سورية

بانتظار الثمن.. أردوغان أولى «المعجزات» أمام بوتين لإقامة تحالف إقليمي لضرب داعش

يبدو أن حديث نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم عن «معجزة كبيرة جداً» يحتاج إليها «رجل المعجزات» الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنجاح مسعاه بإقامة تحالف دولي إقليمي لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي ويضم إلى سورية كلاً من تركيا والسعودية وقطر إضافة إلى روسيا وأميركا وغيرهم، بدأ يتضح فعلاً أمام استمرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بـ«مشاغباته» ومغامراته السياسية ودفعه المنطقة باتجاه المزيد من التوتر، وسط أنباء عن حشود عسكرية تركية دفع بها أردوغان باتجاه الحدود السورية بذريعة الاستعداد للتدخل لضرب داعش من جهة وضرب وحدات الحماية من جهة أخرى.
ورغم إعلان الرئاسة التركية الثلاثاء، أن أي إجراءات أمنية تتخذها تركيا على حدودها مع سورية سيكون هدفها تأمين الحدود فقط، نافيةً وجود أي خطط عدائية لدى أنقرة في رسالة تطمين ربما موجهة لموسكو وواشنطن، بأن أردوغان ينتظر «الثمن». ورغم توالي تحذيرات سياسيين وعسكريين أتراك من مغبة ومخاطر مغامرة كهذه وأنها بمنزلة «انتحار» سياسي، إلا أن أردوغان ما يزال يحتاج إلى ممارسة «تهديدات» كهذه وبمنسوب مرتفع يشاغب على المساعي الروسية وما تضمنته -في حال إطلاقها- من مباركة أميركية وإقليمية، فتهديداته وإن لن يكتب لها التنفيذ فبأقل تقدير يعتقد أنها ستعود عليه بثمن جيد يحتاج إليه لتعويض خسارته في الانتخابات البرلمانية.
ومساء الإثنين انتهى اجتماع مجلس الأمن القومي التركي بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، ببيان وصفه مراقبون بأنه كان مقتضباً وهادئاً، إذ عبر عن «قلق» المجلس إزاء الجرائم المرتكبة بحق المدنيين في المنطقة، في إشارة إلى جريمة تنظيم داعش الإرهابي في مدينة عين العرب السورية مؤخراً، كما أدان عمليات «التغيير الديموغرافي في المنطقة»، في إشارة لاتهامه وحدات الحماية بممارسة «التطهير العرقي والتهجير» في منطقة تل أبيض بحق السكان العرب والتركمان.
في المقابل ورغم انطلاق 32 دبابة أمس فضلاً عن عربات وحافلات نقل الجنود، من قيادة اللواء المدرع الخامس، في ولاية غازي عنتاب، باتجاه بلدة إيلبيلي في كيليس، المتاخمة للحدود مع سورية، لتضاف إلى ما نشره الجيش التركي الإثنين، من مدرعات عسكرية في نقاط على الحدود مع سورية، في ولايتي غازي عنتاب وكيلس، إلا أن خبراء يرون أن عمليات الانتشار هذه ورفع التدابير الأمنية هي أقصى ما يستطيعه أو يتمناه وحتى يوافق عليه الجيش التركي الذي لا ينتظر منه أن يتخذ أي خطوات دون اختيار رئيس البرلمان.
فبالأمس، أعلنت الرئاسة التركية أن أي إجراءات أمنية تتخذها تركيا على حدودها مع سورية سيكون هدفها تأمين الحدود فقط، ونفت وجود أي خطط عدائية لدى أنقرة.
وقال إبراهيم قالين الناطق الرسمي باسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تعليقاً على تسريبات صحفية تحدثت عن خطط أنقرة لشن عملية عسكرية عبر الحدود في سورية: «تفسير الإجراءات التي نتخذها والمتصلة بأمن الحدود على أن «تركيا ستشترك في الحرب».. غير منطقي».
وكانت صحيفة «ستار» الموالية لأردوغان، نقلت في وقت سابق عن مصادر قولها: إن اجتماع مجلس الأمن القومي التركي سيبحث قريباً القيام بعملية محتملة عبر الحدود.
وأضافت الصحيفة: إن بين الخيارات التي يمكن بحثها إقامة «منطقة آمنة» تمتد 110 كيلو مترات مع سورية، لمنع تسلل عناصر تنظيم «داعش» إلى الأراضي التركية.
أما رئيس حكومة تصريف الأعمال أحمد داود أوغلو فقال في تصريحات بثت مساء الأحد الماضي: «إذا لحق أي ضرر بأمن الحدود التركية وإذا خلصت تركيا إلى أن حديقة السلام هذه مهددة فهي مستعدة لمواجهة أي احتمال»، «سنتخذ الإجراءات اللازمة للحد من المخاطر المتعلقة بأمن الحدود».
وقالت مصادر إعلامية: إن القيادة التركية قلقة للغاية من تطورات الأوضاع قرب الحدود، حيث تستمر المعارك الشرسة بين تنظيم داعش ومقاتلي «وحدات حماية الشعب».
وأوضحت المصادر، أن القيادة السياسية في تركيا طلبت من رئيس هيئة أركان الجيش وضع خطة عسكرية لدخول الأراضي السورية لمسافة تقدر بـ110 كيلو مترات وبعمق يتراوح بين 28 و33 كيلو متراً، وذلك للحيلولة دون إنشاء «كيان كردي» شمالي سورية، وللقضاء على خطر «داعش» وإبعاده عن الحدود التركية.
وقدرت تقارير محلية عدد الجنود الذين سيشاركون في هذه العملية بـ18 ألفاً بمشاركة من جهاز الاستخبارات التركي.
في المقابل أكد رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي كمال كيليتشدار أوغلو أن أردوغان يحرض على الحرب من أجل تحقيق مصالحه وأهوائه الشخصية على حين تركيا تفتقر إلى حكومة فعالة.
وقال كيليتشدار أوغلو في حسابه على موقع «تويتر»: «إن الحروب ليست تسلية للأطفال كما أنها ليست أداة السياسيين لتلميع سمعتهم التي خسروها بل السياسي الجيد هو الذي يعي أن الحروب لا تحقق له ما يسعى إليه من نجاحات بقدر ما تسبب للجميع من دمار وآلام».
وفي مقابلة مع صحيفة «حرييت» انتقد كيليتشدار أوغلو محاولات أردوغان الجديدة شن عدوان عسكري على سورية مذكراً بالتسجيلات الصوتية المسربة لاجتماع عقد في مقر وزارة الخارجية التركية وكيف تتم محاولة اختلاق ذرائع تسوغ هذا العدوان؟.
وقال كيليتشدار أوغلو: «إن الحفاظ على سمعة تركيا ومكانتها في العالم هو مهمة كل الأتراك فهناك حكومة مؤقتة ومن واجباتها مناقشة موضوع أي تدخل في سورية، على حين نرى أن رئيس الدولة هو الذي يتحدث قبل رئيس الوزراء الأمر الذي يبرهن على وجود مشكلة في الإدارة وعدم تجاوز عقلية الوصاية».
وأكد أن «تركيا ستدفع ثمناً أكبر مما تدفعه اليوم إذا حاولت التدخل العسكري في سورية حيث لا يشبه هذا الموضوع الجلوس في القصر الرئاسي»، مشدداً على أن حكومة حزب العدالة والتنمية لم تتمكن من قراءة التوازنات الدولية منذ البداية ولذلك أوصلت تركيا إلى هذه المرحلة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن