من دفتر الوطن

استيراد الدستور!!

| عبد الفناح العوض 

في بيان أستنة نقطة جوهرية وهي استحالة الحل العسكري.. هذه الجملة القصيرة تعني: إنه لم يعد مسموحاً حمل السلاح.. فمادام الحل العسكري غير ممكن فما الحاجة إلى السلاح؟!
إذا كنتم تؤمنون باستحالة الحل العسكري فإن أول الواجبات لهذا الإيمان هو التخلي عن السلاح.
هذه إحدى النقاط الجوهرية التي يجب البناء عليها في تحويل جهود السوريين لتخليص بلدهم من السير في طريق النار، وكذلك تحويل جهودهم لغسل بلدهم من العقل التكفيري المدمر وتنظيف سورية من مظاهر الإرهاب ومخاطره.
التركيز على هذا الجانب مهم جداً.. لأنه يعني إعلان إخفاق لكل الذين دعوا للحلول العسكرية وإعلان إخفاق للدول التي ساهمت في تحويل سورية إلى ساحات سلاح.
ثم إنه على كل المعارضة السياسية التي دعت إلى الحلول العسكرية وكانت تفاخر بأنها تدعم الجماعات المسلحة تحت تسمياتها المختلفة يجب أن تعلن تقاعداً عن العمل السياسي.. ليس لأن رهاناتها فشلت، فهذا يتم في العمل السياسي، لكن لأن رهاناتها كانت دموية لدرجة أنها تحمل في «رقابها» مسؤولية ضحايا هذه الحرب المجنونة.
النقطة الأخرى التي أريد أن أناقشها هنا في هذه الزاوية تتعلق بالدستور السوري المقترح الذي جاء من روسيا.
ورغم أن التبريرات كثيرة ولعل أهمها إثارة النقاش حول الدستور السوري إلا أن اقتراح دستور من خارج سورية يتناقض مع ما يسمى المبادئ «فوق الدستورية».. وهو أن يكون الدستور هو صناعة الشعب على اعتبار أنه عقد اجتماعي وسياسي يتم التوافق عليه.. السؤال الأهم هنا:
هل الدستور هو «الأولوية».. الآن في الوصول إلى إنقاذ سورية أو إنه واحدة من تلك الخطوات التي يعرف الجميع أنه لا بد من المرور بها للخروج إلى بر الأمان؟
إن البدء من مناقشة الدستور ليست أولوية على اعتبار أنه يجب أن نركز أولاً على الأشياء والقضايا الجامعة وليست الخلافية.
وأولى القضايا السورية الجامعة.. إنهاء الأزمة السورية وبقية القضايا تندرج في إطار رؤية سورية المستقبل.. والتي سيكون مفيداً أكثر النقاش حولها في أجواء مريحة وليس في أجواء عدائية.
إعداد دستور هو قضية سورية صرفة… هذا من المفترض أن يكون مبدأ مقدساً.
صحيح لم يعد هناك أي قضية سورية صرفة تماماً… وقبول هذه الحقيقة المرة لا تعني قبولها كأمر واقع في الدستور.
الدستور ليس مادة قابلة للاستيراد… ولا يمكن أن يكون صناعة خارجية.. بغض النظر عن الاعتراضات، وهي اعتراضات محقة في معظمها وخاصة الفدرالية وعروبة سورية، لكن من المهم أن تكون هذه الاعتراضات ضمن البيت السوري… وحتى يحدث هذا يجب أن يكون اقتراح أي دستور من جهات سورية… بمعنى غياب المبادرة السورية لإعداد أفكار للدستور جعلت الأفكار تأتي من الخارج.
وبالتالي على السوريين أن يقدموا نموذجهم وأفكارهم لدستور سوري وأن يطرح للنقاش العام.
الشيء المريح أن ردود أفعال السوريين غير راضية عن الدستور المقترح!!

أقوال:
إن السياسة موضوع أخطر بكثير من أن نتركه للسياسيين.
لا تدري شيئاً قط عن كلمة دستور غير أنه تليها كلمة: يا أسيادي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن