ثقافة وفن

اللاهوت كان طريقه لمعرفة اللـه في الإنسان … الأب إلياس زحلاوي لـ«الوطن»: عظتي للناس «إن أكرمكم عند اللـه أتقاكم» و«أحبوا أعداءكم»

| سوسن صيداوي

«الله هو أبداً السر الأكبر»، جملة يقولها رجل اتخذّ من الكلمة منهجاً عليه اتباعه، ومن ثم خدمته، وأيضاً يسأل نفسه ويسأل الآخرين «هل الإنسان مسيّر أم مخيّر» خلال حياته. الأب الياس زحلاوي، مسيرته في الكهنوت، في خدمة الكلمة، في رعاية الطفولة، في الاهتمام بالأسرة، وفي القدرة على تفعيل المجتمع والنهوض به، محطات هو معنيّ بها، انطلاقاً من إيمانه بما سُخّر له، باعتباره مسيّراً من مشيئة كُبرى، وواجب عليه الوقوف عند هذه المحطات، باعتباره مخيّراً على القيام بها، لأنه مدفوع بإيمان طبيعي نابع من فطرته السليمة. ما بين الإرادة في الحياة، وما بين الإيمان والابتعاد عنه، وما بين التربية والطفولة، وما بين الرجل والمرأة، هناك الكثير من الإجابات عن أسئلة طرحت في الجزء الثاني من لقاء «الوطن» الأب إلياس زحلاوي.

كنت طفلاً متمرداً وخاصة وعلى سبيل الحصر في المدرسة والدراسة… لماذا اللـه يختار المتمردين.. كبولس الرسول مثلاً؟
هذا السؤال مثير وجميل، إذ هو يتصدى لعقدة العلاقة بين اللـه والإنسان. إلا أن الإجابة عنه تثير عقدة أخرى، ولكن كأداء، ليس لي أن أجيب عن مضمونه. ذلك بأن هذا المضمون يفترض الإجابة عنه من قبل… اللـه دون سواه!
على كل حال، فالبشرية تحاول، منذ فجر التاريخ، أن تتعامل مع اللـه. وما كان اللـه، ليترك البشر بمعزل عنه، وهو، جلّت حكمته، أدرى بالطرائق التي ارتأى أن يتجلى فيها للناس، ليحملهم على الإيمان به، في كل زمان ومكان.
وأما في المسيحية، فحسبنا التحديق ببعض من مسّهم اللـه في ظرف ما، وفي زمان ما، ولغاية ما، لنلمس بعض الأجوبة عن سؤالك.
ثمة مثل عربي معروف، يقول: إن اللـه يظهر قوته في أضعف خلقه. وتمهيداً للإجابة عن سؤالك، أود أن أعيد صياغة هذا المثل العميق، على النحو التالي: إن اللـه يظهر قوته في أبعد خلقه عنه. وإليك بإيجاز بعض الأمثلة التاريخية عن بعض الناس، الذين كانوا أبعد الناس عن اللـه، ثم كان لهم شأن عظيم في المسيحية. ولأبدأ بالقديس بولس، ما دامت تستشهدين به.

1- بولس الرسول
كان يهودياً متطرفاً يدعى شاول، ومعنى اسمه هو «المطلوب من اللـه». وكان إيمانه مغلوطاً بالكلية، إذ كان يملي عليه إبادة كل من لا يؤمن بطريقته. وعليك بقراءة سفر «أعمال الرسل» في ما هو «العهد الجديد»، وفقرات من الرسائل التي كتبها بعد اهتدائه، لتدركي مدى تطرفه الدموي.
أما اهتداؤه، فكان صاعقاً، وكان هو بالذات أبعد الناس عن تصوّر توقعه! فانقلب إنساناً جديداً، حتى إنه كتب يقول: «إن كان أحد في المسيح، فهو خليقة جديدة»! وليس من ينكر البتة، منذ القديم حتى اليوم، أن بولس كان أعظم من بشر بالسيد المسيح. ومع أنه لم يكن من تلاميذ المسيح الأولين، فقد وُضِع على مرتبة واحدة مع القديس بطرس، الذي كان على رأس التلاميذ الذين اختارهم يسوع. وقد ألف اللاهوتيون الكبار أن يصفوا بولس بقولهم: «إنه الأول بعد الأوحد»، والأوحد في نظرهم هو السيد المسيح!

2- القديس أغسطينوس
هو إنسان عاش في ما هي تونس اليوم، من عام 354 إلى عام 430. وقد روى هو نفسه، في أواخر حياته، سيرته الذاتية، في كتاب بعنوان «اعترافات»، ليس من يجهله على نطاق المثقفين والمؤرخين والفلاسفة. كان خارق الذكاء، متفوقاً في علوم القانون والخطابة، وهو في سن مبكرة، وكان إباحي السلوك ويسعى بكل قواه إلى تدمير المفاهيم الدينية، ولا سيما المسيحية. كان والده ضابطاً رومانياً ثرياً، وأمه مسيحية.
وحدث له في تجوالاته الكثيرة، أن استمع إلى خطبة في كنيسة في مدينة ميلانو، في شمال ما هي إيطاليا اليوم، كان يلقيها أسقف شهير يدعى «إمبروسيوس». وكان هذا، فيما سبق، نائباً للإمبراطور الروماني، فأخذ أغسطينوس بما سمع، ثم نشأت بينه وبين الأسقف صداقة قوية، إثر الحوارات الطويلة التي جرت بينهما. وكان يومذاك في الثامنة والعشرين من عمره. فقرر أن يعود إلى بلده وبيت أهله، حيث انصرف كلياً إلى التأمل والقراءة والصلاة، وقد بات محط إعجاب الناس، إلا أنه لم يكن بعد قد اعتنق المسيحية. وجاء يوم اختير فيه أسقف على مدينته، على غير رغبة منه… ثم كان أن ذاع صيته أسقفاً حانياً على شعبه، وواعظاً وكاتباً… وبات له شأن كبير في شمال إفريقيا، ثم في إيطاليا وبلاد الغال. وأصبح مرجعاً لاهوتياً وكنسياً يُعتَد به، وهو إلى اليوم يعتبر مرجعاً لاهوتياً وفلسفياً، يُدرّس في جامعات العالم، وحتى في الجامعات العربية.

3- القديس فرنسيس
عاش من عام 1181 إلى عام 1226، في مدينة «أسيزي» في إيطاليا اليوم.
كان من عائلة ثرية، وكان وحيداً مع أخته في أسرة بالغة الثراء. كان فتى جميلاً، يتقن الغناء والعزف على القيثار، ويهوى السهر والعربدة. وأصبح ذات يوم فارساً، وكان الأمر آنذاك حلم كل شاب. ولما نشبت الحرب بين مدينة «أسيزي»، ومدينة أخرى مجاورة، انخرط في جيش مدينته واعتُقل. فأمضى في السجن سنة كاملة، أعاد خلالها النظر في حياته السابقة، وقرر التحرر مما كان فيه. وعندما أطلق سبيله، كان إنساناً آخر. وبات همه الوحيد الانصراف إلى الصلاة، والتأمل في جمالات الطبيعة، واستكشاف وجود اللـه فيها. فواجه مقاومة شرسة من والده، الذي حاول أيضاً تأليب الكنيسة والمجتمع عليه. إلا أن فرنسيس ظل على موقفه وسلوكه، في مسعى منه للتشبه بالمسيح على أكمل وجه… وإذا به يجتذب إليه العديد من رفاقه السابقين، وشيئاً فشيئاً امتدت العدوى الروحية إلى الجوار الضيق فالأوسع، حتى رأى أن يجمعهم جميعاً، في ما بات جماعة رهبانية، اتخذت لها بعد وفاته، اسم الرهبانية الفرنسيسكانية، تيمناً باسمه. وعندما مات، وهو بعد في الخامسة والأربعين، كان يقف حول نعشه خمسة آلاف شاب راهب!… ومن المعروف اليوم، أن الرهبانية الفرنسيسكانية منتشرة في العالم كله!
يبقى أن أضيف: إن ذلك كله قد حدث، يوم كانت الكنيسة في ما هي أوروبا اليوم، غارقة بمعظمها في غوايات السلطة الزمنية ومتاهاتها وتسلطها!
4- القديس أغناطيوس لوايولائي الإسباني
عاش في ما هي إسبانيا اليوم، من عام 1491 إلى عام 1556.
كان ضابطاً في الجيش الإسباني. وكان أن أصيب خلال إحدى المعارك بشظية كسرت ساقه، وهو في الأربعين من عمره. فخضع لعلاج طويل ومضن، وظل أشهراً طويلة طريح الفراش… وإذ به يعيد النظر في حياته، ويتساءل عن مسوّغات وجوده… وانتهى إلى قرار جديد غيّر مجرى حياته وحياة الكثيرين من بعد، في العالم، حتى اليوم. فقد أنشأ ما يعرف منذ ذلك الحين بجمعية الآباء اليسوعيين. وأرساها على أسس قوية وصارمة، بحيث يكون النظام فيها، أشبه بنظام عسكري في نطاق الطاعة والتنشئة الروحية واللاهوتية القوية والانضباط في تنوع المهمات، وتكامل المسؤوليات.
ومن المعروف اليوم، أن جمعية الآباء اليسوعيين منتشرة في العالم كله، وأنه كان لها دوماً دور كبير في شؤون الإدارة الكنسية واللاهوت المسيحي، والتنشئة الكهنوتية، والتطوير الثقافي والعلمي في مختلف المجتمعات.
يطيب لي أن أذكّر بأن الأب «فرانس» الهولندي، الذي أمضى حياته كلها تقريباً، في سورية، والذي كان له تأثير فريد وعميق حقاً، في شرائح واسعة ومختلفة من الشبيبة والعائلات فيها، والذي قضى شهيداً في حمص، عام 2015، ينتمي إلى هذه الجمعية.
حسبي هذه النماذج الباهرة، من أناس كانوا في غاية البُعد عن اللـه، ثم اهتدوا إليه بطرق مختلفة، وكان منهم ما كان!
فاللـه هو أبداً السر الأكبر! وهنيئاً لمن يلقاه!

كي تتعلم المسؤولية وأهمية العمل في الحياة، الأهل كانوا يدفعون أجرتك كي يقبل نجار مثلاً أو حلاق للسيدات أن تعمل عندهم في الصيف. هل أنت مع العمل في فترة الطفولة؟ وما سلبياته وإيجابياته؟ وماذا على الأهل أن يفعلوا من حيث التربية لأجل أطفالهم في زمن الأزمة السورية؟
هذا السؤال يثير قضايا حارقة وعاجلة، لا تعد ولا تحصى. وهي كلها تتعلق بالنهج التربوي، في المنزل والمجتمع على السواء. كما أنها تتعلق بطرائق التعامل مع الأطفال خصوصاً، ولا سيما في ما نحن فيه اليوم من أزمة طاحنة.
والحقيقة أن الموضوع المطروح، بات يتجاوز كلياً الحس التربوي السليم، الذي تشيرين إليه في سؤالك، والذي كان قديماً يدفع معظم الأهل، تلقائياً، خلال عطلة الصيف، لإشغال أطفالهم بأعمال يدوية ومهنية، تحول أولاً دون تشردهم في الشوارع، وانصرافهم إلى ما قد يسيء إليهم، سواء في الخفاء أم في العلن، وتعلمهم ثانياً أن يكتشفوا أعمالاً ومهناً، قد يحبونها، فيختارون بعضها وسيلة عيش كريم في المستقبل. ويومها لم يكن الوضع الاجتماعي العام، ولا الوضع التعليمي على ما كانا قد بلغاه في سورية، خلال السنوات الماضية، من تطور غير متوقع، قبل هذه الأزمة.
أما ونحن في قلب العاصفة الهوجاء منذ ست سنوات، فالأسئلة المطروحة لم تعد تخص الطفل وحده. ولو شئنا جدلاً أن نخص الطفل ببعض الأسئلة، فإننا سنجد أنفسنا مضطرين لمواجهة أسئلة أخرى، ملحة وجذرية، تطول المجتمع برمته، أي بجميع ما له من أسس ومقومات، سابقة وحالية، وبجميع ما طرأ عليه من مستجدات، ما كان لأحد أن يتوقعها، وخصوصاً بجميع ما يلوح من مقتضيات جديدة، مهما كانت محيرة. فالطفل جزء من كل، وهذا الكل يتعرض منذ عشرات السنين، لهزات خطيرة، ومتلاحقة، ما كان يجوز تجاهلها. إلا أنه يتعرض اليوم لزلزال ممنهج، عالمي، مدمر ومتتابع، وهو يتواصل منذ ست سنوات، بتصميم جهنمي لا يرحم. وهو يفرض بالتالي على الجميع، طرح الأسئلة الحارقة، التي تم تجاهلها فيما مضى، كما يفرض البحث الصادق والجاد والمتتابع، عن الأجوبة المطلوبة، أو أقله عما يبدو ملحاً من أجوبة مطلوبة، لتوفير الشروط الدنيا الضرورية، أو ما يبدو منها ضرورياً الآن، للحؤول دون استمرار الزلزال أولاً، وللعمل ثانياً على بناء الإنسان، كل إنسان من دون استثناء، لمواجهة مهمة بناء البلد، ومن ثم لبناء المناعة الكفيلة برد الزلازل القادمة.

هل يخلق المرء مختاراً لرسالة ما؟
هذا السؤال بالذات يطرح مشكلة فلسفية في منتهى التعقيد، وقد أثارت لغطاً كثيراً، قديماً وحديثاً، ولسوف تثير، ما دام هناك إنسان على وجه الأرض. كما أنها فتحت الأبواب أمام جميع الاحتمالات، والاستنتاجات، والتصورات، بشأن حرية الإنسان. ولقد أجبت عنه، على نحو غير مباشر، في ردي على سؤالك الثالث من هذا الحوار.
إلا أني، على ما في هذا السؤال من تعقيد ظاهر، أود أن أجيب عنه بسؤال هو في منتهى البساطة، ولكنه ينطوي في نظري، على مفتاح للأسئلة الكبيرة، اللاحقة والبالغة التعقيد، التي تتلخص في السؤال الكبير والأوحد، التالي:
هل الإنسان مسيَّر أم مخيّر؟
أما هذا السؤال المفتاح، فإنه ينطلق من تكوين جسد الإنسان بالذات وحسب، وينتهي عنده، وهو التالي:
أوليس في تكوين جسد الإنسان، كل إنسان، رجلاً وامرأة، ما يعلن بكل جلاء أن هذين الجسدين إنما كُوّنا، أي خُلقا من أجل رسالة ما؟
وإن كان لي أن أواصل طرح بعض الأسئلة، الكاشفة، أقل: أوليس في قلب الإنسان كل إنسان، شاباً وفتاة، رجلاً وامرأة، من دوافع الحب والتكامل الطبيعيين، ما يعني أيضاً بكل وضوح، أنهما كونا، أي خلقا من أجل رسالة حب وتكامل، تثمر طفلاً سيحمل بدوره يوماً، رسالة حب وتكامل؟
ثمة سؤال أخير وأتوقف:
هذا الطفل الوليد العجيب، هل يخفى على كل ذي عقل سليم، أن مجرد إطلالته تجدد بدورها، على نحو عجيب ودائم، اختبره كل إنسان سليم، يعيش في ظروف سليمة، خلق والديه، من أجل رسالة متجددة إلى ما لا نهاية، هي رسالة حب وتكامل؟
وأما إن حرم الإنسان، شاباً وفتاة، رجلاً وامرأة، حق ممـارسة هـذا الـحب وهـذا التكامل، فهل تراه يبقى إنساناً؟
ولئن كان تكريم الإنسان على الأرض، كل إنسان، شاباً وفتاة، رجلاً وامرأة، يعني صريحاً، وفي الحدود الدنيا، منحه حقه الطبيعي والكامل في ممارسة هذا الحب- التكاملي، فما بالنا بالحقوق اللامحدودة، التي يهبه إياها الخالق الأعظم، وقد خلقه في «أحسن تقويم»؟

الإيمان هل هو طوعي أم إلزامي في حياة البشر؟
تسألينني ما إذا كان الإيمان في حياة البشر، طوعياً أو إلزامياً.
دعيني أجبك بكلمة واحدة:
بل هو طبيعي، طبيعي وحسب.
أجل الإيمان في حياة كل إنسان، أمر طبيعي، أي إنه ينبع من طبيعة الإنسان، أي من فطرته السليمة.
وهذا ينطبق على جميع أنواع الإيمان، بدءاً من الإيمان باللـه، مروراً بالإيمان بالذات، وانتهاء بالإيمان بالإنسان.
الموضوع قابل لشروحات مستفيضة، إلا أني أوجزها، ما دمنا نتحدث في نطاق مقال صحفي، وإن كنت أطلت بعض الشيء، في ردي على سؤالك الأول من هذا الحوار.
ما من أحد يجهل أن تاريخ البشرية كلها يشهد على تسليم الإنسان، الطبيعي والفطري، بدءاً من الإنسان البدائي، بوجود قدرة خالقة، لا يمكن تفسير سر وجود هذا الكون من دون اللجوء إليها. أما أسماء هذه القدرة الخالقة، والصور المختلفة التي تشكلت عنها لدى البشر، فليس من شأننا الآن. فما بالنا بما اكتشفه ويكتشفه العلماء على اختلاف اختصاصاتهم وانتماءاتهم، من أسرار في هذا الكون، في ما هو في منتهى الصغر، من ذرة وسواها، وفي ما هو في منتهى الكبر، من مليارات المجرات وسـواهـا؟
أما الإيمان بين الناس، فإنما هو الثقة، أجل الثقة بين الناس وحسب، تلك التي يتبادلونها جميعاً بالفطرة أيضاً، بدءاً بالثقة بين الرجل والمرأة في الأسرة، التي هي الخلية الأولى والأساسية في جميع المجتمعات… ومروراً بثقة الأبناء بوالديهم، وامتداداً إلى جميع مرافق الحياة البشرية، من الحي إلى البلدة، إلى المدينة، إلى المنطقة، وإلى الدولة، ومن ثم إلى الدول جميعاً، وإلى ما يجمعها من مؤسسات دولية، وُجِدت أصلاً لنشر الثقة بين الناس على وجه الأرض، وللإبقاء عليها.
وماذا إذا فقدت الثقة في أي من هذه الحلقات الإنسانية، بدءاً من الأسرة؟
وأما إذا انعدمت الثقة على نطاق أوسع فأوسع، حتى تشمل البشرية جميعاً، كما هي الحال اليوم، فليس أمامنا سوى اللجوء إلى اللـه، في توبة صادقة، سائلين إياه وحده الرحمة، قبل حلول الكارثة…
وقد يكون اللـه، جلّت حكمته ومحبته، تدخّل في ما يقع الإنسان فيه.
وهذا هو بالذات ما حصل في دمشق منذ شهر تشرين الثاني من عام 1982، في حي متواضع هو حي الصوفانية، وإني لأجزم بأن ما حدث منذ ذلك الحين، حتى تاريخ 17 نيسان من عام 2014، في نطاق هذا البيت، يجب على الجميع معرفته والأخذ به، في ضوء ما جرى ويجري في سورية والمنطقة كلها، والعالم!

بهذا الوقت إذا طلب منك أن تقول عظة… ماذا تقول للناس عامة وللسوريين وللمؤمنين؟
طريف هذا السؤال. ولاسيما أنني من عشاق الوعظ.
إلا أن عظتي اليوم، لن تكون مني. ولن أخص بها السوريين والمؤمنين وحدهم.
أود فقط أن أذكّر الجميع بآيتين عظيمتين، تعيدان كل إنسان إلى أصله وغايته.
الأولى من القرآن الكريم، وقد جاء فيها:
«يا أيها الناس،
إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند اللـه أتقاكم».
والثانية من الإنجيل المقدس، يقول فيها يسوع:
«أحبوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم.
أحبوا أعداءكم، وصلوا من أجل الذين يضطهدونكم.
إن أحببتم من يحبكم، فأي فضل لكم؟»
هل من حاجة لمزيد؟

ما المشروعات التي تريد أن تنجزها وكنت قد خططت لها. وما الذي ستقدمه بعد جوقة الفرح وما الذي تخططه لها؟
هذا السؤال، على بساطته، محرج، لأنه ما من إحراج يتجاوز إحراج الإنسان الذي يضطر للتحدث عن نفسه.
إلا أني سأجيب، ولكن ضمن عموميات، أرجو أن يمكنني اللـه من إنجاز بعضها.
1- في نطاق الكلمة
1. أتابع التأليف وأرجو أن يصدر لي قريباً مؤلفان، أعتقد أنهما من الأهمية بمكان. الأول باللغة العربية، وهو بعنوان «المسيحية واليهودية، بين الماضي والحاضر». والثاني، باللغة الفرنسية، وهو يضم رسائلي المفتوحة إلى المسؤولين الكنسيين والمدنيين في الشرق والغرب.
2. أنهيت الترجمة الفرنسية لكتاب مهم، كان قد وضعه المفكر العربي انطون المقدسي، حول «حدث الصوفانية». وأرجو نشره قريباً.
3. ثمة مؤلفات أخرى بالعربية، باتت جاهزة للطباعة، من السابق الآن الإعلان عنها.
2- في نطاق جوقة الفرح
1. مشروعات داخل سورية:
آ. في 27/2/2017، مساهمة الجوقة الكبرى في إحياء ورشة الجوقات التي ستقام في دار الأسد، مع العديد من الجوقات القادمة من مختلف المحافظات.
ب. في 22-25/5/2017، تقدم جوقة الفرح الجامعية، أمسية غنائية، أؤثر ألا أعلن عن عنوانها.
2. مشروعات خارج سورية
حسبي أن أشير إليها اليوم، وإلى أهميتها وضرورتها، وإنها لكثيرة، كما أرجو.
إلا أني لا أريد أن أستبق أي شيء.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن