ لها، وخاصةً عندما يتم التنسيق بين دوائر التنفيذ والجهات العامة لتحصيل أكبر قدر ممكن من الرشوة، لتجيير الأمر بما يخدم مصلحة المقترض المتعثر.

المحكمة المصرفية تتكلم
أكّد مسؤول في المحكمة المصرفية لـ«الوطن» أن المحكمة ساهمت بشكل كبير في زيادة عدد القروض التي تمت تسويتها بموجب عملية الجدولة، إضافة إلى وجود عدد كبير من القروض المتعثرة التي تمت تسويتها من خلال تسديد الذمم لصالح المصارف، ونتيجة لذلك تم إلغاء إجراءات منع السفر بحقهم. موضحاً أن التأخر في إجراءات التنفيذ يقع ضمن مسؤولية دوائر التنفيذ، لكونه خارج نظاق مهام المحاكم المصرفية.
وأكد المسؤول لـ«الوطن» أن المتعثرين بعد التسوية ستتم إعادة ملاحقتهم قضائياً بعد التأكد من أنهم أصبحوا في وضع مشابه للوضع الذي كانوا عليه قبل إجراء التسويات، مع العلم أن إجراءات الملاحقة القضائية لن تعود إلى البداية، بل ستكون المتابعة من حيث وصلت قبل إجراء التسوية.
يشار إلى ظهور حالة جديدة لدى المصارف العامة وهي تعثر القروض التي تم إجراء عملية تسوية وجدولة لها، ليتبين أن الذين توقفوا عن السداد منهم كان هدفهم الهروب من إجراءات الملاحقة القضائية التي كانت ستنتهي بإجراء البيع بالمزاد العلني للضمانات المقدمة مقابل القروض التي حصلوا عليها، وهذا لا ينفي وجود بعض المتعثرين بينهم الذين تعثروا لعدم القدرة على متابعة السداد بسبب تأثر منشآتهم وتوقفها عن العمل وعدم وجود مصدر دخل ثابت للاستمرار في السداد، وهذه الفئة تضم المتعثرين بسبب الأزمة التي تمر بها البلاد.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن