رياضة

عقوبات اتحاد كرة القدم بين السالب والموجب .. لماذا يكافأ القضاة المذنبون؟

| محمود قرقورا

التحلي بالأخلاق الرياضية والحفاظ على أدب الملاعب من بدهيات ممارسة أي نوع من أنواع الرياضة، ويحز في النفس عندما يخرج أي طرف من الأطراف المعنية في المعادلة عن أدب الملاعب.
اتحاد كرة القدم يضرب بيد من حديد على أيدي العصاة والمتمردين والخارجين عن النص فنسمع كل أسبوع جملة من القرارات الرادعة عن مدرب أو لاعب أو إداري أو جماهير فتنتعش خزائن الاتحاد لدرجة أن العقوبات صارت من أهم مصادر دخله، والمؤلم أن كل هذه العقوبات لا تردع مرتكبيها ولا تكون درساً مجانياً لمن يريد الاستفادة.
نتفق مع أن الحزم مطلوب بل إننا نتمنى من رؤساء الأندية والمدربين أن يكونوا السند والمعين في تهدئة الأجواء علّنا نمضي ببطولاتنا المحلية إلى شاطئ الأمان وحيال ذلك لنا جملة من الملاحظات.

تساهل
شاهدنا الأسبوع الفائت تساهلاً بشأن عقوبات لاعبين، إذ خفضت للحد الأدنى ولم يتم التساهل بالعقوبات المالية وكأن الفلوس بدت أهم، مع أن لاعباً دولياً بحجم عمرو ميداني خرج بالحمراء ويجب أن تكون عقوبته مضاعفة كي يكون قدوة لغيره وخاصة أنه خرج عن النص بحركات استفزازية مخلة بالآداب لجمهور الكرامة فعلى أي أساس تم التساهل معه؟ وما المسوغات لرأفت مهتدي الذي لم يبلغ عمره الدولي في الملاعب سنة بعد حتى يشتم حكماً طبق القانون.
مباراة حطين والمحافظة شهدت ظلماً في وضح النهار بحق نادي المحافظة من الحكم عبد الله بصلحلو فخرج مدرب المحافظة أنس السباعي عن طوره معترضاً بكلمات نابية بحق الحكم متناسياً أنه يحمل شهادة الماجستير وأنه بأحد مواقع القرار الرياضي وينحدر من مؤسسة تربوية ثقافية اجتماعية، مع قناعتنا أن ضبط الأعصاب والحال هذه قد لا يحوزه إلا قلة قليلة والمدرب يبقى كتلة من المشاعر ومن لحم ودم.
عصا العقوبات طالته وهذه حالة صحية، لكن مكافأة الحكم بصلحلو وإسناد قيادة أقوى مباريات المرحلة السابعة بين تشرين والوحدة له لعمري هو قرار متسرع والأجدى معاقبته، فلماذا لا نستفيد من تجارب الدوري الإنكليزي بمعاقبة الحكم المخطئ بإنزاله لقيادة مباراة بدرجة أدنى، وآخر الأمثلة الحكم الغني عن التعريف مايك دين فحماية الحكام ليس بهذه الطريقة.
هذا الأمر انسحب على الحكم فراس الطويل الذي لم يكن موفقاً بإدارة مباراة الوحدة والكرامة بشهادة الكثيرين من خبراء اللعبة، وكان سبباً مباشراً للتشنج، وإذا كنا نرفض سلوك المدرب وليد الشريف ونصدّق على عقوبته لكن لا ننتظر بالتأكيد مكافأة الحكم بقيادة مباراة الاتحاد والشرطة، كما أن مباراة الوثبة والمجد كانت مثالاً ثالثاً يحتذى به، فمدرب المجد فراس معسعس خرج عن طوره وهو المعروف بهدوئه واتزانه، ولكنه لم يمتلك الصبر المطلوب حيال صافرات الحكم عبد الغني أحمد فخرج عن طوره فكانت عصا اتحاد الكرة بانتظاره، في الوقت الذي كلف فيه الحكم عبد الغني أحمد قيادة مباراة جبلة والحرية وقراراته لم ترض الطرفين؟!

إلا قلة الأدب
قلة الأدب عواقبها وخيمة ولا أحد يرضى بها وكلنا يتذكر أن تاريخ زين الدين زيدان لم يشفع له عندما طرد في نهائي كأس العالم 2006 أمام إيطاليا وحُمّل مسؤولية الخسارة، وتاريخ المدربين مورينيو وفينغر لا يشفع لهما أمام تطبيق القانون، وبالأمس القريب تابعا مباريات لفريقيهما مانشستر يونايتد وآرسنال من على المدرجات فضلاً عن العقوبات المادية، لكن الحكام المذنبين لم يكونوا بمنأى عن العقوبة، ولذلك نتمنى حزماً أكثر مع الجميع والبداية من الحكام أساس نجاح المباريات وضبط اللاعبين والمدربين والجماهير.

مسوغات
تخفيض عقوبة عمرو ميداني ورأفت مهتدي خلافاً لمقترح لجنة الإشراف على الدوري جاء بناء على مقترح رئيس اتحاد الكرة صلاح رمضان الذي امتلك الجرأة متحملاً المسؤولية أمام وسائل الإعلام من منطلق أن المنتخب الأول بكرة القدم مقبل الشهر القادم على واجب دولي أسمى، وليس منطقياً من وجهة نظره إيقاف اللاعبين أكثر من ذلك، ما يؤدي إلى التحاقهما بمعسكر المنتخب مفتقرين حساسية المباريات.
بدورنا نحترم وجهة نظر رئيس اتحاد اللعبة وحرصه على منتخب الوطن لكن نسأله: لماذا لم تتدخل عندما أبعد أحمد الصالح وسنحاريب ملكي وفهد اليوسف وعلاء الشبلي لسوء السلوك قبل مباراة اليابان التي خسرناها صفر/5 رغم حاجتنا للاعبين؟
وتذكروا أننا باركنا تلك الخطوة وقتها وأثنينا عليها معتبرين أن المنتخب خط أحمر ولا مكان لأصحاب السلوك السيئ، ثم إذا كان المنتخب يتوقف على هذين اللاعبين فالأجدر ألا نكمل مشوار التصفيات المونديالية، وللمهتمين أذكركم بأن مدرب المنتخب البرازيلي فيولا أبعد كارلوس ألبرتو توريس عن نهائيات كأس العالم 1966 لسوء السلوك ثم كان اللاعب ذاته هو القائد الذي رفع كأس جول ريميه إلى الأبد في مونديال 1970! والعالم أجمع يتذكر إبداعات البرازيلي إيدر في مونديال 1982 وهدفه الخرافي بمرمى داساييف ولكن المدرب سانتانا أبعده عن المونديال التالي لسوء السلوك فأين عمرو الميداني ورأفت مهتدي من كارلوس ألبرتو وإيدر؟
أما بشأن الحكام فقال صلاح رمضان إن ثلاثة طواقم تحكيمية تقوم بواجبات خارجية والحكم بصلحلو اعتذر عن خطئه وهو الذي فاز بجائزة حكم الأسابيع الأربعة الأولى من الدوري، وحيال ذلك نقول: بصلحلو كان موفقاً في الأسابيع الأربعة الأولى ويستحق الجائزة كما كان متميزاً بلقاء الوحدة وتشرين من وجهة نظرنا، لكن تناسي هفواته أمر غير مبرر، ونذكر أنه جرت خلال الأسبوع الفائت ست مباريات فقط فإذا افترضنا أن ثلاثة حكام غير متوفرين، ومن الضروري معاقبة بصلحلو والطويل وأحمد فهل افتقرت ملاعبنا لستة حكام غير هؤلاء؟ وإذا كان ذلك صحيحاً فلماذا نعطي دورينا صفة الامتياز؟

ختاماً
أثلج صدورنا عودة الدوري إلى سابق أيامه ونشد من أزر القائمين على اللعبة في قبة الفيحاء ونثمن الدور المتميز للجنة الإشراف على الدوري لكن نتمنى أن ينال كل ذي حق حقه واتخاذ مبدأ الثواب والعقاب بحق الجميع، والشيء بالشيء يذكر فإن مباراة الفتوة والنواعير يوم السبت حدث فيها الشيء الكثير والحكم الذي قاد مباراته الأولى هذا الموسم أحد المتهمين، وكلنا أمل بصدور قرارات منصفة بحق المذنبين، و«الوطن» التي لطالما انتقدت عمل لجنة الحكام تأمل من اتحاد اللعبة إعادة النظر بهذه اللجنة بما يتناسب مع الدوري الممتاز.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن