سورية

لافروف يلتقي كيري اليوم لبحث خطوات عملية ضد الإرهاب…بوتين يطرح تحالفاً دولياً إقليمياً لمواجهة داعش بمشاركة سورية والسعودية وتركيا والأردن.. والمعلم يبدي استعداد دمشق لـ«المعجزة» الكبيرة جداً «من خلال الجهود الروسية»

على طاولة الكرملين، طرح القيصر فلاديمير بوتين أمام عميد الدبلوماسية السورية وليد المعلم أوراق تحالف دولي إقليمي لمواجهة تنظيم داعش. التحالف، سيجمع روسيا إلى الولايات المتحدة وبقية أعضاء مجلس الأمن الدولي الدائمين، أما على المستوى الإقليمي فسيجمع سورية إلى جميع دول المنطقة بما فيها «السعودية وتركيا والأردن»، التي أعطت «إشارات» لموسكو تدل على استعدادها للإسهام في مواجهة داعش. بوتين الذي أشار إلى صعوبة تنفيذ التحالف مع هذه الدول، أعرب للمعلم عن استعداد روسيا لدعم دمشق إذا اتجهت إلى الدخول في هذا التحالف، وإذ أكد ثقته بـ«انتصار» الشعب السوري، أكد أن الدعم الروسي لسورية «قيادةً وشعباً» سيبقى من دون تغيير.
المعلم، بدوره أعرب عن استعداد سورية للتعاون حتى مع تلك الدول، في سبيل مكافحة الإرهاب، لكنه «من خلال الجهود الروسية»، ورأى أن تحقيق تحالف معها يحتاج إلى «معجزة كبيرة جداً»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن صنع المعجزات ليس غريباً عن الرئيس الروسي، ولفت إلى أن مباحثاته في روسيا تأتي تنفيذاً لتعليمات قيادتي بلدينا لإيجاد الحل السياسي.
وفيما كان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين يجري مباحثاته في غرف الكرملين ووزارة الخارجية الروسية مع بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف، كانت اللمسات الأخيرة توضع على اجتماع لافروف مع نظيره الأميركي جون كيري اليوم الثلاثاء في العاصمة النمساوية فيينا لاستكمال التفاهمات التي أرساها الرئيسان الروسي والأميركي مؤخراً لمواجهة الإرهاب في الشرق الأوسط.
ويمثل التحالف المعروض ذروة الجهود الأميركية الروسية التي أطلقتها زيارة كيري إلى مدينة سوتشي الروسية ولقاؤه الرئيس وبوتين في شهر أيار الماضي.

بوتين: سندعم دمشق إذا تحركت للتحالف
مع السعودية وتركيا في مواجهة الإرهاب
في الكرملين افتتح الرئيس الروسي المباحثات مع المعلم بحضور لافروف، بالكشف عن تلقي بلاده خلال اتصالاتها مع دول المنطقة التي تربطها بها علاقات طيبة جداً، إشارات تدل على استعداد تلك الدول للإسهام بقسطها في مواجهة الشر الذي يمثله «داعش»، موضحاً أن ذلك «يتعلق بتركيا والأردن والسعودية»، داعياً إلى قيام حلف يجمع بلدان المنطقة، بما فيها تلك الدول، مع سورية لمواجهة الإرهاب.
وإذ أقر بأن تشكيل مثل هذا الحلف يعد مهمة صعبة التنفيذ، نظراً للخلافات والمشاكل التي شابت العلاقات بين الدول، خاطب بوتين المعلم، قائلاً: «لكن إذا اعتبرت القيادة السورية هذه الفكرة مفيدة وممكنة، فإننا سنبذل كل ما بوسعنا من أجل دعمكم. ونحن سنعتمد على علاقاتنا الطيبة مع جميع الدول في المنطقة لكي نحاول على الأقل تشكيل مثل هذا التحالف». وأعرب بوتين عن قناعته بأن «محاربة الإرهاب والمظاهر الغاية في التطرف، تتطلب توحيد جهود كافة دول المنطقة»، لذلك دعا الأصدقاء جميعاً، «بمن فيهم الأصدقاء في سورية، إلى بذل الجهود القصوى لإقامة حوار بناء مع جميع الدول المهتمة بمحاربة الإرهاب».
ولم ينس الرئيس الروسي أن يشير إلى أن «تطورات الأوضاع المعقدة في سورية مرتبطة بالدرجة الأولى بالعدوان الذي يشنه الإرهاب الدولي»، لكنه أعرب عن ثقته في «انتصار الشعب السوري في نهاية المطاف»، مؤكداً أن سياسة روسيا الرامية إلى «دعم سورية والقيادة السورية والشعب السوري، ستبقى دون تغيير».
بدوره أوضح المعلم أن «تحالف دول جوار سورية لمكافحة الإرهاب يحتاج إلى معجزات كبيرة»، لأن «هذه الدول أساس المشكلة التي تواجهها سورية وهم الذين يدعمون الإرهاب»، لكنه أعرب عن استعداد سورية للتعاون من أجل مكافحة الإرهاب حتى مع هؤلاء من خلال الجهود الروسية».

المعلم: بوتين رجل يصنع المعجزات وحلف
مع تركيا والسعودية يحتاج لمعجزة كبيرة جداً
وبعد اللقاء مع بوتين، عقد المعلم ولافروف مؤتمراً صحفياً مشتركاً، قال الأول خلاله: «لقد استمعت باهتمام بالغ إلى ما قاله الرئيس بوتين حول الوضع في سورية وضرورة قيام تحالف إقليمي دولي من أجل مكافحة الإرهاب». وأضاف «أعرف أن الرئيس بوتين رجل يصنع معجزات كما فعل في روسيا الاتحادية لكن التحالف مع تركيا والسعودية وقطر والولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب يحتاج إلى معجزة كبيرة جداً»، متسائلاً «كيف تتحول هذه الدول التي تآمرت على سورية، وشجعت الإرهاب ومولته وسلحته وساهمت بنزف دم الشعب السوري إلى حلف لمكافحة الإرهاب.. نأمل في ذلك».
ورداً على سؤال للصحفيين، أشار المعلم إلى أن سورية عانت الكثير منذ أكثر من خمس سنوات جراء تآمر دول الجوار على الشعب السوري الذي قدم الغالي والنفيس من أجل مكافحة الإرهاب، وقال: «إذا كان هناك صدق في النوايا وتوقف عن دعم الإرهاب وعن هذا التآمر عندها تحدث المعجزة». وأضاف متسائلاً: «هل يجب أن يسقط ضحايا في السعودية والكويت وتونس وفرنسا حتى يدرك المجتمع الدولي انتشار الإرهاب؟» واستطرد «كنا نقول باستمرار وخاصة لمن يدعمون الإرهاب في سورية إن هذا الإرهاب سيرتد عليكم. هل الآن تعلموا بعد هذه الضحايا أم يجب أن يسقط المزيد؟».

المعلم: نيابة عن صديقي لافروف
أدعو دي ميستورا إلى «موسكو 3»
وأعرب عن سعادته باللقاء مع الرئيس بوتين، «لأنني حصلت منه على وعد بدعم سورية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً»، مشيراً إلى التجارب الناجحة التي جاءت بمبادرة من بوتين وأبرزها تجربة الأسلحة الكيميائية.
ولفت نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين إلى أن الوفد السوري أجرى محادثات مفصلة ومثمرة مع الوزير لافروف والجانب الروسي تناولت الوضع في سورية والمنطقة وتمحورت حول سبل إيجاد الحل السياسي للأزمة في سورية، وأعرب عن امتنانه للأصدقاء الروس لعقدهم لقاءي موسكو، وعزمهم عقد «موسكو 3»، وعبر عن اعتقاده أن هذا هو الطريق الأسلم للتحضير لمؤتمر جنيف ناجح، ودعا بالنيابة عن «صديقه» لافروف المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا إلى حضور لقاء «موسكو 3».

لافروف: لا بد لدول المنطقة من التخلي
عن الخلافات والتركيز على محاربة الإرهاب
بدوره كشف لافروف عن تفاصيل مما جرى خلال اللقاء بين بويتن والمعلم، وقال موضحاً: «جاء في اللقاء مع الرئيس بوتين أنه لا بد من اعتماد التحليل الموضوعي للأوضاع الراهنة وإجراء الاتصالات مع جميع القوى الإقليمية المعنية بما فيها الدول المجاورة كالسعودية وتركيا والأردن، واستنتاج أن جميع هذه الدول تدرك خطورة تزايد النشاط الإرهابي المتمثل بما يسمى (داعش) وغيرها من التنظيمات الإرهابية.. ولا بد لجميع الدول في المنطقة من التخلي عن الخلافات فيما بينها والتركيز على مهمة تضافر الجهود من أجل محاربة التهديد العام وهو الإرهاب».
وأضاف: «نجاحنا في هذا المجال قد يكون الخطوة التالية ضمن إطار العملية السياسية، فيما يخص تطبيق إعلان مجموعة الدول الثماني المؤرخ في تموز من العام 2013، والذي يدعو كلاً من حكومة الجمهورية العربية السورية وجميع القوى المعارضة في سورية إلى تضافر الجهود من أجل محاربة الإرهاب». وأكد أن هذه المهمة لا تزال ملحة لكن مع الأخذ في الاعتبار مدى توسع تنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية وعدم الاكتفاء بالجهود السورية بل نوجه الدعوة إلى جميع الدول في المنطقة لتنسيق الجهود من أجل محاربة الإرهاب.

لافروف: سأناقش مع كيري
الخطوات العملية لمحاربة الإرهاب
وبخصوص الاتصالات واللقاءات بين القيادة الروسية وقيادات أخرى في إطار مكافحة الإرهاب، أكد لافروف أهمية تضافر الجهود من أجل محاربة تنظيمي داعش و«جبهة النصرة» وغيرهما من التنظيمات الإرهابية، معرباً عن اعتقاده أن «الظروف تغدو ملائمة أكثر لفعل ذلك ولاسيما في ظل التهديد الذي تتعرض له دول المنطقة والعالم جراء الخطر المنبثق عن تنظيم داعش». ودعا «جميع القوى الخارجية إلى التخلى عن محاولاتها لإسقاط النظام خلافاً لبيان جنيف»، مشيراً إلى أن مواقف بعض الدول بدأت تتغير بشكل تدريجي ما يعطى إمكانية التوصل إلى رؤية مشتركة لأن خطر الإرهاب بات يهدد الجميع ولابد من تضافر الجهود لمحاربته وهو ما أعلنته روسيا منذ البداية.
وحذر من خطورة التعامل مع القوى المتطرفة المتشددة ودعمها بهدف تحقيق المكاسب الآنية حيث تظهر كثير من الأمثلة كيف تحول مثل دعم الإرهاب إلى نزاع دام واسع النطاق، لافتاً إلى أن هذا الموضوع تناوله الرئيس بوتين في مكالمته الهاتفية مع الرئيس الأميركي باراك أوباما وأن المواقف المشتركة لدى روسيا والولايات المتحدة هي عدم السماح بتطبيق تنظيم داعش لمشروعه «الخلافة» وتوحيد جهود جميع الدول لمحاربة الإرهاب.
ولفت إلى أنه سيلتقي وزير الخارجية الأميركي جون كيري اليوم في فيينا حيث ستتم مناقشة الخطوات العملية من أجل محاربة الإرهاب.
لافروف: لعدم إهمال تطبيق
بنود جنيف وإطلاق حوار سياسي سوري

وأوضح أن ذلك لا يعني إهمال إيجاد حلول وتطبيق البنود الأخرى لبيان جنيف، ومن هذه البنود ضرورة إطلاق الحوار السياسي السوري السوري من أجل التوصل إلى الحلول التوافقية التي تعكس التوافق بين جميع القوى السورية. ولفت إلى أن روسيا تدعو دائماً إلى تطبيق إعلان جنيف والمبادرة الروسية التي تم تبنيها وتصديقها من قبل مجلس الأمن على الرغم من الاعتراض الغربي. وقال: «نحن نسهم بدورنا فيما يخص تهيئة الأرضية المشتركة للعملية السياسية في سورية عبر جولتين من المشاورات في إطار ما يسمى منتدى موسكو بين ممثلي الحكومة السورية والفصائل السورية المعارضة العقلانية، التي تسعى إلى إيجاد توافق حول المبادئ العامة لمستقبل سورية وهي وحدة سورية وسيادتها واستقلالها ووحدة ترابها وحماية حقوق جميع الأقليات الدينية والعرقية».

لافروف: رغبة في تطوير مبادئ موسكو.. ودور الخارج تهيئة الظروف لإطلاق الحوار السوري
ولفت إلى أن الجهود الروسية تتماشى مع جهود المصريين، «الذين يرغبون أيضاً في إيجاد الظروف لاستئناف المفاوضات الرسمية السورية السورية»، مشيراً إلى أن اللقاءات في إطار منتدى موسكو تمخضت عن وثيقة «مبادئ موسكو»، معرباً عن الرغبة الروسية في الاستمرار في العمل على تطوير هذه المبادئ لتمكين السوريين بأنفسهم من تحديد خطواتهم المستقبلية في هذا المجال.
ورأى أن «فعالية جنيف 3 غير مرهونة بفعالية موسكو 3، ومن الضروري استخلاص العبر من إخفاق جولتين من مفاوضات جنيف»، لافتاً إلى أن هذا الفشل كان محتوماً لأن دول الغرب وبعض دول المنطقة راهنت على قوة واحدة من المعارضة وأهملت القوى السورية المعارضة الأخرى التي كانت تسعى إلى إيجاد حل سياسي».
ونبه إلى أن مهمة المجتمع الدولي والدول المجاورة وأوروبا وروسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة لا تتمثل في «فرض الحلول الجاهزة على سورية، بل تهيئة الظروف المواتية لإطلاق الحوار السوري السوري لمساعدة السوريين بأنفسهم على التوصل إلى التوافق».
وبين لافروف أن المناقشات مع المعلم، التي سادتها «الثقة والصراحة»، تركزت أيضاً حول العلاقات الثنائية بين سورية وروسيا بما في ذلك سير تطبيق ما تم الاتفاق عليه خلال الجولة الأخيرة للجنة الحكومية المشتركة في تشرين الأول الماضي.

لافروف: كل الدول بما فيها الولايات المتحدة
متفقة على حصرية الحل السياسي
وفي وقت سابق، عقد لافروف مباحثات مع المعلم في وزارة الخارجية الروسية، وأكد أن روسيا ستواصل تقديم كل الإمكانات للشعب السوري ليتمكن من وضع حد للإرهاب، معرباً عن تضامن بلاده مع نضال الشعب السوري ضد التنظيمات الإرهابية. وبين أن كل الدول، بما فيها الولايات المتحدة، متفقة على أن لا حل للأزمة في سورية إلا الحل السياسي، وأضاف قائلاً: «اليوم عندما يهدد الخطر الإرهابي منطقة الشرق الأوسط برمتها لا ينبغي أن تكون هناك ذرائع لإطالة أمد العملية السياسية».

المعلم: الوضع الميداني في جنوب سورية ومحافظة الحسكة «مطمئن»
ودعا لافروف جميع الأطراف السورية إلى تطبيق ما تم التوصل إليه في لقاءات موسكو التشاورية بشأن الحل السياسي في سورية. بدوره أكد المعلم خلال المباحثات، أن سورية تؤمن بأن علاقات روسيا معها صادقة وتشكرها على مساعدتها، وقال: «جئنا لننفذ التعليمات التي وضعتها أمامنا القيادتان السورية والروسية من أجل إيجاد الحل السياسي في سورية».
وإذ لفت إلى أن الوضع الميداني في جنوب سورية ومحافظة الحسكة «مطمئن» بفضل التفاف الشعب السوري حول جيشه، حذر من أن الولايات المتحدة تمارس سياسة المعايير المزدوجة تجاه سورية، مبيناً أن واشنطن لا تخفي دعمها للإرهابيين، كاشفاً في هذا الصدد عن أن الأميركيين أرسلوا مؤخراً إلى جنوب سورية 2100 مقاتل مدجج بأحدث الأسلحة الأميركية.
كما أعرب المعلم عن تعازيه في وفاة رئيس الوزراء الروسي الأسبق يفغيني بريماكوف. وتابع أنه كان يعرف الفقيد شخصياً، إذ كان بريماكوف يقدم الدعم للجهود الرامية إلى إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط.
(أ. ف. ب – سانا – روسيا اليوم)

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن