رياضة

التنظيم أساس العمل وسبب نجاحه…إلى متى سنعمل على مبدأ المصالح الشخصية؟

ناصر النجار

لاشك أن كل نجاح له أسبابه ومسبباته، وكل فشل له عوامله، والتنظيم هو أحد العوامل الرئيسة في النجاح وغيابه سيؤدي إلى الفوضى والاضطراب وسوء الإدارة والعمل.
لذلك إن تابعنا أسباب نجاح العمل الرياضي في بعض المؤسسات الرياضية فيجب أن تكون هذه المؤسسات هي الأكثر تنظيماً واستقراراً عن غيرها، والعكس صحيح.
وإذا تابعنا تصريح مدرب الجزيرة أحمد الصالح عن سبب هبوط فريقه الكروي إلى الدرجة الثانية فإنه يحدد الأسباب بعدم التنظيم في العمل الإداري لكون الموسم الحالي جاء بين دورتين، فالإدارة السابقة انشغلت بالتحضير للانتخابات، فلم تهتم بالرياضة والنشاط كما يجب، والإدارة الجديدة دخلت العمل وسط الموسم بوقت لا تستطيع فيه التبديل والتغيير والترميم، فكل شيء انتهى، فلا عقود ولا لاعبين.
ومن هنا ننطلق لنؤكد أن ما حدث بنادي الجزيرة حدث مع غيره من الأندية، فالإدارات الجديدة التي جاءت لم تكن راضية عن عمل من سبقها، فإما أهملت أو بدلت وغيرت لتكون الأمور ضمن السيطرة وضمن مفهوم الولاء الشخصي للإدارة أو لأصحاب القرار.
وهذه المشكلة تحولت إلى داء، لأن المرتكزات التي تقوم عليها المؤسسات الرياضية تبدأ من الولاء الشخصي قبل الولاء للمؤسسة، ثم الولاء للمال الذي سيدفعه هؤلاء، ثم الولاء للمنافع الشخصية، وأخيراً إن بقي شيء من الولاء، فهو للمؤسسة التي ننتمي إليها، وهذا الكلام هو على وجه العموم، فهناك من يعمل خارج هذا المفهوم وإن كانوا قلة!
وهذا الأمر يقودنا إلى الفكر الثقافي الذي يتمتع به الرياضيون والهدف الذي من أجله يتسابق هؤلاء إلى المناصب الرياضية، والآلية التي تحكم عمل المؤسسات الرياضية وهذا يقودنا إلى محددات يجب أن تكون ثوابت في العمل الرياضي.
أولها: ثبات العمل الإداري والتنظيمي في المؤسسة الرياضية لأنه الأساس في العمل والأصل في نجاحه، فليس من الضروري كلما جاءت إدارة جديدة أن تنسف عمل من سبقها، وللأسف فإن أغلب الإدارات الجديدة لا تتابع عمل من سبقها، بل تقوم (على العكس تماماً) بتغيير وتبديل كل من خالف هواها، وكل من اصطدم معها، وكل من تخشى جانبه، والأمثلة هنا واضحة وصريحة وبينة وهي موجودة في كل مؤسسة من مؤسساتنا الرياضية.
وآثارها السلبية واضحة لأنها تعيد العمل إلى نقطة الصفر، فالمتابعة تقصر الطريق وتختصر المسافات، ودوماً المطلوب من الإدارات الجديدة تعزيز العمل الإيجابي الذي قام به الراحلون، وتصويب السلبيات لجعلها إيجابية وتعود على العمل بالفائدة.
لكنه حب الظهور، وإثبات الذات والأنانية المفرطة، والتحكم بالولاء وما شابه هو الذي يضعف العمل الإداري والتنظيمي.
وعلى سبيل المثال: القائمون على أمانة السر والتنظيم يجب ألا يتغيروا في كل الاتحادات الرياضية والأندية لأنهم ميزان العمل، إلا إذا ثبت فسادهم أو سوء إدارتهم أو عدم قدرتهم على التطوير، وهذا يحتاج إلى أدلة وقرائن حتى لا يكون التغيير عبر رمي التهم جزافاً.
أيضاً: ليس من الضروري أن يتم تغيير اللجان العليا مع كل دورة انتخابية، فما نلاحظه أن كل اتحاد يغير لجانه العليا لتنسجم مع مصالحه وعلى الأغلب فإن هذه اللجان تكون مكافأة لمن دعم وأيد في الانتخابات!
وهذا ما نلاحظه بوضوح في كرة القدم، فليس من الضروري أن تكون لجنة الحكام (مثلاً) تضم أفضل خبراء التحكيم! وهذا الكلام لا يخص اتحاد كرة القدم الحالي، بل كل الاتحادات الكروية السابقة، فكل اتحاد كروي جديد يأتي بجماعته ليشغلوا مقاعد اللجان العليا وهي كما قلنا عبارة عن (جوائز ترضية)، والمشكلة لا تقتصر على هذا الأمر، بل إن اللجان ذاتها تعمل على إبعاد الخبرات السابقة لتتحكم بمجريات العمل وأموره، وهي بذلك تقلد من سبقها، ويساعدها على ذلك غياب الضوابط في عمل اللجان العليا.
والمشكلة هنا التي تواجه رياضتنا الإبعاد القسري للخبرات بدل الاستفادة من خبرتهم.
ثانيهما: النشاط الرياضي متعلق بكل ما سابق من حيث النظام والآلية والمواعيد، فكل اتحاد له رأيه في شكل النشاطات وأسلوبها، والمفترض أن تكون مقدسة من المحرمات المساس بها، وأي تغيير يجب أن يكون معللاً وبموافقة الجمعية العمومية للعبة.
ولنا في الاتحادات الدولية والمتقدمة أسوة حسنة في هذا الجانب، فأي تغيير للنشاط يجب أن يقره الأعضاء بالأغلبية، ويجب أن تترافق الموافقة على التغيير بموعد قادم وليس موعداً قريباً، وعلى سبيل المثال: لو أردنا تقليص عدد الفرق أو زيادتها في الدوري يجب أن يتحدد ذلك إلى ما بعد الموسم الحالي، لكي تستعد الأندية لتجنب سلبيات التقليص أو الاستفادة من إيجابيات الزيادة.
وهذا يعيدنا إلى دور أمانة السر في الاتحادات الرياضية التي تصدر القرارات الخاصة بالنشاطات وتحدد المواعيد التي تتلاءم مع الروزنامة الخارجية وتقترح التغييرات على اللوائح والأنظمة بما يتناسب مع مواكبة التطور الرياضي.
ثالثها: العمل الفني وهو ملحق بما سبق من نقاط وتابع له، ومع أنه الأساس إلا أنه حصيلة ما سبق، فإن صلح العمل الإداري والتنظيمي صلح العمل الفني، وإن فقد هذا العمل (الدوزان) انعكس عليه سلباً لأن التغيير الشامل سيشمل القائمين على العمل الفني بعيداً عن مبدأ الكفاءة والخبرة لأن القانون المتبع هنا هو (هذا معنا وهذا ضدنا).
وهذا نلاحظه في أنديتنا تحديداً رغم تداوله في الاتحادات الرياضية على صعيد المنتخبات، فكل إدارة ناد تغيّر مدربيها بما يتوافق (على الأغلب) مع أهوائها، لذلك ترى التبديل الفني أمراً واقعاً في أنديتنا مع كل إدارة جديدة سواء جاءت أول الموسم أو في منتصفه أو في آخره، والمشكلة هنا أن المدرب الجديد يقوم أيضاً بالتبديل والتغيير والإبعاد في فريقه وقد يكون الوقت غير متاح أو ملائم لهذا التبديل، فينعكس سلباً على الواقع الفني على الأندية خصوصاً وعلى الرياضة على وجه العموم.

أخيراً
ما تطرقنا إليه اليوم يعتبر أساس العمل ونجاحه، ولأننا ندخل أبواب دورة رياضية جديدة يجب أن تحدد الآليات والأسس التي تضمن ثبات العمل الإداري والتنظيمي والفني ضمن قواعد مقدسة لا يشوبها التغيير والتبديل إلا عند الضرورات القصوى، فالاستقرار أساس النجاح لأنه أساس نجاح العمل التنظيمي والإداري والفني.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن