الأخبار البارزة

فساد الصحة تحت أعين الرقابة…لجان المشتريات.. والأرزاق تعبث بأموال الدولة بطرق مكشوفة!!

علي نزار الآغا : 

بالفعل أرقام بتحكي، فمئات ملايين الليرات السورية تلقى طريقاً سهلاً في أقنية الفساد واللصوصية في بعض المشافي والجهات التابعة لوزارة الصحة.
مافيات حقيقية مرتبطة بمافيات أكبر، تغرز مخالبها في جسم الدولة، بواسطة لجان المشتريات وتعهدات أرزاق بعض المشافي والجهات الصحية.
وكما هو حال المافيات في العالم، التي نشاهدها في أفلام «الأكشن»، كذلك حال «مافيات الصحة»، إذ ترتبط بمسؤولين في عدة مواقع في الدولة، بعضها لا يمت لـ«الصحة» بصلة، وينتظمون وفق بروتوكولات «هبش»، دقيقة، يصعب كشفها من الزاوية القانونية. وفي حال كشفها يتم حمل القضايا من قبل رجال الخط الأول في الفساد، وهم في الأغلب لجان المشتريات، من دون ترك مستمسكات قانونية، من شأنها نزع الأقنعة عن بعض المسؤولين.
وفقاً لمعلومات موثوقة حصلت عليها «الوطن» فقد بدأت الملفات بالورود إلى طاولة القضاء السوري، واليوم يقلب القضاء المختص ملف فساد في إحدى لجان المشتريات التابعة لجهة تتبع لوزارة الصحة، يكشف عن تلاعب بمبالغ من رتبة الملايين.
ويمكن تشبيه هذا الملف بالجزء البسيط الظاهر من جبل الجليد، والمسؤول عن كشف العديد من ملفات الفساد المرتبط بمافيات حقيقية، تمصّ دماء المواطن والوطن.
ويوصف الفساد في لجان المشتريات وتعهدات أرزاق المشافي بالصعب جداً، لكونه يحمل مظهراً قانوني دقيقاً جداً، إلى درجة يستحيل معها كشف الثغرات التي عبر منها الفاسدون، ومعهم مئات الملايين من أموال الدولة والشعب. الأمر الذي يتطلب خبرات ومهارات على مستوى عالٍ لكشفها، ويبدو أننا أصبحنا قريبين جداً من ذلك، ولعل ما يجري على الأرض في الأجهزة المختصة أكبر بكثير من حيث الإنجازات في هذا الملف.
ومن «بروتوكولات الفساد» في لجان المشتريات التي علمت بها «الوطن» تقسيم متطلبات المشافي مثلاً على دفعات، تتوافق مع الحدّ الأقصى المحدد لأجل الشراء المباشر، للهروب من إجراء المناقصات وتأمين كامل الكميات المطلوبة من المستلزمات الطبية.
وعلى ذلك يتم الشراء المباشر وبأسعار غير حقيقية، ومختلفة أحياناً لنفس الصنف والماركة، وتسجيل الفواتير في تواريج متقاربة، بحجة طبيعة عمل المشفى وما تحتاجه من مستلزمات بشكل مستمر، وهذا غير صحيح طبعاً، إذ يمكن تقدير احتياجات المشفى، وطلب عروض أسعار تنافسية، وإجراء مناقصة لتأمين المستلزمات بأقل تكاليف ممكنة، لكن هذا يقطع بـ«رزق» مافيات الفساد.
وفيما يخص ملف أرزاق المشافي، فالحكايا عجيبة غريبة، والفساد علني، ولعل أبسط الأمثلة على ذلك الفساد، هو التلاعب في مواصفات المواد المستجرة للمشافي، فمثلاً يتم تسجيل استجرار أرز من النوع الفاخر، على حين في الحقيقة هو أرز سيئ لدرجة لا يمكن تصنيفه من وزارة التموين. والأمر ذاته ينطبق على بعض المواد مثل الفطر، حيث يتم استخدام مواد مخالفة للمواصفات المطلوبة والمسجلة في الفواتير… وقس على ذلك، من فساد مافيوي يديره بعض المتعهدين ومن يقف وراءهم.
والحق يقال، بأن ليس جميع لجان المشتريات والمتعهدين والمسؤولين عن الأرزاق واستجرار المستلزمات الطبية فاسدين، فكما هو حال الدنيا، هناك الوطنيون والشرفاء، ولهؤلاء نرفع القبعات، بمن فيهم الأجهزة المختصة التي تتابع الموضوع.
لكن لا بد من الإشارة إلى أن تسهيل عمل تلك المافيات مرتبط بعدم وجود إجراءات ومعايير محاسبية وكمية، تحدد الكلف والحاجات الحقيقية في المؤسسات الصحية، وغياب لمؤشرات الأداء الرقابية، بما يساعد على توصيف وتحديد اقتصادية النفقة، وليس قانونيتها كما هو معمول فيه، بمعنى أن ما يجري هو توصيف وتحديد ما إذا كانت النفقات قانونية أم لا، وليس إن كانت اقتصادية، أي مجدية اقتصاديةً أم فيها هدر وفساد، وهنا علمت «الوطن» بوجود جهود لدى بعض الأجهزة الرقابية باتجاه وضع مثل تلك المعايير والأساليب المسؤولة عن كشف الفساد ومحاربته بفعالية عالية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن