قضايا وآراء

طريق السوريين إلى الخلاص

| سامر علي ضاحي 

لا يزال سقف التوقعات من نجاح المحادثات السورية التي ستنطلق اليوم في جنيف منخفضاً رغم أنها تعتبر الجولة الرابعة من محادثات تتكرر في كل جولة منها أزمة الطرف الآخر الذي تفاوضه الحكومة السورية، وإن كانت الأمم المتحدة هي السبب الأول في ذلك على حين إن تعقيدات الوضع وتداخل الملفين العسكري والسياسي في الأزمة السورية تفرض نفسها سبباً ثانياً ولا أدل على ذلك من مآل الجولة الحالية إذ لم تحسم الأمم المتحدة ومبعوثها الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا مسألة حضور المعارضة ومن يمثل الطرف المعارض رغم دعوتها 3 منصات هي القاهرة وموسكو والرياض بعدما كانت تطمح الأخيرة للاستئثار بالتمثيل.
في الوقت ذاته لا يزال ما يجري خارج أروقة قاعات الاجتماعات أهم بكثير مما يمكن أن يجري داخلها، وتشير المقدمات إلى أن هذه الجولة تتميز عن سابقاتها أن ما يسمى معارضة لا تحمل في جعبتها الكثير لتفاوض عليه وإن كان البعض قال إنها لا تحمل أي أوراق للتفاوض ومن المعلوم أن نتائج المفاوضات بشكل عام يصنعها الأقوياء.
ويمكن اعتبار إطلاق محادثات أخرى في أستانا العاصمة الكازاخية سلاحاً ذا حدين أثر في مسار جنيف، فمن جهة أولى حركت أستانا بعض الجمود الذي كان يعتري جنيف ونجحت في جمع الحكومة السورية والمجموعات المسلحة لأول مرة في قاعة واحدة، وجرى شبه الاعتراف بأن تلك المجموعات تمثل قراراً على الأرض أكثر مما تمثله منصات المعارضة ناهيك عن تشكيل ترويكا ثلاثية مكونة من روسيا وإيران وتركيا نجحت بما أخفق فيه جنيف عبر مراحل سابقة على الأقل بتثبيت وقف إطلاق النار وتوجيه البنادق جميعها نحو التنظيمين الإرهابيين الأبرز على الساحة السورية وهما داعش وجبهة النصرة.
لكن لا يزال أيضاً غياب بعض القوى الإقليمية المؤثرة في الأزمة السورية نقطة ضعف تعاني منها أستانا رغم أن البعض اعتبرها نجاحاً بتحييد القوى الإقليمية التي كانت تدعم الإرهاب في المنطقة وتم تلميع الصورة التركية بتحويلها من داعم سابق لداعش والنصرة إلى داعم حالي لما يسمى معارضة مسلحة.
لكن بالمقابل فإن غياب واشنطن قد تكون له مضاعفات سلبية ولا سيما أن الإدارة الأميركية لا تزال تتحدث عن «منطقة آمنة» في سورية وإن كان الروس حاولوا التخفيف من حدة الشعار بالحديث عن أنه مختلف عن مثيله عند الإدارة الأميركية السابقة، وإن كان انضمام الأردن إلى أستانا يعطي أملاً في انضمام باقي الغائبين.
في ضوء الصورة السابقة لا تزال الفرصة قائمة أمام الأمم المتحدة ومبعوثها دي ميستورا لتحريك جنيف أكثر وإثبات رغبة حقيقية في الحل عبر الضغط على المنصات الثلاث لتوحيد صفوفها في وفد واحد بقيادة توافقية، لأنه وإن تشابهت مطالب منصتي القاهرة وموسكو إلى حد ما، بات بحكم الأمر الواقع أن مطالب منصة الرياض تجاوزها الزمن والتطورات.
وتوحيد الوفود لا يعني حلاً بل يعني مقدمة للحل يتبعها قرارات أممية توازي المحادثات السورية السورية بحيث تلزم الدول الأعضاء في المنظمة بوقف دعم الإرهاب في سورية وضرورة التعاون مع الحكومة السورية ولا سيما أن الواقع الميداني اليوم يعطي مقدمات تفاؤل بالوصول إلى هذا الهدف من جهة ومن جهة أخرى يمنح ذلك الجو مناخاً ملائماً للمتحاورين في جنيف أو غيرها لصياغة ما يمكن اعتباره طريق السوريين إلى الخلاص في وقت باتت المعاناة في الداخل والخارج كبيرة جداً رغم صمود السوريين المستمر، فيضعون دستورهم ويصوغون نظامهم السياسي ويحددون مستقبلهم بأيديهم ليس بتدخل خارجي إنما بدعم خارجي يساند توافقهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن