سورية

سورية إحدى ساحاته المتنوعة.. التوتر الإيراني الأميركي يقرع الأجراس في عواصم القرار العالمي

| أنس وهيب الكردي

قرع خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب وأركان إدارته حيال إيران، الأجراس في عواصم القرار العالمي. ومع تصاعد حدة التوتر بين واشنطن وطهران، بدا أن سورية ستكون مسرحاً للصراع ما بين القوتين اللتين اعتادتا الصراع منذ الثورة الإسلامية. ولدى روسيا والصين والاتحاد الأوروبي مخاوف وهواجس من انعكاسات الخطاب التصعيدي لإدارة ترامب ضد طهران، على استمرار الاتفاق النووي الإيراني، الذي وقعه وزراء خارجية دول مجموعة (5+1) وإيران صيف عام 2015. وتخشى هذه القوى تحطم الاتفاق على صخرة الخلاف الأميركي الإيراني العاتي.
واستبشرت موسكو خيراً بفوز ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية. وبالفعل، اتفق ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين على التعاون بين بلديهما لمكافحة الإرهاب في سورية. لكن العداء الأميركي الإيراني قد يسبب للمسؤولين الروس متاعب جمة؛ إذ تتحالف القوات الروسية في سورية، مع قوات إيرانية، ومجموعات مقربة من إيران مثل حزب اللـه اللبناني والجماعات العراقية. ومن شأن الخلافات المتزايدة ما بين واشنطن وطهران أن تعقد جهود موسكو لحل الأزمة السورية ومكافحة الإرهاب. ولا تريد روسيا تكرار تجربة اجتماع أستانا، عندما اضطرت إلى دعوة الولايات المتحدة بصفة مراقب، بعدما رفضت طهران توجيه الدعوة لها للمشاركة في الاجتماع.
أما الاتحاد الأوروبي فإنه يخشى من انهيار الاتفاق النووي الإيراني الذي يعتبر الإنجاز الأبرز للدبلوماسية الأوروبية. وليس ذلك فحسب، بل تخشى العواصم الأوروبية، من تأثيرات سلبية للتوتر بين طهران وواشنطن على آفاق الصفقات التجارية ما بين الشركات الأوروبية ونظيرتها الإيرانية، والتي تبدو واعدة. وإلى ذلك، تتخوف بروكسل من انعكاس الصراع الإيراني الأميركي على الأوضاع في لبنان والعراق حيث للدول الأوروبية مصالح وازنة. فللقوات الأوروبية وجود في العراق، من خلال التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، وأيضاً في لبنان ضمن قوات الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان، «اليونيفيل». وأي توتر إيراني أميركي قد يؤدي إلى استهداف حلفاء إيران في العراق للقوات الأجنبية، أو عودة التوتر إلى جنوب لبنان بين حزب اللـه وإسرائيل، وعندها ستجد الدول الأوروبية أن قواتها أمام مخاطر تهدد حياة عناصرها واستمرار وجودها على الأرض.
وربما كانت الصين، القوة الكبرى المستعدة للاستفادة من التوتر الأميركي الإيراني، خصوصاً أن ترامب لا يخفي عداءه للدولتين، ويسعى إلى احتوائهما معاً.
واستخلص مسؤول فرنسي رفيع أن الأولوية لدى إدارة ترامب في سورية تتمثل في «إزالة داعش» وإخراج الإيرانيين و«حزب اللـه» منها. وأوضح المسؤول، بحسب صحيفة «الحياة» اللندنية، أن هذا «طمأن باريس» لأن إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما كانت، في رأيه، مستعدة لـ«صفقة» حول سورية مع تكريس التأثير الإيراني فيها، لافتاً إلى أن الإدارة الجديدة ستبحث عن اتفاق مع موسكو يتركز على «تقليص التأثير الإيراني في سورية حتى مع القبول ببقاء (الرئيس) بشار الأسد».
وأضاف المسؤول، والذي أجرى محادثات مع مسؤولين في الأمن القومي الأميركي في واشنطن: إن الأميركيين مهتمون بالحصول على «أفكار» تساعدهم في وضع خطة، الشهر المقبل، للتصدي للنفوذ الإيراني، وأن باريس «تتخوف من خطورة الذهاب بعيداً في هذا الهاجس»، عاكساً المخاوف الأوروبية على الأوضاع «الهشة» في العراق، وحذّر من أن مسعى تقليص التأثير الإيراني في سورية قد يأتي بنتائج خطرة على الوضع في العراق ولبنان.
وبدا أن السعودية سعيدة بالتوتر الإيراني الأميركي، بل إنها تشجع على وصوله إلى مدى أعلى. وفي هذا الصدد، دعا مستشار وزير الدفاع السعودي اللواء أحمد عسيري المجتمع الدولي إلى «إستراتيجية جديدة» للتعامل مع إيران. وشدد عسيري في حوار مع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» على ضرورة أن تعود إيران «إلى حدودها»، وأضاف: «يعني ذلك أن تكف طهران عن التدخل في دول مثل العراق وسورية واليمن، وإذا قررت واشنطن تبني الموقف ذاته، فهذا شيء عظيم».
وفي عبارة دبلوماسية تبطن إمكانية اللجوء إلى استخدام القوة، رد عسيري على سؤال بشأن طبيعة الخطوات التي يجب اتخاذها، قائلاً: إن «كل الخيارات مفتوحة وموضوعة على طاولة النقاش».
وعما إذا كان من شأن أي توتر مع إيران أن يزيد تفاقم الصراعات التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط، اعتبر عسيري أن «تلك التوترات موجودة في الأصل، وأن التهديد الإيراني للمنطقة خطير».
وتتوافق هذه التصريحات مع تشديد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير خلال لقائه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس على ضرورة وضع حد للتدخلات الخارجية في شؤون المنطقة، وخصوصاً التدخلات الإيرانية.
غداة العقوبات الأميركية الجديدة على 25 شخصية وشركة إيرانية، أعلن الحرس الثوري الإيراني عن مناورات عسكرية شرق العاصمة طهران تحت اسم «المدافعون عن سماء الولاية».
وانطلقت المناورات على مساحة 35 ألف كيلومتر مربع، في منطقة سمنان العامة، تحت عنوان «الهمة الجهادية والإرادة الإيرانية والاقتدار الثوري والتصدي للحظر والتهديد»، حسبما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن وسائل إعلام إيرانية، والتي أوضحت أن «مختلف أنواع المنظومات الرادارية والصاروخية ومراكز القيادة والتحكم والحرب الإلكترونية» ستستخدم في هذه المناورات، لافتةً إلى أن هدفها يتمثل في «عرض الاقتدار والجهوزية الدفاعية الشاملة لمواجهة أي تهديد».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن