سورية

«وحدات الحماية» استعادت السيطرة للمرة الثانية على عين العرب…داعش يوصل رسالة أردوغان للأكراد بمجزرة حصيلتها أكثر من 200 شهيد

تسارعت تطورات الحرب على سورية خلال الأيام القليلة الماضية، خاصة بعد طرد «وحدات حماية الشعب»، لتنظيم داعش الإرهابي من تل أبيض، واتهامات أنقرة وواشنطن لها بممارسة تطهير عرقي ضد العرب والتركمان في المنطقة ما يؤشر لطموحات تقلق أنقرة بإمكانية إقامة «دولة كردية» جنوب تركيا، ليأتي دخول مسلحي داعش من الأراضي التركية إلى عين العرب الخميس قبل أن تطردهم وحدات الحماية من جديد أمس، بعد أن ارتكبوا مجزرة راح ضحيتها أكثر من 200 شهيد.
ويبدو أن سرعة وتطور الأحداث الأخيرة في الحرب على سورية كفيلة لتكشف المزيد من تورط الجهات الداعمة لهذه الحرب إلى العلن وحقيقة نياتها ومصالحها التي ترجمتها مزيداً من الإرهاب والدمار، الذي لا يخدم سوى مفهوم «الفوضى» طالما أنها ما زالت بحدود خدمة المصالح وبمفهومها «الخلاق» بالنسبة لهم.
فليس بالجديد الحديث عن الدور التركي والأميركي في دعم الجماعات الإرهابية المسلحة في سورية، والذي ترافق بالمقابل بدعم أميركي عبر طيران التحالف الدولي لوحدات حماية الشعب لتحرير عين العرب قبل أشهر وصولاً إلى تل أبيض، وحتى إدخال مقاتلين من «البيشمركة» من كردستان العراق لمساعدة وحدات الحماية عبر تركيا، ولكن بالمقابل تنقلب الصورة وتختلط الأوراق بعد أن بدأت اتهامات أنقرة وواشنطن لهذه الوحدات بممارسة «التطهير العرقي» ضد العرب والتركمان في تل أبيض، وإعلانهم رفضهم المطلق الحديث عن «دولة كردية» جنوب تركيا، وعندها لا مشكلة لدى الرئيس التركي أردوغان إظهار حقيقة دعمه لداعش وغيره من التنظيمات الإرهابية إلى العلن، لتكون أراضيه منطلقاً لهجوم داعش الأخير على كوباني في رسالة مضمونها «تحجيم طموحات وحدات الشعب».
وبالأمس تمكنت وحدات الحماية من طرد مسلحي داعش للمرة الثانية من عين العرب بعد اشتباكات عنيفة، تلت تسلل مسلحين من التنظيم الإرهابي إلى المدينة من الأراضي التركية.
وقال مدير المرصد المعارض رامي عبد الرحمن: إنه ما زالت هناك بعض الاشتباكات بين وحدات حماية الشعب وداعش إلى الجنوب من المدينة.
ونقل موقع «روسيا اليوم» عن ناشطين سوريين قولهم: إن انفجاراً ضخماً هز مدينة عين العرب تبين فيما بعد أن مقاتلين من وحدات الحماية قاموا بتفجير مبنى مدرسة تستخدم كمستشفى في المدينة، كانت تتحصن فيه عناصر من التنظيم الإرهابي بعد فرار رهائن كانوا يحتجزونهم، من دون تحديد الخسائر البشرية التي وقعت بين أفراد داعش.
واستشهد أكثر من 200 مواطن في هجوم داعش المفاجئ الخميس بعد تمكن مسلحيه من دخول المدينة متنكرين بلباس «وحدات حماية الشعب» و«فصيل مقاتل» عربي حليف لها من الأراضي التركية، حيث اتخذوا من نقاط عدة في المدينة مواقع لهم وجعلوا من السكان دروعاً بشرية.
واتهمت وحدات الحماية، تركيا بالوقوف وراء الهجمات، مؤكدةً على صفحتها الرسمية على فيسبوك، أن «تسلل مرتزقة داعش إلى المدينة» تم بالتنسيق مع الجيش التركي.
وأشارت القيادية في حزب الشعوب الديمقراطي الكردي (في تركيا) فيجن يوكسيكداج إلى أن المذبحة التي وقعت في كوباني جاءت نتيجة سنوات من دعم الحكومة التركية لتنظيم داعش الإرهابي، وأن هناك «احتمالاً كبيراً» أن يكون المهاجمون دخلوا المدينة من تركيا.
في المقابل نفى المتحدث باسم الخارجية التركية تانجو بيلجيك الاتهامات الموجهة لبلاده بالتنسيق مع داعش، ووصفها بأنها «أكاذيب».
وكان المواطنون السوريون والأتراك الكرد اتهموا أردوغان بالتواطؤ مع داعش في المعركة الماضية التي استمرت أسابيع مع التنظيم الإرهابي، حين منع التحاق مقاتلين أكراد بالمدينة لفك الحصار عنها.
وهو ما أكدته الشهادات من الناشطين حيث يظهر أن داعش جاء بإشارة تركية واضحة لتنفيذ مجزرة وإيصال رسالة أردوغان للأكراد، وقال عبد الرحمن «لا يمكن اعتبار هذه العملية الأخيرة هزيمة بكل معنى الكلمة، لأن التنظيم نفذ ما قصد عين العرب من أجله، وهو ارتكاب المجازر. لقد أبيد في المدينة، هذا صحيح، لكن بعد أن ارتكب مجزرة فظيعة».
وأوضح أن عدد المدنيين الذين قتلهم داعش في المدينة ومحيطها منذ بدء هجومه الخميس ارتفع إلى 206، بعد العثور على مزيد من الجثث أمس، مشيراً إلى أن معظم الجثث عليها آثار طلقات رصاص، وبينهم نساء وأطفال.
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر موجود في محيط المدينة اعتباره: «هم لا يريدون أن يحكموا المدينة، جاؤوا ليقتلوا أكبر عدد ممكن من المدنيين وبأقبح أسلوب». ونشر المرصد على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً مروعة لجثث مدماة عليها آثار طلقات نارية ومرمية في الشوارع.
بالمقابل أوقعت المعارك في المدينة ومحيطها 54 قتيلاً بين الإرهابيين، قضى بعضهم في تفجيرات إرهابية انتحارية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن