ثقافة وفن

مؤتمر اتحاد الكتّاب العرب اتسّم بالهدوء والمجاملة .. «نحو ثقافة تبني الإنسان والوطن»… مقترحات وتوصيات لتعزيز دور الثقافة الفكرية الوطنية

| سوسن صيداوي

استعرض المؤتمر السنوي الثاني لاتحاد الكتاب العرب، في دورته التاسعة 2015-2020 الذي عقد في مكتبة الأسد الوطنية، برعاية المهندس هلال الهلال الأمين القطري المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي، تقرير المكتب التنفيذي للاتحاد حول نشاطات العام الماضي وخططه المعدة للعام الحالي، وانعقد المؤتمر تحت عنوان «نحو ثقافة تبني الإنسان والوطن» مسلطاً الضوء على ما حققته مكاتب الاتحاد خلال العام الماضي من خطط واتفاقيات ومذكرات وقعت مع عدد من المؤسسات لبناء الثقافة الوطنية، كما ناقش المؤتمر تقارير المكتب التنفيذي للاتحاد وخطته لهذا العام والتوصيات والمقترحات.

المثقفون ضمير الشعب
دعا الدكتور خلف المفتاح عضو القيادة القطرية لحزب البعث رئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام، في كلمته خلال افتتاح أعمال المؤتمر، إلى تفعيل دور الكاتب سواء أكان شاعراً أم قاصاً أم روائياً، في نقل صور الواقع وتجسيدها من خلال المسرح أو السينما وغيرها من الوسائل، باعتبار الكتّاب والأدباء هم خير من التقط لحظة وعبّر عنها ليس كقضية تاريخية بل كحالة إبداعية قائلاً «أستحضر الذاكرة الوطنية سواء في الجزائر وفيتنام والاتحاد السوفييتي وفي كثير من الحروب، كان الأدباء والكتّاب هم خير من التقط لحظة وعبر عنها، ليس كقضية تاريخية وإنما كحالة ابداعية، هذه البطولات وهذه التضحيات تستدعي ثلاثة أشياء، واليوم لدينا في اتحاد الكتّاب العرب المئات من الكتّاب السوريين، سواء كان في الرواية أو في القصة أو في الشعر أو في المسرح، ومن خلال اطلاعي لم أجد الكثير مما عالج هذه المسألة، لهذا أعتقد أنه من واجبنا، وخاصة أن الكتّاب والمثقفين هم ضمير الشعب، أن نُظهر الواقع الذي هو ليس حالة متخيلة، بل هي موجودة في الساحل والداخل وفي كل مكان في سورية، وبالتالي إبراز هذه البطولات وإظهارها في إطار المسرح وفي إطار الشعر، وفي إطار القصة، وفي إطار الرواية، وبالمناسبة ربما يكون الفنانون هم الأكثر قدرة في هذا المجال، وأعتقد أن الأعمال السينمائية والدرامية التقطت هذا البعد، واعتبر أن التضحيات الوطنية هي حالة وطنية وأخلاقية قبل أن تكون خطابا سياسيا». كما أضاف الدكتور خلف المفتاح «أمام المؤتمر العديد من التحديات والمهام، وسيكون مؤتمراً نوعياً يغني خطط المكتب التنفيذي بأفكار جديدة، في ظل التحديات الخطرة التي نتعرض لها بمواجهة عدوان لا يستهدف نظامنا السياسي الوطني فقط ولكنه يستهدف المنظومة الاجتماعية والأخلاقية والحضارية التي تربينا عليها، وصولاً لاستهداف كل إنجازاتنا المعنوية والمادية لمحاولة سرقة تاريخنا وتدمير هويتنا الحضارية، والسعي لتمكين ثقافة لا تشبهنا ولا تنتمي إلى جذرنا الحضاري الأصيل الممتد آلاف السنين».

تعاون مطلق بين وزارة الثقافة والاتحاد
كذلك كان معاون وزير الثقافة توفيق الإمام حاضراً في المؤتمر، وخلال كلمته عبّر عن التعاون المطلق بين وزارة الثقافة واتحاد الكتّاب العرب قائلاً: «إن اتحاد الكتّاب العرب بمنظمته الثقافية والوطنية، هي جناح مهم من أجنحة وزارة الثقافة، وهناك تعاون مطلق وبنّاء بين الجهتين، ووزارة الثقافة من الداعمين الحقيقيين لهذا الاتحاد فهناك أعمال ثقافية مشتركة». مشدداً على أن الثقافة هي الغذاء الحقيقي الذي يطور الفكر وينوره بالمعرفة والعلم ومنها ننطلق في بناء المجتمعات والحضارات «الثقافة مقياس لمدى الرقي الفكري والاجتماعي للأفراد والجماعات وهي التي تنمي السلوك في الأمم من أجل بناء قيمي راسخ، كما أن الثقافة أداة فعالة لصقل المواهب وتقويتها وتنميتها على مختلف أشكالها وأجناسها».

نحو ثقافة تبني الإنسان والوطن
اعتبر رئيس اتحاد الكتّاب العرب الدكتور نضال الصالح، بأنّ شرف المحاولة إنما هو شرف الانتماء إلى وطن، ومن أجل وطن، وعلى هذا الأساس تمّ اختيار شعار المؤتمر السنوي «نحو ثقافة تبني الإنسان والوطن»، وبأنه تمّ اختيار هذا العام كي يكون عام العمل الثقافي، مضيفاً: «في السنة التي مضت وفرنا نحو أربعة ملايين ليرة عما سبق من نفقات قبل بدء دورتنا هذه، ولو لم تكن ثمة التزامات من السنة التي سبقتها، لكان زاد التوفير على نحو ثلاثين مليوناً».
وأشار الصالح إلى أن الاتحاد يسعى إلى توفير كل الإمكانات المادية لإطلاق برامج جديدة تسهم في تنمية الأنشطة الثقافية مع ترشيد النفقات بما يتناسب مع الوضع الراهن الذي تمر به البلاد قائلاً «نحن نحاول زيادة الرصيد لرفع الضمان الصحي ومكافآت النشر والمشاركات في الأمسيات والمحاضرات والندوات وتعويض الانتقال، كما في السنة التي مضت رشدنا النفقات في غير شأن، من دون أن يؤثر هذا الترشيد في أداء الاتحاد على المستويين الثقافي والنقابي، فأدينا ما يستحق زملاؤنا في الضمان الصحي في موعده الدقيق، ورواتب المتقاعدين منهم في مواعدها الدقيقة أيضا، ومكافآت النشر والنشاطات، والتعويضات الأخرى، وحرصنا على صدور الدوريات في مواعيدها، وعلى تبني المخطوطات التي تمتلك قيمتين معا الإبداع والأثر، ونتابع محاولاتنا في حل المشكلة المزمنة في الاتحاد أي الكتب المتراكمة في مستودعات الاتحاد، أي منذ ما يزيد على ثلاثة عقود، والتي بلغت قيمتها الدفترية نحو مئتي مليون ليرة سورية». وتابع «في السنة التي مضت أسمعنا صوت سورية وصوت الاتحاد في اجتماعات الأمانة للاتحاد العام للأدباء والعرب في أبو ظبي ودبي والجزائر، وقاومنا مختلف المحاولات التي استهدفت إقصاءه خارج الأمانة العامة» ما أدى لاختيار سورية لمنصب مساعد الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب وعضويتها في اللجان المتعددة، واختيار دمشق لاستضافة اجتماع الأمانة العامة ما بعد القادم.

للمؤتمر أعمال
تم افتتاح أعمال المؤتمر بتكريم المكتب التنفيذي للاتحاد، لباقة منوعة من فئات العاملين فيه، وذلك تكريسا لصيغة أو لثقافة العمل والعطاء بين العاملين، من خلال منحهم شهادات تقديرية ومبلغاً مادياً رمزياً، ومن الأسماء المكرّمة: فياض إبراهيم، وداد اسكندر، محمد الشبلاق.
ثم ركزّت مداولات الكتّاب والأدباء ونقاشاتهم على سبل تنمية عمل الاتحاد في السنة الحالية، وإعطاء النشاط الثقافي أولوية مهمة في محاربة الإرهاب، إضافة إلى العمل على تحسين واقع الأديب والكاتب. كما بحث المؤتمر خطة عمل اتحاد الكتّاب لعام 2016، التي تضمنت التقارير المالية والخطط الاستثمارية والثقافية والاجتماعية والعلاقات الخارجية والوضع المالي والإداري لتقاعد الكتاب وتوصيات المكتب التنفيذي، إضافة إلى الأنشطة التي أقيمت على مستوى سورية وشملت الندوات والمعارض والأمسيات والمسابقات الأدبية وحفلات تأبين شهداء الثقافة والأدب والفكر وملتقيات الحوار الوطني. كما عرض التقرير عدد المخطوطات الأدبية المقدمة للاتحاد للحصول على موافقة النشر والتي قرأتها اللجان المتخصصة، إضافة للمطبوعات التي طبعها الاتحاد ونشرها على نفقته، مع الإشارة إلى ارتفاع نفقات الطباعة وإقامة المعارض.

اقتراحات بعمق الواقع
خلال أعمال المؤتمر تقدّم عدد من الكتّاب والأدباء بمقترحاتهم التي أتى بها الواقع وما يبدله من ظروف فرضتها الأزمة، بين ضمان صحي والمستوى المعيشي للكتاب والأدباء، كان أيضاً هناك المزيد، فمن الحضور تقدم الكاتب محمد باقي محمد الذي جاء من الحسكة بمقترحاته على الشكل التالي «أعتقد أن اتحاد الكتّاب العرب مؤسسة مهمة ولكن في الظرف الراهن لنعترف بأنها مؤسسة نوعية، بمعنى عملها يتمايز ولا يتميز عن باقي المنظمات، هي ليست أحسن من اتحاد الفلاحين ولكنها تتمايز عنها… كما أننا نقابة والنقابة معينة في مستوى حياة الكاتب، وأنا لا أريد أن أتكلم عن أشخاص أو باسم أشخاص، فهذا الكلام يمكن حله إذا استطعنا أن نحسّن الأداء في الاتحاد الكتاب العرب، وبالتالي أتقدم ببعض المقترحات منها: هناك كتلة نقدية في الاتحاد، والتي يتصرف في جملة منها ويتصرف في الاستثمارات، وأنا اقترح تطوير هذه الاستثمارات وبالتالي أن نعمل على رفع سقف الاستكتاب، ورفع الضمان الصحي، وأن نرفع سعر الكلمة».
عمق الإحساس الوطني والمسؤولية تجاه سورية وخاصة في ظل هذا الوضع وما ينتج عنه من تبعات ستؤثر حتما في الثقافة وفي التفكير بالوطن كله غير قابل للتجزئة، ومن المقترحات الجدية المعنية بالواقع والتي تقدمت بها الدكتورة نادية خوست، كان من بينها اقتراح مميز كشفت عنه «تشهد مقبرة القنيطرة على وحدة الشعب السوري، حيث تجمع مسيحيين ومسلمين ودروزاً… إلخ، فهي تجمع شهداء من مذاهب دينية متنوعة، واقترح أن يجسّد اتحاد الكتّاب مثل هذه الوحدة الوطنية بتأسيس مقبرة للكتّاب، تخترق المذاهب والمناطق والعشائر وتقدم الوحدة الوطنية، ونجعلها في الوقت نفسه حديقة، ونتعاون مع نقابة الفنانين التشكيليين لتزيينها ببعض المنحوتات، في هذا السياق نكون قد وضعنا احتراماً للذاكرة الوطنية ورداً عملياً على تمزيق الشعب السوري».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن