اقتصادالأخبار البارزة

الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش: تجاوز على ملكية الدولة في حرم بردى «فرّخ» أربع صالات مطاعم … أخطاء جوهرية أدت إلى عدم تحصيل حقوق الخزينة من رسم الإنفاق الاستهلاكي

| محمد راكان مصطفى

بدأت القصة من تحقيق في شكوى لأحد المكلفين بالضرائب إلى ملف يحوي شبهات فساد وتلاعب في المشاريع السياحية، ليس أقلها الاعتداء على الملكية العامة، من بعض أصحاب مطاعم الربوة، والشخصنة وتصفية الحسابات في وزارة المالية.
يوضح تقرير تفتيشي للهيئة المركزية للرقابة والتفتيش (حصلت «الوطن» على نسخة منه) أن القصة بدأت مع التحقيق في شكوى تقدم بها أحد المكلفين بحق مديرية مالية دمشق ومديرية السياحة بدمشق، حول قيام مديرية مالية دمشق بإجراءات تدل على تنازله عن ملكية فراغ نصف المطعم الذي يملكه والكائن في دمشق طريق الربوة إلى اثنين من مستثمري المطعم، وذلك بالاستناد إلى قرار التأهيل السياحي الذي حصلا عليه من مديرية سياحة دمشق من دون تقديم ما يثبت ملكيتهم للعقار أو ملكية فروغ المطعم.
وخلال التحقيق الذي قامت به بعثة الهيئة، ثبت أن ما قام به الشريكان بتوسيع المطعم كان على حساب الملكية العامة حيث إن مساحة المطعم حسب الواقع الحالي تتجاوز 2000 متر مربع، منها 1750 متراً مربعاً تجاوز على ملكية عامة هي حرم نهر بردى، وقد تم الانتهاء من أعمال البناء والتوسيع والتجديد للمطعمين وتم فتحهما من الشريكين المشتكى عليهما أمام الجمهور في عام 2005 وبعلم المشتكي الذي لم يعترض على ذلك، إضافة إلى صدور قرار التأهيل السياحي رقم 575/ س د ش لعام 2014 عن مديرية سياحة دمشق والمستند في حيثياته إلى تقرير لجنة الكشف الفني الميداني المؤلفة من العاملين في مديرية سياحة دمشق ومديرية مالية دمشق التي اقترحت إعادة تأهيل المجمع كل صالة على حدة لوجود أكثر من مستثمر لصالات المجمع، وفعلاً صدر القرار بتخصيص المكلف المدعي بصالتين وتخصيص الشريكين المشتكى عليهما بصالتين وتم تصنيف الصالات كمطاعم من المستوى الرابع (نجمتان من الفئة ب) وتم تبليغ هذه القرار للمشتكي الذي أقام دعوى أمام القضاء الإداري، باعتراضه على القرار وشكواه إلى الهيئة المتضمنة أن مديرية سياحة دمشق أصدرت القرار على وقائع مزورة والقرار انطوى على محاباة لخصومه، وتم إيداع التقرير رقم 9/ م ح تاريخ 2014 المعد بنتائج تلك الشكوى مع وثائقه محكمة القضاء الإداري بذات الشكوى لضمه إلى ملف الدعوى تلافياً للازدواجية في النتائج.
وقضت محكمة القضاء الإداري بقرارها رقم 735/1/2015 برد دعوى المشتكي موضوعاً وقد حاز الحكم قوة الأمر المقضي بعد رفض الطعن المقدم منه بقرار دائرة فحص الطعون لدى المحكمة الإدارية العليا رقم 2699/ط/1 أساس 5876 لعام 2015.

أخطاء جوهرية
اعتبرت بعثة هيئة الرقابة قيام دائرة الإنفاق الاستهلاكي بتكليف المطعمين الجديدين برسم الإنفاق من تاريخ التأهيل السياحي عام 2014 باسم الشريكين واعتبار تاريخ التكليف بالرسم المذكور من تاريخ 10/4/2014 خطأ جوهرياً أدى لضياع حقوق الخزينة حيث إنه يجب أن يترتب على الصالات الأربع منذ مباشرتها الفعلية بوضعها الحالي منذ عام 2005.
ولم تحمل البعثة أي مسؤولية على العاملين لدى مديرية مالية دمشق عن تلك الأخطاء التي تم رصدها سواء الشكلية أو الجوهرية التي أدت لعدم تحصيل حقوق الخزينة حيث إن أخطاء نجمت وتراكمت نتيجة انعدام وغياب التنسيق المجدي والفعال بين المديريات المختصة لدى كل من محافظة دمشق ومديرية سياحة دمشق ومديرية مالية دمشق وبسبب وجود ثغرات بالأنظمة المعمول بها في تلك الجهات الأمر الذي مكن أصاحب المطاعم المشار إليها بالتقرير من التهرب الضريبي والاستمرار بالعمل سنوات طويلة دون تمكن هذه الجهات من تكليف المطارح الضريبية بالضرائب والرسوم وبما يتناسب مع نشاطها الفعلي علماً أن نشاط وفعالية تلك المطاعم كان خلال السنوات الماضية في ذروته وكان من السهل كشفه وضبطه.
كما بيّنت البعثة أن لجنة تقدير البدائية في دائرة الضرائب المباشرة بتقدير وتوصيف المنشآت المشيّدة على العقار أثبتت وجود تجاوز على الأملاك العامة بمساحة 1732 متراً مربعاً مفرز ومرمز، وبقرار لجنة التقرير البدائية تم توصيف الحالة الراهنة للعقار 27/ دمر الشرقية بأنه عقار تجاري مؤلف من ثلاثة مطاعم أفرزت ورمزت بالسجل المالي الأساسي، إضافة إلى إضبارة تكليف للمدعي بضريبة أرباح رأسمالية عن تنازله عن فروغ صالتين، وهو تكليف صحيح وحسب الأصول استند إلى عقد شركة المحاصة المبرم بين الطرفين، كذلك تشغيل الصالتين واستثمارهم من الشريكين منذ عام 2005 وبعلم ومعرفة المشتكي.
كما وجدت البعثة خطأ بالتكليف بالضريبة واعتبار التنازل واقعاً على فروغ المطعمين والإشارة إلى ذلك صراحة في الكتب التي وجهتها مديرية مالية دمشق إلى جهات عامة أخرى وهذا غير صحيح لأن التنازل وقع على صالة وتراس صيفي ضمن ما كان مجمع وجرى من المتنازل لهما تجديد وتوسيع مساحتهما على حساب الملكية العامة وتسمية الصالة التي حلت محل التراس الصيفي والمطعم الذي حل محل الصالة القديمة بأسماء جديدة والمطعمان الجديدان ما زالا لتاريخه بحيازة الشاغل وهذا الخطأ هو شكلي يؤثر في جوهر وأساس التكليف ولا يرتب أي إبطال له.
وبالنسبة لقيام دائرة الأرباح الحقيقية بمديرية مالية دمشق بتكليف المطعمين الجديدين بضريبة الأرباح الحقيقة والمكلف بهما الشريكين المشتكى عليهما خلال عام 2014 هو تكليف صحيح من حيث جوهر وأساس التكليف والخطأ المرتكب هو فرضه بموجب بطاقة تكليف حيث تم فتح بطاقة جديدة بذات الرقم بدل ضائع باسم الشريكين حيث إن تلك البطاقة مشكوك في حصة عائديتها وهي إما أن تم استغلال فقدان البطاقة فتم افتراض عائديتها للشريكين لإثبات أنهما طالبا إخضاعهما لضريبة الأرباح الحقيقية عن فعالية المطعمين المذكورين منذ عام 2005 أو أنها عائدة فعلاً لها وهم ما لم تتمكن البعثة في إثباتاته أو نفيه وهو خطأ شكلي انصب على جزية التكليف ولا يؤدي إلى إبطاله لأن أساس التكليف صحيح.

خلافات شخصية
بينت بعثة الهيئة أن شكوى المكلف كانت محل تقص وتدقيق من مدير التشريع الضريبي الحالي لدى الهيئة العامة للضرائب والرسوم بناء على تكليف من وزارة المالية والذي انتهى تقريره ببطلان جميع إجراءات مديرية مالية دمشق بتكليف المطعمين الجديدين بضريبة أرباح رأسمالية تحققت على المكلف المدعي عن تنازله عن المطعمين المذكورين وتكليف الشريكين المدعى عليهما بضريبة الأرباح الحقيقية ورسم الإنفاق الاستهلاكي على المطعمين، إضافة إلى إنهاء تكليف بعض موظفي مالية دمشق على خلفية فرض تلك الضرائب.
وبينت البعثة أن تقرير مدير التشريع الضريبي لا يمكن البناء أو الاعتماد عليه لكون المعالجة كانت غير موضوعية وغير حيادية وتبقى في حدود الرأي الشخصي مع التحفظ على مقترحاته، إضافة إلى الاتهامات التي ساقها مدير التشريع لكل من مدير مالية دمشق السابق ومعاون وزير المالية السابق كانت نتيجة لتصفية خلافات شخصية بين معد التقرير والمذكورين.
بين التقرير التفتيشي للهيئة المركزية للرقابة والتفتيش أن رئاسة مجموعة الشؤون المالية والجمركية أيدت نتائجه، واقترحت تجاوز المقترحات المتمثلة بعدم موضوعية وحيادية مدير التشريع الضريبي لدى الهيئة العامة للضرائب والرسوم في معرض تقصيه لشكوى المكلف، والاتهامات التي ساقها بحق مدير مالية دمشق السابق ومعاون وزير المالية السابق ووضع ذلك بتصرف وزير المالية وإعادة النظر في قرارات نقل كل من رئيس دائرة الإنفاق الاستهلاكي ورئيس الشعبة الميدانية في دائرة الإنفاق المتخذة بناء على اقتراح مدير التشريع الضريبي في تقريره المذكور وتحميل المذكورين أخطاء لم يثبت ارتكابهما لها ورأت ذلك موضوع الاعتراض أو التظلم على ما جاء بتقرير مدير التشريع الضريبي بالهيئة العامة للضرائب والرسوم المذكورين بالمقترحين وذلك بعد اعتماد نتائج تقرير البعثة.
وأيدت رئاسة مجموعة الثقافة والسياحة والإعلام والشؤون الخارجية النتائج والمقترحات التي تدخل ضمن نطاق اختصاص المجموعة النوعي، وأيدت رئاسة مجموعة الإسكان النتائج وأضافت مقترحاً ضمن نطاق اختصاص المجموعة النوعي، كما أيدت رئاسة مجموعة البناء النتائج وأضافت مقترحاً ضمن نطاق اختصاص المجموعة النوعي.
وأيدت النتائج وإضافة لما بينته رئاسة مجموعة الشؤون المالية والجمركية بأن التقرير أثبت ارتكاب العاملين في دائرة الإنفاق الاستهلاكي الكمالي لخطأ جوهري أدى لعدم تحصيل حقوق الخزينة من خلال احتساب رسم الإنفاق الاستهلاكي المترتب على المطعمين اعتباراً من تاريخ قرار التأهيل السياحي رقم 575/س د ش تاريخ 9/4/2014 بدلاً من تاريخ المباشرة الفعلية بالعمل بالمطعمين المذكورين عام 2005 كما جاء بتكليف الأرباح الحقيقية إضافة إلى أن تكليف المكلف المدعي بضريبة الأرباح الرأسمالية من مديرية مالية دمشق لتنازله عن فروغ المطعمين البالغة مساحتهما نحو 2000 متر مربع استند لعقود شركة محاصة منظمة خلال عامي 2002 و2003 على إشغال تراس صيفي وصالة من المجمع الذي لا تتجاوز مساحته 170 متراً مربعاً، والعقود غير موثقة أصولاً من أي جهة رسمية وذلك بناء على طلب لخلف شركة المشتكى عليهما وعدم تبليغ المكلف إخبار فرض الضريبة بالأرباح الرأسمالية.
وقيام مديرية مالية دمشق بمخاطبة جهات عامة أخرى رداً على استفسارها عن التكليف بأنه تكليف تنازل عن فروغ المطعمين ولم تبين بكتابها أن التكليف استند لعقود شركة محاصة غير موثقة أصولاً وأنه لغايات مالية ضريبية فقط كما جاء بإفادة مراقب الدخل المختص وكما جاء بقرار التأهيل السياحي رقم 575/س د ش الذي استند إليه التكليف أيضاً.

المقترحات المعتمدة
ونصت مقترحات الهيئة النهائية في تقريرها الذي أصبح أمام وزير المالية مأمون حمدان، على ترك موضوع تكليف المكلف المشتكي بضريبة الأرباح الرأسمالية عن تنازله عن فروغ المطعمين استناداً لعقود شركة محاصة لتشغيل تراس صيفي وصالات من المجمع ولقرار تأهيل سياحي جاء بحيثياته أن صدوره لغايات مالية ولواقع فعلي ومخاطبة جهات عامة أخرى على أنه تنازل عن المطعمين المذكورين بتصرف وزير المالية لاتخاذ المناسب حسب القانون والتعليمات النافذة وفي ضوء ما تنتهي إليه الدعوى القضائية الناظرة في النزاع القائم بين الطرفين حول ملكية فروغ المطعمين المذكورين والتعميم على مديريات المالية بالقطر بأن تتضمن الكتب الصادرة عنها والموجهة لجهات عامة أخرى رداً على استفسارها عن واقع تكليف معين مستند التكليف مهماً كان مفصلاً وعبارة أن التكليف كانت لغايات ضريبية ومالية فقط لكون المالية لا تثبت حقوق ملكية أو فروغ.
ودعوة الهيئة العامة للضرائب والرسوم الطلب من مديرية مالية دمشق العمل على طي التكاليف الضريبية (أرباح حقيقية، رواتب وأجور، ورسم إنفاق استهلاكي) وغيرها من الضرائب والرسوم المحققة باسم المكلف المشتكي وذلك منذ عام 2006 وذلك لثبوت تلاشي وجود المطعم على أرض الواقع منذ عام 2005 وحلول أربع صالات أو مطاعم محله. وإعداد تكاليف ضريبية بضرائب (أرباح حقيقية، رواتب وأجور، رسم إنفاق استهلاكي) وغيرها من الضرائب والرسوم المذكورة وتكليف مباشر وفق الواقع الراهن لتلك المطاعم وذلك اعتباراً من عام 2006 ولتاريخه، وتحصل الضرائب والرسوم استناداً لقانون جباية الأموال العامة.
ودعوة محافظة دمشق إلى الطلب من مديرية الأملاك العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لتكليف المطاعم والصالات التي حلت محل المطعم القديم وهي أربعة مطاعم ببدل إشغال الأملاك العامة وفق الأصول وبما يتفق مع الواقع الفعلي لتلك المنشآت، ووضع موضوع التوسع في مساحة أحد المطاعم والتجاوز على حساب الأملاك العامة حرم نهر واستثمار مجرى نهر بردى لتشييد وبناء مطاعم عليه سواء (المطعم محل البحث أو باقي المطاعم المستثمرة على مجرى النهر) من دون أخذ الموافقات والتراخيص اللازمة لذلك، بتصرف الهيئة العامة للموارد المائية لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بشأنه ومعالجته أصولاً وفق قانون التشريع المائي رقم 31 لعام 2005 بالتنسيق مع محافظة دمشق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن