قضايا وآراء

إسقاط طائرة أم المنظومة؟

| بيروت – رفعت البدوي 

أن تصحو على رنين الهاتف قرابة الرابعة فجراً فهذا يعني أن أمراً جللاً قد حصل ومعه تبدأ رحلة طويلة من التكهنات مع شريط طويل من الأسئلة لتنتهي الرحلة فور وضع سماعة الهاتف على إذنك لتسمع من خلالها أجمل سمفونية مؤلفة من ثلاث كلمات «أسقطنا طائرة إسرائيلية». انشغل العالم بهذا الحدث الذي اعتبره العدو الإسرائيلي وأعوانه بالخطير في حين كانت البهجة تعلو محيا الشعب العربي مسترجعاً شريط انتصار عام 2006 في جنوب لبنان الذي كسر شوكة وهيبة وغطرسة العدو الإسرائيلي.
تحليلات وتفسيرات وتوقعات كثيرة امتلأت بها شاشات التلفزة والصحف كانت بمجملها تدور حول مآلات وتطور الأمور عسكرياً وسياسياً لكن بالعودة إلى تسلسل الأحداث نكتشف الآتي: في العاشر من الشهر الحالي شهدت روسيا اجتماعاً بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يرافقه عدد من الباحثين والعسكريين في محاولة لتغيير الموقف الروسي في سورية لكن نتنياهو عاد من موسكو بخفي حنين وغير مرتاح للكلام الروسي.
الناطق باسم الرئاسة الروسية «بيسكوڤ» تقصّد اذاعة بيان رسمي قُبيل اجتماع بوتين نتنياهو في موسكو ينفي فيه مزاعم الإعلام الإسرائيلي وبعض الإعلام العربي الذي أفاد أن روسيا سمحت لسلاح الجو الإسرائيلي بالإغارة على شحنات أسلحة في طريقها إلى حزب الله انطلاقاً من الأراضي السورية بيد أن هذا البيان أزعج نتنياهو ما ترك جواً مشحوناً صاحب لقاءه بوتين.
نتنياهو لم يستكن وفور عودت وإلى القدس أعطى أوامره بشن غارة على الأراضي السورية بحجة ضرب قافلة أسلحة كاسرة للتوازن تابعة لحزب الله، أما الحقيقة فإن الغارة هدفت إلى تحقيق أمرين:
أولاً استثمار نتائج الغارة سياسياً في الداخل الإسرائيلي بعد تهكم معظم وسائل إعلام العدو على نتنياهو نتيجة تقبله قساوة كلام بوتين.
أما ثانياً فهو إحراج روسيا أمام الحلفاء سورية وإيران وإحداث شرخ بينهم.
انطلقت الطائرات الإسرائيلية باتجاه العمق السوري في مهمة بدت للعدو الإسرائيلي أنها ستكون كسابقاتها سهلة وتحقق أهداف العدو كما أسلفنا لكن الرد السوري بإطلاق صورايخ مضادة للطائرات بعيدة المدى وملاحقتها حتى داخل المجال الجوي للعدو الإسرائيلي وتأكيد الأركان السورية على إسقاط طائرة إسرائيلية واختفائها عن شاشات الرادار قلب الموازين والطاولة رأساً على عقب ما أصاب العدو بذعر لم يسبق له أن أصيب به من قبل.
هذا يعني:
1) فشل كل المحاولات للنيل من عزيمة وعقيدة وبوصلة الجيش العربي السوري وأن سورية أعادت بناء قواها الدفاعية على الرغم من المؤامرة المستمرة منذ ستة أعوام وإن موسم حصاد النصر السوري قد بدأ فعلاً.
2) استكمال الاستعداد في سورية لمواجهة أي عدوان إسرائيلي مع توقع استمرار مثل تلك الغارات واحتمالات تطورها.
3) اعتراف العدو الإسرائيلي بأن قواته الجوية لم تعد حرة الحركة حتى ضمن مجاله الجوي والإقرار بأن أي عمل عسكري إسرائيلي ضد سورية صار يعتبر مغامرة كبيرة لأن الرد السوري سيكون عنيفاً مع وجود احتمال أن يكون الرد في المرة القادمة «روسياً».
4) إن قرار إطلاق الصواريخ السورية لم ينجح فقط بإسقاط طائرة إسرائيلية إنما القرار السياسي والعسكري السوري نجح في إسقاط ركائز المنظومة الإسرائيلية وأن سورية بدأت سلوك الطريق المؤدي لإنهاء الأزمة.
قرار الخارجية الروسية باستدعاء غير مسبوق لسفير العدو الإسرائيلي في موسكو (غاري كورين) هو تعبير عن الغضب الروسي من الغارة الإسرائيلية على سورية هو رسالة روسية قوية تشير إلى عدم التزام نتنياهو بما اتفق عليه مؤخراً في الاجتماع الذي ضم فلاديمير بوتين وبينيامبن نتنياهو الأسبوع الماضي وأيضاً لإفهام الأخير أنه من غير المسموح بتجاوز الخطوط الحمراء التي رسمت وإلا فإن روسيا سوف تجد نفسها غير قادرة على منع نشوب مواجهة بين محور سورية إيران المقاومة وبين العدو الإسرائيلي وإن روسيا لن تمانع لأي رد سوري في مواجهة أي اعتداء إسرائيلي مهما تكن نتائجه.
مرجع سوري رفيع أكد لي قائلاً: إننا مطمئنون إلى مسار الأمور عسكرياً وسياسياً حتى المواجهة الشاملة مع العدو الإسرائيلي مؤكداً أن أي عمل عسكري أميركي إسرائيلي بدعم عربي لن تكون نتائجه إلا الهزيمة النكراء للعدو الإسرائيلي وحلفائه وسنترجم ذاك الانتصار بتحرير كامل الجولان المحتل ومهما حاولوا وجربوا وفجروا فلن ينالوا من عزيمة الشعب السوري العظيم الذي بات يمتلك الوعي الكامل متسلحاً بالمناعة الصلبة ضد كل المؤامرات مع تصميم في التصدي لمحاربة كل أشكال الإرهاب مهما كانت التضحيات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن