قضايا وآراء

خطة الدولة الفلسطينية في قطاع غزة

| تحسين الحلبي

لا أحد يشك بموجب السجل السياسي لإدارة أوباما أن ما قدمته إدارته لإسرائيل خلال سنوات ثمان لم تقدمه أي إدارة سبقتها فقد منح أوباما قبل شهور من انتهاء ولايته الثانية (38) مليار دولار لإسرائيل على مدى السنوات المقبلة، إضافة إلى المساعدات السنوية العسكرية التي تحصل عليها بشكل روتيني ودائم، وقام أوباما باتخاذ إجراء لم يستطع الرئيسان كلينتون (1992-2000) وبوش الابن (2000-2008) اتخاذه.
لكن ترامب الرئيس الأميركي انتقل بموجب مؤتمره الصحفي مع نتنياهو إلى التصريح علناً إلى ما هو أكثر خطورة حين قال: إنه ليس مهتماً بالحل القائم مع الفلسطينيين على وجود دولة لهم أو عدم وجودها وإنه سيقبل بأي حل توافق عليه إسرائيل وتقنع به السلطة الفلسطينية وهذا يعني أن إدارة ترامب تتطابق كلية مع الموقف الإسرائيلي تجاه أي تسوية مع السلطة الفلسطينية وهي بموجب تصريحات نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي ليبرمان عدم السماح بإنشاء دولة فلسطينية في الضفة الغربية، وعدم التفاوض مع السلطة الفلسطينية على التسوية إلا بعد تطبيع الدول «السنية» كما وصفها نتنياهو في مؤتمره الصحفي مع ترامب مع إسرائيل وبعد هذا التطبيع يقول ليبرمان: ستسمح إسرائيل بنشوء دولة في قطاع غزة والتعاون معها بعد نزع البنية المسلحة للمقاومة في القطاع ونبذ الإرهاب وعدم التحريض على إسرائيل.
وكانت خطة إسرائيلية قد كشفت في صحيفة هآريتس وفي مشروع (غيورا آيلاند) رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي في عام 2004 ورئيس قسم التخطيط في هيئة الأركان سابقاً أن الدولة الفلسطينية التي ستسمح إسرائيل بإنشائها هي دولة في قطاع غزة بعد تجريدها من السلاح وتوسيع رقعة مساحتها من خلال مبدأ تبادل الأراضي متعدد الأطراف ولا يقتصر على الفلسطينيين وإسرائيل بل يشمل مصر (في سيناء وتعويضها بأراضٍ من النقب) والأردن والسلطة الفلسطينية ولذلك يعلن عدد من الوزراء الإسرائيليين في كل مناسبة أن المقصود بالدولة الفلسطينية ليس دولة في أراضي الضفة الغربية بل في قطاع غزة ويضيف هؤلاء: إن قطاع غزة الآن فيه حكومة تقوم بمهامها من دون وجود عسكري وإداري للجيش الإسرائيلي وهذه الدولة في القطاع هي دولة فلسطين المقبلة التي توافق إسرائيل على وجودها والتعامل معها بعد خضوعها للشروط الإسرائيلية.
وهذا المشروع أصبح على أولوية جدول العمل الإسرائيلي مع إدارة ترامب ولا يمكن تنفيذه إلا بعد أن يطلب ترامب ونتنياهو من الدول المتحالفة مع واشنطن- السعودية- قطر- وبقية دول النظام الرسمي العربي المشاركة في تنفيذه من خلال اتفاقها مع إسرائيل على تمويل نفقاته المالية وإحضار موافقة فلسطينية أياً كانت عليها في قطاع غزة.
فبعد تجويع الفلسطينيين في القطاع وتشديد الحصار عليهم من كل الاتجاهات في السنوات الثلاث الماضية واستمرار الانقسام بين حركتي فتح وحماس وبين من يحكم قطاع غزة ومن يحكم في السلطة الفلسطينية يجد ليبرمان بموجب ما يقوله علناً إن الوقت أصبح «مناسباً جداً» للبدء بالحصول على موافقة دول النظام الرسمي العربي وتركيا بشكل علني على خطة تحديد مكان الدولة الفلسطينية في قطاع غزة ولذلك لن تنشغل إدارة ترامب بما انشغلت به إدارة أوباما حين كانت ترعى المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل بل سيعمل ترامب على استخدام نفوذه على دول النظام الرسمي العربي للمشاركة في هذا الحل الذي تعتبره إسرائيل من وجهة نظرها في مصلحة الأردن لأن دولة فلسطينية في الضفة الغربية سيكون لها حدود مع الأردن والضفة الشرقية لنهر الأردن وإسرائيل هي التي تلح بأن تضم غور الأردن كله مع 80% من الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية وتكليف الأردن الإشراف على السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية ضمن حكم ذاتي. وهذا ما أشار إليه بلغة صريحة الوزير الإسرائيلي (نفتالي بينيث) زعيم حزب (البيت اليهودي)؟!
والسؤال: هل ستساهم دول النظام الرسمي العربي في هذه الخطة التي تتجاوز كل حقوق الفلسطينيين؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن