قضايا وآراء

إرهاب عابر للقارات يبقي الحرائق متقدة

نعيم إبراهيم : 

 

من سورية إلى الكويت وتونس والسعودية ومصر وفرنسا وقبل ذلك في فلسطين ولبنان والعراق وليبيا واليمن وعديد من دول العالم، يستطير الإرهاب شرراً قاتلاً مستهدفاً الأمن والسلام والاستقرار على مرأى ومسمع من منظمة الأمم المتحدة وكل مؤسساتها الدولية.
لقد حذر العقلاء والقادة الشرفاء في أمتنا والعالم وبعض من أطلق عليهم المعتدلون الذين بدؤوا يعودون إلى رشدهم، من أن الإرهاب لم يعد يعرف بلداً أو مكاناً والغاية واضحة وهي إثارة الفتنة والطائفية والتقسيم والإبادة للعنصر البشري وكل ما له من علاقة بالحضارة الإنسانية.
في رمضان شهر الجهاد والمقاومة يستهدف (الجهاديون) بلاد العرب والعجم معا وينأون بأنفسهم عن العدو الصهيوني الذي اغتصب وقتل وشرد وارتكب ولا يزال كل أنواع المجازر بحق الأرض والإنسان.
لعل ما قاله النائب في البرلمان الكويتي عبد الحميد دشتي بحسرة والدمعات حيرى في مقلتيه: إننا «ندفع ثمن سماحنا للإرهاب بضرب سورية» فيه الحقيقة الكاملة التي تتجلى في أن سيف سورية كان أصدق أنباء من كتب «الربيع العربي».
شرفاء الكويت والخليج يتوقعون بلسان دشتي المزيد «لأن هؤلاء المضللين الإرهابيين المغسولة أدمغتهم الذين عانت منهم سورية والعراق، ستعاني منهم الكويت ودول الخليج أيضاً وستكون لدينا سنوات عجاف، فعندما سمحنا لهذا الإرهاب الصهيوني بثوبه الإسلامي بالتحرك في سورية أو في العراق، فقد أذنا لاستباحة أمتنا من أقصاها إلى أدناها ونحن في الكويت جزء من هذه الأمة وسندفع الثمن».
عندما حذرت سورية في أكثر من مناسبة على لسان الرئيس بشار الأسد وكل القيادة السورية وكذلك المقاومة من أن الإرهاب سوف يرتد على موجديه وداعميه عاجلا أم آجلا، لم يأخذ أصحاب نظرية الاعتدال العربي وحلفاؤهم في المنطقة والعالم هذا التحذير على محمل الجد وإنما راحوا يتوغلون أكثر في دعم هذا الإرهاب ومشاركته في محاولة تدمير سورية ودول المنطقة تحت شعارات وأكاذيب واهية لم تعد تنطلي إلا على من يستمرون في سذاجتهم وأميتهم في السياسة والثقافة.
ولهذا جاءت صراحة النائب الكويتي دشتي في هذا السياق بقوله: «كان يجب علينا أن نحصن أنفسنا في سورية ونمنع ذلك الإرهاب عن الشعب السوري الآمن المطمئن وعن سورية بلد الحضارات والعمق الجغرافي والإستراتيجي والبشري، ولكن عندما سمحنا أن يضرب الإرهاب في سورية وفي العراق ومصر واليمن أصبح أمراً طبيعياً أن ندفع كلنا كأمة الثمن».
والثمن كبير جداً أراده سلاطين الشر والإرهاب من دم السوريين والفلسطينيين واللبنانيين والعراقيين والليبيين واليمنيين والمصريين والكويتيين والسعوديين والبحرينيين والتونسيين والصوماليين وحتى الفرنسيين والأميركيين والبريطانيين وكل أبناء الشرق والغرب.
كما أرادوه من مقدرات وخيرات وحضارة الإنسان التي تدفع نحو السلام الحقيقي الذي يتناقض كليا مع الاحتلال والإرهاب والظلام وفوضاهم الخلاقة.
لقد سهّل دعاة الحرية والديمقراطية والتعددية من أنظمة الخليج ومن دار في فلكهم، الطريق للتنظيمات الإرهابية لتعيث فساداً في أراضي غيرهم وأراضيهم التي تفتقد كليا للحرية والديمقراطية والتعددية إرضاء لحلفائهم في الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأميركية وكثير من دول الغرب. ولو كانوا صادقين فيما يقولون ويفعلون لما بقيت فلسطين حتى الآن أسيرة الاحتلال الصهيوني.
أي عقل هذا يتبجح بعد الآن بما هو بعيد عن نواميس الحياة الكريمة التي أوجدها خالق الأكوان وتلك التي وضعت بين سطور القوانين الوضعية.
بعد هذه الموجة من الضربات التي وجهها الإرهاب للعديد من الدول لفت بيان لمجلس الأمن الدولي انتباه الدول الأعضاء بالجمعية العامة للأمم المتحدة، «أن عليها ضمان التدابير اللازمة لمكافحة الإرهاب، وأن تمتثل لجميع التزاماتها بموجب القانون الدولي، ولاسيما القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي». فهل يكون ذلك في القريب العاجل أم أن تسامحاً ما كالعادة سيكون مع الحكومات التي تدعم الإرهاب بكل صنوف الدعم حفاظاً على المصالح الجيو سياسية وغيرها فيما يستمر المشهد الدموي العابر للقارات يخرق سياقات التفاوض على الملفات المتشابكة وتبقى الحرائق متقدة والأثمان من دماء الإنسان ومقدراته.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن