الأنظار تتجه إلى «أستانا» من جديد
| صياح عزام
عادت العاصمة الكازاخية أستانا لتجتذب الأنظار مجدداً، على خلفية اجتماع مجموعة العمل المشتركة لمتابعة بحث الحرب الإرهابية على سورية والتي تضم خبراء من الدول الثلاث روسيا وإيران وتركيا ومن الأمم المتحدة، حيث بحث الاجتماع المذكور الذي عقد مؤخراً مجموعة من النقاط المهمة، مثل مسألة تنفيذ اتفاق وقف الأعمال القتالية في سورية، وأيضاً خريطة الفصل بين المجموعات التي قبلت بنظام وقف إطلاق النار، وبين تنظيمي داعش والنصرة الإرهابيين وبعض الجماعات التي لم تلتزم بوقف إطلاق النار.
وكان من اللافت للنظر، ما أعلنه نائب رئيس هيئة الأركان العامة الروسية رئيس الوفد الروسي إلى الاجتماع «ستانيسلاف حجي محمدوف» عن مشاركة وفد من الأردن تقدم أثناء الاجتماع بمعلومات ومعطيات حول المجموعات المتطرفة التي تقاتل في الجنوب السوري، وهذه المشاركة الأردنية رأى فيها بعض المراقبين السياسيين أنها قد تكون بداية لانعطافة أردنية تترجم بمبادرة يطرحها الأردن في القمة العربية المقبلة أو قبلها لإعادة مقعد سورية في جامعة الدول العربية، علماً بأن عودة سورية إلى الجامعة لها الكثير من الشروط السورية..
وقد أوضح المتابعون للاجتماع في حينه، أن الأطراف المجتمعة أبدت ارتياحاً لانعقاد الاجتماع ومجرياته؛ الأمر الذي يشير إلى أن مسار أستانا هو مسار مجد وتعلق عليه آمال كبيرة، لأنه لا يزال مضبوطاً ومحكوماً بعدة عوامل، وخاصة العامل الأساسي المتجسد بمفاعيل وتداعيات تحرير مدينة حلب من المجموعات الإرهابية، ثم يأتي العامل الثاني وهو التقدم المتواصل الذي يحرزه الجيش العربي السوري وحلفاؤه باتجاه مدينة (الباب) في شمال حلب، أما العامل الثالث فهو الإنجازات العديدة الأخرى التي تتحقق في جبهات القتال الأخرى لمصلحة الدولة السورية وجيشها.
إلا أن أجواء الارتياح التي تحدث عنها أكثر من طرف دولي وإقليمي شارك في مؤتمر أستانا الأول، لم تعبر عن اتجاهٍ نهائي لدى المجموعات الإرهابية لعدم القيام بأعمال إرهابية، ذلك أن «محمد علوش» رئيس وفد المجموعات المسلحة إلى مؤتمر أستانا وتزامناً مع اجتماع خبراء الدول الثلاث الذي أشرنا إليه في بداية الحديث، أطلق مزاعم تفيد أن الجيش السوري قد خرق وقف إطلاق النار الذي اتفق عليه «وحدد الخرق في وادي بردى» وادعى أيضاً، أن الطائرات السورية قصفت مواقع النصرة و«داعش» وأخواتهما، علماً بأن «داعش» والنصرة وبعض المجموعات المنضوية تحت رايتهما غير مشمولة بوقف الأعمال القتالية في وادي بردى ولا في غيره… إضافة لذلك قام جيش الإسلام الذي يتزعمه «علوش» بمهاجمة نقاط للجيش السوري في (جوبر والغوطة الشرقية).
وهكذا فإن تصريحات «علوش» هذه تؤكد وجود علاقات قائمة ومستمرة بين المجموعات الإرهابية رغم حروب التصفيات التي تجري بينها على المغانم ومناطق النفوذ، في الوقت نفسه فإن إنجاز تحرير مدينة حلب الذي فرض أمراً واقعاً على المنظمات الإرهابية ورعاتها، جعل تركيا على يقين بأن ما بعد حلب ليس كما قبلها، ولهذا وجد أردوغان نفسه مُجبراً على الذهاب إلى مؤتمر «أستانا» وإلى اجتماع الخبراء الذي تلاه، كخيار لا بد منه للحفاظ على نفوذ له عن طريق هذه المجموعات الإرهابية التي يدعمها بالتنسيق والتعاون مع السعودية وقطر.
على أي حال فكما هو معروف للجميع، ستعمل سورية ما في وسعها لإنجاح الجولة الجديدة في «أستانا» غير آبهة بكل محاولات إفشالها التي تقوم بها جبهة النصرة وغيرها من المجموعات الإرهابية الأخرى بإيعاز من رعاتها ومُشغليها في السعودية وقطر وغيرهما.