سورية.. محجة العروبة
| بيروت – رفعت البدوي
في وقت بات فيه المكون العربي يفتش عن هويته التائهة مصراً على احتراف التباعد والتنابذ والتآمر على ذاته وعلى هويته مسهماً في ضياع أرضه وكيانه وفي تبخر أي تأثير للقرار العربي في مختلف الميادين والمحافل الإقليمية أو الدولية مفتقداً بذلك وسائل الدفاع عن الهوية والأرض وعن العزة والكرامة مفرطاً بالتاريخ المجيد لأمتنا العربية مقدماً للعدو الإسرائيلي الهدية الثمينة والفرصة الكبرى في اتخاذ قرار يستبيح فيه الأراضي العربية الفلسطينية مصادراً أرض وأملاك ومساكن وأرزاق الفلسطينيين لبناء المستوطنات الإسرائيلية ضارباً عرض الحائط بكل القرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة غير آبه بالمطالبات الدولية والأوروبية بعدم التعدي على الأراضي الفلسطينية أو قضمها أو الاستيلاء عليها وبضرورة الاعتراف بهويتها الفلسطينية تطبيقاً لقرارات شرعة الأمم المتحدة.
تُرِكت فلسطين تواجه غطرسة العدو الإسرائيلي وقراراته في مصادرة أراضي الفلسطينيين وتشريدهم وطردهم وتعذيبهم والتنكيل بهم ونهب خيراتهم ومحاصرتهم وقتلهم عمداً من دون أي موقف عربي ضاغط على الدول الكبرى المؤثرة في المحافل الدولية من أجل ردع العدو الإسرائيلي عن الإمعان في صلفه ضد الفلسطينيين في النقب والضفة وفي مناطق 48 وكل فلسطين.
المستغرب أن الحكومات والملوك والرؤساء والأمراء العرب جميعهم أصيبوا بالصمت المطبق المتآمر بما يوحي بوجود تآمر وبقبول ضمني بضياع الحق الفلسطيني وحق العرب مسلمين ومسيحيين في فلسطين بيد أنهم لم يحركوا ساكناً لمواجهة قرار حكومة الكيان الصهيوني القاضي بمصادرة منازل وأراضي الفلسطينيين.
أما السلطة الفلسطينية التي اكتفت ببيانات الشجب والاستنكار شأنها شأن الجامعة العربية والمراجع والمنظمات والسلطات والملوك والأمراء والرؤساء والسلاطين العرب إضافة لأغلبية الحكومات العربية التي وقفت متفرجة على ممارسات العدو الإسرائيلي من تعذيب الفلسطينيين وهدم منازلهم ومصادرة أراضيهم وتشريد أطفالهم من أجل بناء مستوطنات إسرائيلية وإسكان الوافدين في منازل الفلسطينيين ليصبح الفلسطيني صاحب المنزل الأصلي وأطفاله مشرداً في الشارع في حين الصهاينة الجدد يتمتعون بالأرض والممتلكات الفلسطينية متنعماً بخيرات فلسطين وكل ذلك يتم تحت أنظار العالم وسمع المجتمع الدولي من دون حسيب أو رقيب..
وعلى رغم كل هذا الاستعمار السياسي والفكري وتطبيق سياسة التمييز العنصري الإسرائيلي لم نلحظ حتى الساعة أي دعوة للمقاومة وإعلان انتفاضة فلسطينية أو عربية هدفها مقاومة هذا الإذلال الممارس من العدو الإسرائيلي وعلى نقيض ذلك فإن السلطة الفلسطينية متشاركة مع بعض الحكومات العربية تصر ولم تزل تزداد إصراراً على سلوك درب التفاوض المذل الذي لم يؤت أكله رغم مرور أكثر من ربع قرن على مفاوضات عقيمة النتائج لم نجن منها إلا التراجع والخنوع والانكسار وتحطيم الذات وضياع الكرامة العربية وكأن التاريخ أصبح مسألة سردية فقط ولا تتكرر أحداثه إلا في حالة تشريد وتمزيق العرب.
وحدها سوريه قلب العروبة النابض من بين الدول العربية وعلى الرغم من انشغالها في مواجهة المؤامرة الكونية والإرهاب المستعرب الصهيوني الأميركي على أرضها لم تترك فلسطين ولم تتخل يوماً عن واجباتها القومية العربية فأعلنت عن موقفها الرافض لممارسات العدو الإسرائيلي متمسكة بحق الفلسطينيين بأرضهم وأرزاقهم وفي تقرير مصيرهم وفي تحرير وبناء وطنهم فلسطين وعاصمته القدس داعية إلى مقاومة العدو الإسرائيلي بكل الوسائل المتاحة من أجل استعادة كرامة الفلسطينيين والعرب بفلسطين كل فلسطين من البحر إلى النهر كما أصدرت الخارجية السورية بياناً رسمياً عبرت فيه عن استنكارها وشجبها وإدانتها لسرقة وتبييض الأراضي الفلسطينية مقدمة الدعم السوري غير المحدود للإخوة الفلسطينيين في سبيل استرداد أرضهم وحقهم في تقرير مصيرهم في وطنهم فلسطين.
من دمشق قلب العروبة النابض ومن مكتبة الأسد خلال حفل تأبين مطران القدس والعرب «هيلاريون كبوجي» وقفت المستشارة الإعلامية والسياسية لرئاسة الجمهورية العربية السورية الدكتورة بثينة شعبان ممثلة الرئيس بشار الأسد مؤكدة دور سورية المحوري في النضال والكفاح والانتماء العربي حيث قالت: إن فلسطين هي جزء لا يتجرأ من سوريه العروبة وإن لبنان والأردن والعراق وكل الوطن العربي في قلب فلسطين..
نقول إن سوريه هي محجة العروبة وأم رؤوم للعروبيين الأطهار.
تبقى الجمهورية العربية السورية البوصلة في القومية والنضال لتشكل نبراساً وعنواناً للمقاومة في سبيل استرداد الحقوق العربية والمدرسة في الانتماء للهوية العربية.