سورية والجامعة العربية
| بيروت -رفعت البدوي
في إحدى الدول العربية وقف مسؤول رفيع المستوى أمام ممثلي دول العالم ملقياً محاضرة في تطور الدول والحكومات العالمية مثنياً على تقدم بلاده متفاخراً بإدارة حكومة بلاده التي جمعت بين التطور والتقدم والأمن الذي أوصل بلاده إلى مصاف الدول المتقدمة.
لفتني في تلك المحاضرة ذاك الحضور الكثيف لممثلي دول العالم وهم ينصتون باهتمام بالغ إلى نظريات وأجوبة المسؤول العربي الرفيع المستوى على الرغم من عدم اقتناع الكثير منهم بمحتوى الإجابات التي كان يسوقها رداً على الأسئلة التي وجهت إليه من مختلف الاتجاهات الإعلامية والسياسية والاقتصادية وحتى الأمنية.
ومن ضمن الأسئلة التي أجاب عنها المسؤول العربي لفتني سؤال واحد كان قد وجهه الإعلامي المصري عمرو أديب للمسؤول العربي المحاضر في تلك القمة العالمية، والسؤال هو: كيف يقيّم المسؤول الرفيع المستوى تطور العلاقات المصرية مع حكومته العربية صاحبة الدعوة المضيفة للمؤتمر العالمي الخاص بتطور الحكومات..؟
اللافت في الإجابة التي نطق بها ذاك المسؤول العربي الرفيع المستوى عن سؤال الإعلامي المصري عمرو أديب إذ قال: نحن في دولتنا نكن كل الحب لجمهورية مصر ولشعب مصر، ولعل الأستاذ عمرو أديب يعرف تمام المعرفة ما فعلته دولتنا مع مصر وشعب مصر لجهة دعمنا ومساندتنا لمصر وخاصة الجهد الذي بذلناه في سبيل إعادة جمهورية مصر إلى الجامعة العربية بعد أن تم استبعادها عقب اتفاقية كامب ديفيد كما كان لحكومتنا الفضل في ممارسة الضغط من أجل تحقيق عودة مصر للأسرة العربية لأن مصر بالنسبة لنا هي جسد العرب.
وهنا تساءلت في قرارة نفسي كيف يمكن للأسرة العربية أن يكتب لها العيش كجسد لكن من دون قلب ما دامت سورية هي قلب العروبة النابض؟
وما الأسباب التي دفعت المسؤولين في تلك الدولة المضيفة للضغط من أجل تحقيق عودة مصر للجامعة العربية؟
لماذا التزم مسؤولو تلك الدولة العربية المضيفة الصمت الممزوج بالتآمر على سورية العربية المرفق بالموافقة على تعليق عضوية سورية في الجامعة العربية.
لماذا لم تقم حكومة ذاك المسؤول العربي بأي مبادرة أو استعمال الأسلوب ذاته من الضغط كما حصل مع جمهورية مصر والدفع نحو إعادة سورية قلب العروبة النابض إلى شغل مقعدها في الجامعة العربية؟
ولكن بعد التدقيق والتمحيص في محاضر الاجتماعات بين وزير الخارجية والمنظر للسياسة الأميركية السابق «هنري كسنجر» وبين الرئيس حافظ الأسد خلال حرب 1973 إضافة إلى المراسلات التي أفرجت عنها الرئاسة السورية والموثقة في كتاب «حافة الهاوية» للمستشارة الإعلامية والسياسية للرئاسة السورية الدكتورة «بثينه شعبان» سرعان ما نكتشف الجواب الشافي، إنها المعادلة المذلة.
مصر أنور السادات اعترفت بإسرائيل وعقدت اتفاقاً مذلاً معها فأعيدت مصر للجامعة العربية أما سورية الأبية التي رفضت الاعتراف بإسرائيل كما رفضت أي اتفاق مذل معها فكانت النتيجة أن جمدت عضويتها في الجامعة العربية.
ولأن سورية لم تبرم أي اتفاق سِماتُه الغدر بالأشقاء العرب كما فعلت جمهورية مصر ولأن سورية رفضت كل المغريات التي عرضت عليها ولأن سورية لم تتخل يوماً عن فلسطين واعتبرتها جزءاً لا يتجزأ من سورية العروبة، ولأن سورية لم تتخل يوماً عن قيمها وعزتها وكرامتها وهويتها وانتمائها القومي العربي جُمدت مشاركتها بالجامعة المسماة العربية.
اللافت في الأمر أن المؤتمر المذكور كان قد تزامن مع دعوة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشعب المصري توصي بضرورة عودة سورية إلى شغل مقعدها في الجامعة العربية وكأن سورية مهتمة بالعودة إلى وكر المؤامرة.
لا يا ساده:
إن ما يسمى الجامعة العربية كان لها شأنها وموقفها وانتماؤها العربي المؤثر في زمن الزعيم جمال عبد الناصر والقائد الراحل حافظ الأسد أما اليوم فإن ما تسمى الجامعة العربية أضحت وكراً للتآمر على فلسطين وسورية وليبيا والعراق واليمن وعلى العروبة ذاتها وباتت جسداً بلا قلب.
إن البت في قرار عودة سورية لشغل مقعدها في الجامعة المسماة بالعربية عائد للشعب السوري فقط، أما رغبة الشعب السوري فإنها تتلخص بعدم عودة سورية العربية للجامعة بل إن الشعب السوري يرغب في عودة الجامعة العربية للعروبة الحق ولانتمائها العربي بعودتها إلى قلب العروبة أي إلى سورية والاعتذار من شعبها وليس العكس.