ترامب لتوسيع «التحالف الدولي».. وارتباك في الرياض بعد اتصال الرئيس الأميركي بسلمان
| الوطن – وكالات
في وقت كشف فيه البيت الأبيض عن عزمه تسمية شركاء جدد للدخول في «التحالف الدولي» لضرب تنظيم داعش، أربك الاتصال الهاتفي بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، دوائر صنع القرار في الرياض.
وبدا الارتباك السعودي من صدور تعقيبين من الرياض على البيان الرسمي الصادر عن البيت الأبيض بخصوص الاتصال. وبينما جاء البيان الأميركي صريحاً وواضحاً حيال المناطق الآمنة أو مواجهة إيران، التزم البيان السعودي الغموض حيال هاتين القضيتين.
وأصدر البيت الأبيض مذكرة رئاسية للأمن القومي، كشف فيها عن خطة إدارة ترامب لـ«دحر داعش». واعتبرت الخطة أن تهديد «التنظيم يتعاظم»، محذرةً من أنه «يحاول تطوير قابليات أسلحة كيميائية. وما زال مستمراً في توجيه ميول السكان تحت سيطرته نحو التطرف، وهجماته على حلفائنا وشركائنا ما زالت مستمرة»، وشددت على ضرورة أن تقوم الولايات المتحدة بـ«اتخاذ إجراءات حاسمة لهزيمة» تنظيم داعش المدرج على اللائحة الدولية للتنظيمات الإرهابية.
والخطة، التي نشرتها شبكة «سي. إن. إن» الأميركية، مؤلفة من ثلاثة أقسام، أولها أن هزيمة داعش باتت تمثل «سياسة الولايات المتحدة»، على أن يتم «تنسيق هذه السياسة وتقديم الإرشاد وفض التضارب والتقييم المرحلي للوظائف والبرنامج الموصوفة والمعينة في المذكرة من خلال العمليات المشتركة بين الوكالات الحكومية»، لمنع الخلافات داخل الإدارة الأميركية.
أما بنود الخطة، فتشمل تغيير «قواعد اشتباك.. التي تتجاوز متطلبات القانون الدولي فيما يتعلق باستخدام القوة لضرب داعش»، إضافة إلى «إطلاق عمليات الدبلوماسية العامة، العمليات المعلوماتية والإستراتيجيات الإلكترونية، لعزل ونزع الشرعية عن داعش والأيديولوجية الإسلامية المتطرفة». ودعت الخطة إلى «تسمية شركاء جدد في التحالف في قتال داعش، وتحديد السياسات لتمكين الشركاء في التحالف من قتال داعش والجماعات المرتبطة به».
وأكدت الخطة أهمية «الآليات لقطع ومصادرة الدعم المالي لداعش»، وطالب النص بوضع «إستراتيجية مفصلة لتمويل الخطة بقوة»، على أن يقوم كل من وزير الدفاع بتطوير هذه الخطة بالتعاون مع وزير الخارجية ووزير الخزانة ووزير الأمن الوطني ومدير المخابرات الوطنية ورئيس هيئة الأركان المشتركة ومساعد الرئيس لشؤون الأمن الوطني ومساعد الرئيس لشؤون الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب.
ومن اتصالات ترامب التي أجراها مع سلسلة من الزعماء الدوليين والإقليميين والخطة الرئاسية يمكن الاستنتاج، أن الرئيس الأميركي قرر بناء شراكة حقيقية مع روسيا لمكافحة تنظيم داعش، على أن تقوم السعودية وبقية دول الخليج بتمويل الشراكة.
وكشف الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يلتقي بنظيره الأميركي قبل قمة مجموعة دول العشرين التي تستضيفها مدينة هامبورغ الألمانية، الصيف المقبل. ووصف المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في مؤتمر صحفي عبر الهاتف أمس المكالمة التي أجراها بوتين وترامب، بـ«الجيدة». وتابع: «أولاً يجب أن نحدد تاريخ وموعد الاجتماع بين الرئيسين. المساعدون يعملون على ذلك الآن»، مضيفاً: إن الاجتماع قد يعقد قبل قمة مجموعة العشرين المقرر عقدها في السابع والثامن من شهر تموز المقبل.
وإذ أشار بيسكوف إلى أن الزعيمين لم يبحثا خلال مكالمتهما الهاتفية العقوبات التي فرضتها واشنطن على موسكو على خلفية الأزمة الأوكراينة، أضاف مستطرداً: «لمسنا استعداداً لحل المشكلات الصعبة عن طريق الحوار الذي كان الرئيس بوتين يدعو له منذ فترة طويلة، وللأسف لم يجد استجابة لذلك خلال السنوات السابقة».
في الغضون صدر بيان عن البيت الأبيض، جاء فيه: إن ترامب والملك سلمان اتفقا خلاله على ضرورة «التطبيق الصارم» للاتفاق النووي الإيراني في تطور عن موقف الرئيس الأميركي من هذا الاتفاق الذي سبق له أن دعا إلى تمزيقه. وحسب البيان، فقد أكد الرئيس الأميركي وملك السعودية ضرورة التصدي «للأنشطة الإيرانية المزعزعة لاستقرار» المنطقة وكذلك أيضاً محاربة «الإرهاب الإسلامي المتطرف»، وتعزيز الجهود المشتركة لمكافحة متشددي داعش. وقال البيان: إن الزعيمين ناقشا أيضاً ما وصفه بدعوة الملك السعودي لترامب إلى «قيادة جهود الشرق الأوسط لهزيمة الإرهاب والمساعدة في بناء مستقبل جديد اقتصادياً واجتماعياً» للمملكة والمنطقة.
وذكر البيان أن ترامب «طلب» والملك السعودي وافق على دعم «مناطق آمنة» في كل من سورية واليمن، وكذلك دعم «أفكار أخرى من شأنها مساعدة اللاجئين الكثر النازحين من النزاعات الدائرة»، من دون أن يوضح أي تفصيل بشأن آليات إقامة هذه «المناطق الآمنة». وأضاف البيان: «طلب الرئيس (ذلك) ووافق الملك على دعم مناطق آمنة في سورية واليمن فضلاً عن دعم أفكار أخرى لمساعدة كثير من اللاجئين الذين شردتهم الصراعات المستمرة».
وخلال حملته الانتخابية العام الماضي، دعا ترامب دول الخليج إلى دفع مقابل إقامة مناطق آمنة لحماية النازحين السوريين.
وفي تعليق أولي على الاتصال الهاتفي لم تذكر وكالة الأنباء السعودية «واس» إقامة مناطق آمنة. وفي وقت لاحق نشرت الوكالة بياناً صادراً عن القصر الملكي، جاء فيه: «إن الملك السعودي أبدى «تأييده ودعمه لإقامة مناطق آمنة في سورية» من دون أن يذكر اليمن. واتسم البيان السعودي بعبارات أكثر ضبابية من عبارات البيان الأميركي، كما صيغ بلغة مختلفة عن لغة بيان البيت الأبيض.
وأكد البيان تطابق وجهات النظر بين ترامب والملك السعودي في ما خص «محاربة الإرهاب والتطرف وتمويلهما ووضع الآليات المناسبة لذلك، ومواجهة من يسعى إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى»، من دون أن يذكر إيران أو يخصص الإرهاب بـ«الإسلام المتطرف».
وأضاف: إن الملك سلمان والرئيس ترامب «بحثا الشراكة الإستراتيجية للقرن الحادي والعشرين بين البلدين، وأهمية الارتقاء بالتعاون الاقتصادي والأمني والعسكري بينهما»، إضافة إلى «تأكيد عمق ومتانة العلاقات الإستراتيجية بين البلدين». كذلك لفت بيان الرياض إلى أن الملك السعودي وجه إلى الرئيس الأميركي خلال المكالمة دعوة لزيارة المملكة وأن ترامب وجه للملك سلمان دعوة مماثلة لزيارة الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن «القائدين اتفقا على جدولة الزيارات في الفترة القادمة» وذلك بهدف «تعزيز التعاون والعمل المشترك وتفعيل الشراكة الإستراتيجية بين البلدين بشكل أكبر يوازي عمق العلاقات التاريخية بينهما».
ونقلت وكالة «رويترز» للأنباء عن مصدر سعودي رفيع المستوى أن الزعيمين تحدثا لأكثر من ساعة عبر الهاتف، لافتاً المصدر إلى أن «السعودية تشارك بفعالية في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة داعش في سورية»، وكشف أن «عدد الطلعات الجوية السعودية لضرب داعش تأتي بالترتيب الثاني بعد الولايات المتحدة»، وأشار إلى أن سلمان وترامب اتفقا على تعزيز التعاون في هذا المجال.
وأكد المصدر تطابق وجهات نظر الزعيمين بشأن السياسات الإيرانية في المنطقة، ما يشير إلى اتفاق ترامب مع ما تراه الرياض من نفوذ متزايد لطهران في العالم العربي.
كما تحدث ترامب أيضاً مع ولي عهد أبو طبي محمد بن زايد آل نهيان. ونقلت وكالة أنباء الإمارات عن ولي العهد قوله: إن «التطرف والإرهاب لا دين لهما ولا هوية.. الجماعات التي ترفع شعارات وأيديولوجيات زائفة هدفها إخفاء حقيقتها الإجرامية في بث الفوضى والدمار والخراب»، فيما بدا أنه إشارة إلى جماعة «الإخوان المسلمين». وأعرب ابن زايد عن تطلع بلاده إلى تجاوز مرحلة الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة من خلال التعاون والجهود المشتركة وبما يخدم المصالح المتبادلة ويحقق السلم والاستقرار واستعادة الأمن فيها.
وقال البيت الأبيض: إن ترامب أثار أيضاً «فكرة دعم مناطق آمنة للاجئين الذين شردهم الصراع في المنطقة» وإن ولي العهد وافق على دعم هذه المبادرة.