نقص العرض والدولار وراء ارتفاع أسعار المواد الأساسية … «هيئة المنافسة»: الحكومة استوردت 5% فقط من احتياجاتنا من الرز و8% من السكر في 2016
| علي محمود سليمان
ارتفعت أسعار معظم المواد والسلع خلال العام 2016 تحت تأثير ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة السورية بنسبة 25% ما أثر على ارتفاع تكاليف الإنتاج والاستيراد، كما ارتفعت تكاليف النقل والشحن نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات محلياً في منتصف العام 2016، إضافة إلى تأثير العقوبات الاقتصادية التي أعاقت العمليات المصرفية ورفعت تكلفتها وساهمت في ارتفاع تكاليف الإنتاج والاستيراد.
وبحسب دراسة أعدتها الهيئة العامة للمنافسة ومنع الاحتكار حول تغيرات الأسعار المحلية والعالمية للمواد الأساسية خلال 2016 (حصلت «الوطن» على نسخة منها) فإن الأسعار المحلية للمواد المدروسة ارتفعت خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام ضمن حدود الأسعار العالمية ونسبة ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة السورية، وذلك نتيجة وفرة العرض، على حين أنه خلال الربع الرابع من العام الماضي ارتفعت الأسعار المحلية لمواد (السكر- الأرز- الشاي) بقيم أكبر من حدود الأسعار العالمية ونسبة ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة السورية (الذي ارتفع خلال الربع بنسبة 3.5%) وهذا الارتفاع ناتج عن قلة العرض.
وأشارت الدراسة إلى أن الانخفاض في عرض السلع يعود إلى نقص توزيع المعونات الغذائية المقدمة من الجمعيات الخيرية والمنظمات الدولية باعتبار أنها تشكل نسبة عالية من الكميات الموردة للقطر وخاصة في مادتي الأرز والزيت، كذلك الأمر بسبب عدم استيراد القطاع العام كامل الحاجة السنوية المقدرة من السكر والأرز والشاي، حيث إنه لم يستورد أي كميات من الشاي وزيت عباد الشمس، واستورد كميات قليلة شكلت ما نسبته 5% فقط من الأرز و8% فقط من السكر، وبالتالي لم يساهم القطاع العام في زيادة العرض ضمن السوق الذي يمكنه من التصرف للمحافظة على توازن الأسعار.
وفي التفاصيل فقد انخفض السعر المحلي للسكر خلال الربعين الثاني والثالث عن السعر المفترض المتوافق مع الأسعار العالمية وتغير سعر الصرف، وذلك بنتيجة وفرة العرض بعد دخول موردين جدد مع صدور الآلية الجديدة التنفيذية لمنح الموافقات لإجازات وموافقات الاستيراد المعتمدة من وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ما ساهم في الحد من ارتفاع الأسعار.
بينما ارتفع السعر محلياً خلال الربع الرابع عن السعر المفترض بنسبة 5% بسبب ارتفاع سعر صرف القطع الأجنبي مقابل الليرة السورية خلال الربع الرابع بنسبة 3.5% إضافة إلى نقص توزيع المعونات الغذائية المقدمة من الجمعيات الخيرية والمنظمات الدولية.
وفي الحبوب فقد انخفض مؤشر أسعار الحبوب لدى منظمة الأغذية والزراعة «FAO» في عام 2016 بنسبة 9.6% عن مستواه خلال العام 2015، حيث سجل الأرز ارتفاع أسعاره في الربع الأول من العام، وفي الربع الثاني ارتفعت بنسبة 10.5%، ثم انخفضت تدريجياً حتى نهاية العام بنسبة 12% لتعود إلى مستواها، في حين محلياً ارتفعت الأسعار للأرز في بداية العام وعاودت الارتفاع في الربع الرابع بنسبة 21%، مع ملاحظة أن السعر المحلي الحقيقي في الربع الثاني والثالث كان أخفض من السعر المفترض نتيجة وفرة العرض، أما في الربع الرابع فقد ارتفع السعر المحلي عن السعر المفترض بنسبة 29% وهو ناجم عن ارتفاع سعر صرف القطع الأجنبي مقابل الليرة السورية خلال الربع الرابع، ونقص العرض في السوق.
أما الزيوت فقد سجل مؤشر منظمة الأغذية والزراعة ارتفاعاً لأسعار الزيت النباتي خلال العام 2016 بنسبة 11% عن مستواه في 2015، أما الأسعار المحلية لزيت عباد الشمس فقد ارتفعت في بداية العام بنسبة 21% عن مستواها في نهاية العام 2015 وعاودت الارتفاع تدريجياً حتى نهاية العام بنسبة 19% بسبب قلة العرض خلال الربعين الثالث والرابع، وهذا ما أكدته جولات الهيئة في الأسواق، كما ارتفعت الأسعار المحلية لزيت الزيتون في بداية العام بنسبة 4% وخلال العام ارتفعت بنسبة 42% بسبب نقص العرض الناجم عن التصدير.
وشهد مؤشر الفاو الفرعي انخفاضاً لأسعار اللحوم خلال العام 2016 نتيجة انخفاض أسعار لحوم الأبقار والدواجن، حيث انخفضت الأسعار العالمية للحم الغنم المجمد في بداية العام وبدأت بالارتفاع تدريجياً حتى نهاية العام بنسبة 11%، أما الأسعار المحلية للحم البلدي الطازج بعظمه فقد ارتفعت في بداية العام ورغم انخفاضها في الربع الثالث، فقد عاودت الارتفاع في الربع الرابع بنسبة 17% عن مستواها في بداية العام.
بينما بقيت الأسعار العالمية للفروج المجمد مستقرة خلال العام باستثناء انخفاض طفيف بنسبة 4% خلال الربع الرابع من العام، أما الأسعار المحلية للفروج المذبوح المنظف الطازج فقد ارتفعت في بداية العام بنسبة 18% عن نهاية العام 2015 وارتفعت تدريجياً حتى نهاية العام بنسبة 30% بنتيجة زيادة الطلب عليه لانخفاض أسعاره مقارنة باللحوم الحمراء.
وقد أشارت الهيئة العام للمنافسة ومنع الاحتكار إلى ضرورة تفعيل دور القطاع العام ممثلاً بمؤسسة التجارة الخارجية، لاستيراد المواد، والتحول في مهام مؤسسات التدخل الإيجابي تدريجياً بحيث تعمل كتاجر جملة لكسر حدة احتكار القلة وتعزز المنافسة اللازمة لخلق التوازن ما بين العرض والطلب وبالتالي استقرار الأسعار، كما لفتت الهيئة إلى أهمية دراسة تعديل المرسوم التشريعي رقم /40/ للعام 2015 الذي قضى بإعفاء مستوردات القطاع العام ذات المنشأ الإيراني وكذلك الممولة بموجب اتفاقية خط التسهيلات الائتماني الموقعة بين سورية وإيران من الرسوم الجمركية والضرائب والرسوم الأخرى مهما كانت تسمياتها، بحيث يشمل الإعفاء مستوردات جميع القطاعات الأخرى من المواد الأساسية بغية تحقيق العدالة في المنافسة بين القطاعين العام والخاص والاستفادة من مرونة القطاع الخاص في الاستيراد.